الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رشيد المصرية .. ملتقى البحر بالنهر وتاريخ الفراعنة بحضارة العرب

رشيد المصرية .. ملتقى البحر بالنهر وتاريخ الفراعنة بحضارة العرب
11 مايو 2014 21:14
كل شيء في مدينة رشيد المصرية، والتي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وبالتحديد عن نقطة التقاء نهر النيل بالبحر، يؤكد أنها مدينة إسلامية خالصة بل هي ثاني أكبر المدن الإسلامية المصرية بعد القاهرة الفاطمية، ولقد شهدت المدينة العديد من الأحداث المهمة في تاريخ مصر الحديث، وهناك العديد من الروايات التاريخية، التي تؤكد قدم هذه المدينة ووجودها منذ عهود الفراعنة، وذلك من خلال اكتشاف حجر رشيد بها في فترة الحملة الفرنسية. أشهر روايات قيام رشيد تقول إن الملك “نارمر” أو “مينا” حينما أتى قادماً من الصعيد إلى رشيد سعياً وراء توحيد شطري وادي النيل اصطدم بأهل المدينة، وهم طائفة كانت تدعى “رخيتو” وتعني عامة الناس، وهي كلمة قريبة الشبه بكلمة “Rachik” القبطية الأصل، والتي تحوّلت إلى رشيد فيما بعد. إلى ذلك، يلقي الباحث في علم الآثار مدحت الدسوقي الضوء على المدينة، قائلاً: “يُرجح بعض المؤرخين أن مدينة رشيد بُنيت على أنقاض مدينة “أبولبتين القديمة”، والتي كانت تعد من الأسواق الرائجة في العصرين الفرعوني واليوناني”. كما تذكر بعض الروايات أنه في عهد الأسرة الفرعونية التاسعة عشرة، أقام الملك منفتاح أو (منبتاح) استحكاماته على الضفة الغربية لفرع رشيد، بعدما تعددت عليها هجمات الليبيين والإغريق الصقليين، ويذكر أن أول المعارك، التي انتصر فيها المصريون على أوروبا وقعت على أرض رشيد. أما التاريخ الحقيقي المكتوب لمدينة رشيد، فقد بدأ في العهد الإسلامي، وقد ورد في “فتوح الشام” للواقدي أن عمرو بن العاص كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب يخبره بفتح “مريوط” و”الإسكندرية” و”رشيد” و”فوه” وغيرها من بلاد الوجه البحري. الإسلام في رشيد يلتقط فوزي الزفزاف مدرس تاريخ من أبناء المدينة الحديث قائلاً إن الإسلام دخل رشيد على يد عمرو بن العاص عام 641 م، وعقد “قزمان” حاكم رشيد القبطي وقتها معاهدة مع عمرو بن العاص، وأدى الجزية، ولم تمس يد الفاتحين كنائس الأقباط بسوء، بينما مس الإسلام قلوب معظم أبنائها فأسلموا وعندما رحل عمرو بن العاص إلى القاهرة فضّل بعض من كانوا معه من الصحابة السكن في “رشيد” فبنوا المساجد، وكان من بين هؤلاء الصحابة عبد الله بن الصامت، ومنذ ذلك التاريخ أصبح الطابع الإسلامي هو الطابع السائد للمدينة، والتي شهد أكبر مساجد رشيد هو مسجد زغلول، والمقام على 244 عموداً من الجرانيت والرخام، تحمل فوقها نحو 200 قبة صغيرة، ويسمى بمسجد زغلول نسبة إلى أحد المماليك، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1545م، وكان مركزاً مهماً للحركة العلمية والدينية. ويسجل التاريخ أنه من هذا المسجد صدرت إشارة البدء في مقاومة حملة فريزر البريطانية عام 1807 وكانت الإشارة «الأذان» وترديد نداء الله أكبر، وقد حطم الإنجليز إحدى مئذنتيه، التي انطلقت منها إشارة الهجوم، بالإضافة إلى عدد كبير من القباب.ت ازدهاراً اقتصادياً وعمرانياً كبيراً خاصة بعد أن أصبحت الفسطاط عاصمة لمصر بدلاً من الإسكندرية لتزداد أهمية رشيد. ويضيف: “من الحقائق التاريخية المؤلفة أن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح كان له أثر كبير على ازدهار الملاحة التجارية في فرع النيل برشيد”. أما أشهر الروايات التي تتناول تاريخ رشيد فتقول إن رشيد بملامحها الثابتة قد تم تأسيسها في عهد الخليفة المتوكل على الله العباسي عام 870هـ، وهي الرواية التي تلقي ارتياحاً من جانب كل الباحثين والمؤرخين، حيث إن كل الروايات السابقة مجرد اجتهادات، حيث كانت تعتمد على بعض ما ورد في رسائل أو سطور مشوشة حول مدينة تقع عند ملتقى النيل بالبحر، أما ما يرجح الرواية الثانية فهو انتشار العديد من المساجد والتي تقترب طرازها وتصميمها من المساجد التي تم تشييدها إبان العصر العباسي وما بعدها من عصور لاحقة، والتي يغلب عليها جميعاً الطابع الإسلامي، بالإضافة إلى عدد كبير من الأسبلة، ومن أشهر هذه المساجد مسجد أبومندور أو أبوالنضر، والذي يحتل موقعاً فريداً في المدينة أعلى تل يعرف باسم المسجد، وهذا التل أشبه بشبه جزيرة مثلثة الشكل ينحدر في اتجاه النيل ويقع المسجد عند رأس المثلث تماماً، ويطل على النيل مباشرة. ويذكر الرواة أن أبا النضر والذي أطلق اسمه على المسجد قدم من كربلاء وأن نسبه ينتهي إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. ويوضح الزفزاف “للمسجد ثلاثة أبواب من الشمال والشرق والغرب ويرتفع سقفه الخشبي على أربعة أعمدة من الرخام الأبيض المزخرف كما يحوي حجرة خاصة لقبر صاحب المسجد”. آثار خالدة يقول مجدي نافع مدير متحف آثار رشيد إن أشهر آثار رشيد هي القلعة التي بناها السلطان قايتباي عام 1472م، لحماية المدينة وهي عبارة عن بناء مربع الشكل من الحجر والطوب الأحمر الرشيدي، وفي كل ركن من أركانها الأربعة برج مستدير. والقلعة محاطة بعدد من الخنادق وسور كبير، وهي تشبه إلى حد كبير الحصن الداخلي لقلعة قايتباي بالإسكندرية، أما السلطان قنصوة الغوري والذي يعد من آخر سلاطين المماليك فقد شيّد سوراً حول المدينة لحمايتها من الغزو العثماني. وبخلاف المساجد والقلاع هناك عدد كبير من المساكن الأثرية مثل منزل البقروللي ومنزل عثمان أغا الأصلي ومنزل “عرب كلي”، وقد تم تحويله إلى متحف. أما المنزل الأكثر شهرة فهو منزل “المازوني” وصاحبه السيد محمد البواب المازوني، والد زبيدة التي تزوجها “مينو” القائد الثالث للحملة الفرنسية. ويوضح نافع “أشهر الأحداث التي وضعت رشيد على خريطة التاريخ الحديث، تتعلق بملحمة رشيد، التي نجح فيها شعب المدينة في القضاء على حملة فريزر الإنجليزية بقيادة محافظها الشجاع “علي بك السلانكلي” والشيخ حسن كريت، وقد أرخ لهذه الملحمة عدد كبير من الكتاب مثل “البغدادي” في كتابه “إيضاح المكنون”، والرافعي في “تاريخ الحركة القومية”، وكذلك المقريزي وبن إياس والجبرتي. ودخلت رشيد التاريخ عندما وصلت أخبار انتصار أهلها على الإنجليز إلى القاهرة، وكانت رؤوس القتلى الإنجليز تصل إلى القاهرة يومياً ويطاف بها في شوارع المدينة. وقد اختارت رشيد هذا اليوم ليكون عيداً قومياً لها. حجر تاريخي حول حجر رشيد، يقول المهندس إبراهيم الشيمي، رئيس مجلس مدينة رشيد، إن اكتشاف حجر رشيد أعطى للمدينة أهمية كبرى ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى العالمي، وترجع قصة اكتشاف الحجر إلى عام 1799 عندما كان أحد ضباط الحملة الفرنسية، ويدعى “بوشار” مكلفاً بوضع أساس قلعة “جوليان”، وهو اسم أحد ضباط الحملة، الذين لقوا حتفهم في هذا المكان، وأثناء عمليات الحفر بالقرب من قلعة قايتباي تم العثور على الحجر الجرانيتي الأسود، والذي يبلغ طوله 115 سم، وعرضه 73سم، وسمكه 58 سم، ولفت نظر رجال الحملة النقوش الغريبة الموجودة على الحجر، وقد ظل الحجر موجوداً في مصر حتى عام 1801 قبل أن يتم نقله إلى لندن بموجب اتفاق بين فرنسا وإنجلترا، وبعدما يقرب من ربع قرن نجح العالم شامبليون ونخبة من العلماء في حل رموز الحجر للوصول إلى لغة الكتابة الهيروغليفية والديموطيقية واليونانية القديمة، وتوجد نسخة مقلدة من الحجر في متحف رشيد، بينما تظل النسخة الأصلية كواحدة من أهم القـطع الأثرية في المتحف البريطاني. ويضيف الشيمي: “يضم متحف رشيد وثيقة إسلام وزواج آخر قادة الحملة الفرنسية في مصر الجنرال “مينو”، والذي تزوج من “زبيدة” ابنة أحد أعيان رشيد، بعدما أسلم وأطلق على نفسه الشيخ عبد الله مينو، وأنجب منها ابنه سليمان، قبل أن يغادروا مصر عائدين جميعاً إلى فرنسا، ولا يوجد ما يدل على أن زبيدة عادت إلى مصر مرة أخرى هي أو ولدها سليمان، على عكس ما ورد في قصة غادة رشيد للأديب علي الجارم. (وكالة الصحافة العربية)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©