الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البرامج الحوارية العربية تعاني ضعف الإعداد والتقديم

البرامج الحوارية العربية تعاني ضعف الإعداد والتقديم
11 مايو 2014 21:17
من أبرز سمات وخصائص البرنامج الحواري التلفزيوني شموله العديد من العناصر الدرامية، وأهمها الموضوع والشخصيات والإخراج والحركة والإضاءة والديكور وسمة العرض، وحركة اليدين والنبرة، ولهذا يصاب المشاهدون بالملل عندما يطيل أحدهم في الكلام، ولو كان مهما من ناحية المعلومات، التوثيقية والتاريخية. وصفة النجاح مبدئيا يجب أن يتولى فريق عمل واسع، الإعداد للبرنامج الحواري ومتابعته، وتجهيزات الاستديو بالمعدات والأضواء المناسبة. ويجب على مقدم البرامج الحوارية، رغم تعليمات المخرج والمنتج وفريق المصورين والصوت، أن يتصرف بعفوية، وفي ذلك قدر لا بأس به من “التمثيل”، الذي لا يظهر للمشاهدين غير المهنيين. وليس سهلا إتقان هذا “الدور”، على كثيرين، ومن هنا ندرة مقدمي البرامج الحوارية التلفزيونية الناجحين، الذين يستطيعون التوفيق بين هذه المتطلبات من جهة، وبين الرصانة الموضوعية والحؤول دون استغلال البرنامج، وتمرير رسائل التفافية ومبطنة للتأثير على المشاهدين. ولكن مع تزايد القنوات الفضائية في السنوات الماضية؛ شهد الفضاء العربي طفرة في مقدمي البرامج الحوارية، وكان لذلك ملامح ومؤشرات إيجابية، لكن كثيراً من هؤلاء المقدمين والمعدين لم يغتنموا الفرصة الذهبية التي أتيحت لهم. ذات مرة تحدث الكاتب السعودي بدر بن أحمد كريّم عما حصل معه حيث دعته إحدى المحطات ليتحدث في برنامج عن جائزة الملك فيصل العالمية فراح يتحضر للبرنامج، ويحدّث معلوماته حتى يستطيع الإجابة على كل الأسئلة، فإذا به “يساق” إلى الحديث عن “غَرق العبارة البحرينية وتوابعه”، قائلا: إنه لو لم يكن “على الهواء لانسحبتُ فوراً تقديراً للمشاهِد”. وفي ندوة بعنوان “القضايا العربية في البرامج الإعلامية الحوارية .. المصداقية والمهنية”، ضمن النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة بدورته للعام الماضي، اعتبرت أميرة كشغري، الأستاذة في جامعة الملك عبد العزيز، أن نسبة المصداقية والموضوعية في “برامجنا الحوارية فيما يتعلق بالقضايا العربية لا تصل في أعلى صورها إلا إلى أقل من 50%”، مضيفة: إن “البرامج العربية الحوارية، إضافة إلى فقدانها كثيراً من المهنية، تفتقر بشكل كبير إلى الإعداد العميق، وتتميز بضعف الابتكار”. حجم المشاهدة ما يزيد من أهمية الإعداد والتقديم في البرامج الحوارية حساسيتها البالغة أحيانا؛ فبفضل سماتها تستقطب هذه البرامج عادة جمهورا واسعا من المشاهدين. وقد يصل عدد مشاهدي بعض البرامج الحوارية الشهيرة إلى عشرات من الملايين، مثلما حال برنامج المقدمة الأميركية أوبرا وينفري، “أوبرا شو”، الذي كان يحظى، قبل توقفه في مايو من عام 2011، بمشاهدة واسعة وصلت في إحدى حلقاته إلى ماة مليون مشاهد، وفق بعض المصادر. وعدا القنوات الإثنتي عشرة، التي كانت تنقل هذا البرنامج، وبينها قناة عربية، هي “أم بي سي”، يعزو البعض نجاح البرنامج لما يتمتع به “من أفكار متنوعة وبسيطة ومثيرة لجمهوره كما يطرح البرنامج قضايا تهم شرائح اجتماعية واسعة، ويعالج مشكلات إنسانية ويضع الحلول لكثير من الهموم التي يعرضها المشاركون في البرنامج”، استنادا إلى الدكتورة هدى مالك شبيب، الأستاذة في جامعة بغداد، إضافة إلى أسلوب أوبرا وينفري المثير والممتع، إلى جانب تسعين عاملا في كواليس البرنامج وأربعمائة عامل في الإعداد. لكن كل هذه المزايا لم تمنع من الوقوع في فخ الترويج –والتسويق- والدعاية بشكل ما. بل إن بحث شبيب عن “التسويق في البرامج التلفزيونية الحوارية” خلص إلى أن برنامج “أوبرا شو” هو برنامج “تسويقي لكثير من الأفكار التي تتعلق بسلع وشخصيات ومنتجات وأماكن وفنون وكل ما يهم المشاهد ويثير انتباهه، بأساليب مثيرة ومتنوعة أيضا حتى تبعد الملل عن المشاهد الذي اعتاد الأساليب الإعلانية المباشرة في التلفزيون، فضلا عن أهمية هذه الأساليب في دورها الكبير في التأثير في الجمهور، إذ تعمد أوبرا دائما إلى إعطاء الأدلة المادية الملموسة على أفكارها الترويجية من خلال زيارة المواقع والشخصيات وتجربة الأشياء والسلع تجربة مباشرة أمام الجمهور”. ويكشف ذلك مدى تأثير وحساسية وخطورة البرامج الحوارية، كما يبين حجم الإهمال والاستخفاف لدى الكثير من المحطات عند إعدادها وبثها مثل هذه البرامج، ما يؤكد بالتالي ضرورة إعادة النظر بالكثير منها، ليس لمصلحة الجمهور وحسب، بل لمصلحة المحطات والمقدمين قبل كل شيء. (أبوظبي الاتحاد) مذيعون يتحدثون أكثر من الضيوف! تلاحظ الكاتبة فهيمة البرزنجي أن غالبية مقدمي البرامج الحوارية في الفضائيات العربية «غيرَ موفقين في إجراء حوار مفيد وقيم يُغني المعرفةَ لدى المتلقي». وأن «بعض البرامج الحوارية تُشبه نزالاً للمصارعة»، وأن «أغلب مقدمي هذه البرامج تراهُ متحدثاً ومُنظراً للموضوع يأخذ حصةَ الأسد من وقت البرنامج»، إضافة إلى ضعف وركاكة بعض المقدمين، ثم «تبرج مقدمات البرامج في القنوات العربية وكأنهن عارضات أزياء وأكسسوارات». وينتقد محللون كثيرون ضعف الأعداد المهني والتحضير لمثل هذه البرامج، ويأخذ كثيرون عليهم أنهم يتحدثون أكثر مما يتحدّث الضيف، ويطالبون بتحسين إعداد هؤلاء على قدْرٍ عالٍ من الكفاءة ولفترات تستغرق سنوات يمرون بها في مختلف مراحل العمل التلفزيوني، من تقديم وإذاعة أخبار وربط فقرات إلى أن يبرزوا مواهبهم في تقديم البرامج الحوارية. ولا يغفل المحللون ضرورة التخطيط الجيد للبرامج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©