الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مراهقة الأبناء .. أزمات أسرية تضع الأصدقاء في دائرة الاتهام

مراهقة الأبناء .. أزمات أسرية تضع الأصدقاء في دائرة الاتهام
12 مايو 2014 00:52
كان ابني رائعاً، ربيته على القيم والأخلاق، لم يواجهنا أبداً بأسلوب سيئ، لكن تغير الموضوع تماماً عندما تعرف إلى أحد المراهقين في المدرسة، اكتشفت أنه يدخن، وبات يصر على الخروج ليلاً بشكل متكرر، وأصبح متمرداً وعنيداً.. هكذا قالت نعيمة علي بلمقدم والدموع تحشرج صوتها، وتابعت كلامها بصعوبة: أنا مصدومة من سلوكياته، خاصة أن إخوانه الآخرين مرَّت مرحلة مراهقتهم بسلام، مؤكدة أن تصرفاته أحدثت خللًا بالبيت وأثرت على علاقتها بزوجها الذي وصفها بالمقصرة والمتهاونة في تربية ابنها، وألقى عليها باللائمة. لكبيرة التونسي (أبوظبي) نعيمة علي بلمقدم ليست وحدها من تعاني انعطاف هذه المرحلة المحورية أو المفصلية في حياة الأبناء، بل هناك الكثير من الآباء والأمهات الذين يُعانون المشاكل مع أبنائهم المراهقين، خاصة في جانب تأثير الأصدقاء عليهم، وفي هذا الإطار قالت محاسن منير أم لأربعة أولاد في سن متقاربة، إنها تحاول أن تمر هذه المرحلة مع أولادها بسلام، موضحة أنها تقضي معهم الوقت كله لتوعيتهم والحديث معهم، وتمرير رسائل قيمية عن الحياة ومشاكلها من دون أن تتطرَّق مباشرة إلى موضوع أصدقاء السوء، تجنباً لأي تشنج في علاقتها مع أبنائها. وأكدت أنها لا تتأخر في الالتحاق بدورات تدريب للتوعية عن المرحلة، وأضافت: أحاول قدر الإمكان ملازمة ابنتي مثلاً عند زيارة صديقاتها، لمعرفة الوسط والبيئة التي تعيش فيها وأتحدث معها لمعرفة أفكارها، ورغم كل هذه الاحترازات، فإن تخوفي سيظل قائماً نظراً لصعوبة التكهن بالمتغيرات التي تطرأ على هذه العلاقات بين الفينة والأخرى. علاقة صداقة أما سامية العلي فتعاني من سلوكيات ابنتها المراهقة التي تربطها علاقة صداقة مع زميلتها الأجنبية في المدرسة، مما أثر على طريقة ملابسها، وحديثها ومتطلباتها، وزاد من حدة مواجهتها، وعن ذلك تقول: كانت علاقتي مع ابنتي جيدة إلى حد كبير، لكن تغيرت اليوم، وأصبحت تنتقد توجيهي وكلامي، وتنعتنا بالتخلف في بعض المواقف، لم تعد تتحدث إلا باللغة الإنجليزية ولا تسمع إلا الأغاني الغربية إلى جانب كتمان أسرارها التي أصبحت تصب جميعها في صدر صديقتها، والمشكلة أنني عندما أتحث عن صديقتها وأنتقد سلوكياتها تثور وتغضب. بدوره أشار محمد السيد أب لخمسة أولاد أصغرهم 16 سنة إلى أنه كان حريصاً على التدخل في تربية أبنائه ومتابعتهم، خاصة الذكور منهم، حيث يرافقهم أينما ذهبوا ويصدقهم في الحديث ويصادقهم في سن المراهقة، ويعلمهم ويمرر القيم والمبادئ لهم مما أدى إلى تجاوز المرحلة بسلام. وأوضح أن تربية الأولاد تكتنفها صعوبات وتحتاج إلى مجهود كبير، خاصة أنهم يتمتعون بقدرات بدنية كبيرة ويحاولون الخروج من البيت في أغلب الأوقات للقيام بنزهات أو الذهاب إلى السينما، وتتغير متطلباتهم من حين إلى آخر، مشيراً إلى أهمية التعود على المصارحة في الحديث لنتمكن من تصحيح أخطائهم، وأنه رغم ما يقوم به فهم يبدأون بقضاء وقت أكثر مع أصدقائهم، وهذا أمر طبيعي ومهم في حياتهم لذا يحاول أن يكون مراقبا لطيفاً وغير ثقيل، كي لاتتوتر علاقته بهم. تبادل الخبرات صداقات المراهق إما تترك أثراً إيجابياً في حياة الشخص أو تقوده إلى مشكلات يصعب التعامل معها، وهذا المعنى يؤكده حديث النبي «صلى الله عليه وسلم» في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، حيث قال: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك - أي يعطيك - وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة»، وفي جانب آخر تؤكد الدراسات والواقع أن تأثير المراهق على صديقه يفوق تأثير المنزل والمدرسة. كما لفت تلك الدراسات إلى أن مرحلة المراهقة تتسم بسرعة انتقال الخبرات بين المراهقين سواء إيجابية أو سلبية، خاصة أن المراهق يقضي فترات طويلة مع أصدقائه مما يسمح بانتقال الخبرات والأفكار الضعيفة للطرف الآخر، وتعليقاً على ذلك تقول الدكتورة غادة الشيخ الاستشارية الاجتماعية والأسرية إن الأسرة تتحمل دورا كبيرا في تربية أولادها، والانتباه لهذه المرحلة المفصلية في حياتهم، دون أن تنفي دور المؤثرات الخارجية التي أصبحت تعصف بحياة بعض المراهقين والشباب على العموم، مشددة على أن المجتمع والمدرسة والإعلام لها أيضاً دور كبير في التنشئة الصحيحة ورجوع القيم للمجتمع بشكل عام، كما تؤكد أهمية الأخصائي الاجتماعي في المدرسة وتطالب بتفعيل دوره في طرح القضايا التي تهم الأطفال وتربيتهم. وتضيف: إن دور الأخصائي الاجتماعي يتجاوز حل بعض المشكلات الفردية، التي يُعانيها الطلاب في المدارس، ويجب أن يصبح فاعلاً ويتناول من خلالة حصة أسبوعية قيمة معينة لغرسها في أنفس الطلبة، ومناقشة قضايا آنية، وانتقاد سلوكيات منحرفة، وتقديم الحلول لمشاكل فردية يعانيها بعض الطلبة. أصدقاء السوء وفيما يخص الحالات التي تزور الدكتورة غادة الشيخ طلبا لحلها، تقول إن مراهقة الذكور المتأثرين بأصدقاء السوء أكثر من مشاكل المراهقات وأقواها. ومعظم الشكاوى التي نستقبلها من الأهالي تتعلق بمشاكل المراهقين الأولاد تنجم بسبب مخالطة أصدقاء السوء أو تأثير البعض ونقل تجارب خارجية عن عاداتنا وتقاليدنا، ويتجلى ذلك في الشكل الخارجي كالمظهر، من خلال اللباس أو ممارسات غريبة على المجتمع كتعليق الحلق في الآذان، أو الخروج ليلاً، وخلق علاقات مع صديقات أجنبيات، والمدواخ وغيره من أنواع التدخين، وحضور الحفلات الليلية التي توزع فيها بعض الممنوعات وغالباً ما تبدأ هذه الممارسات من سن 13 سنة وما فوق. وتختلف مشاكل البنات المراهقات ومظاهر ذلك في ربط علاقات غير سوية مع طالبات أخريات، واعتبار ذلك من المسلمات، وتقول غادة الشيخ عن ذلك: هُناك شكاوى كثيرة من أمهات تعاني صداقات غير سليمة لدى بناتها المراهقات، بحيث هناك من تربطه علاقة وتنقاد تماماً لصديقة معينة، وتؤمن بها، وتبدأ الصداقة عادية ثم تتحول وتنحرف إلى مساقات أخرى. وهناك ارتباط مرضي وانقياد أعمى، مما يوضح أن هناك خللاً في الصداقة، مما يضع الآباء في حرج كبير ويسبب صدمة نفسية لهم، والحالات موجودة في المجتمع. استشارية اجتماعية تدعو إلى تجنب انتقاد الصديق دعت الاستشارية الاجتماعية الدكتورة إيمان صديق إلى تجنب اللوم والتوبيخ، وضرورة الابتعاد عن الوعظ والإرشاد والانتقاد بشكل مباشر، ومراعاة عنصر المرونة في التعامل مع المراهق، وتقديم بعض التنازلات عند إثارة أي نقاش للوصول إلى خط مشترك بين الطرفين، والتمهيد لمرحلة المراهقة، حيث إن هذه المرحلة نقطة فاصلة ومهمة جداً في حياة الابن. وقالت: يجب أن يحظى المراهق بالتقدير بجانب احترام أقران المراهق، لأن انتقاد أصدقائه يعتبر انتقاداً لسلوكه هو، مشيرة إلى أن ذلك يؤدي إلى فجوة كبيرة بين المربي والمراهق بالإضافة إلى اضطراب علاقتهما، وإلى أهمية عدم إقفال باب الصداقة على المراهق، لأن ذلك يفتح أبواباً أخرى قد تكون سيئة جداً كالبحث عن صداقات في العالم الافتراضي، كما أن الإهمال المتعمد للأسئلة يدمر علاقة المراهق بأهله ويعلمه الصمت، مع ضرورة تجنب فرض الرأي على المراهق لأن ذلك يفسد العلاقة بين الطرفين. شرح مفهوم كلمة «رجل» يعالج التفسيرات الخاطئة بين الصغار ألقت الدكتورة غادة الشيخ الاستشارية الاجتماعية والأسرية الضوء على مرحلة ما قبل المراهقة التي يجب أن يوليها الأهل العناية الفائقة، وتنادي بضرورة رجوع القيم للمجتمع، وشرح بعض المفاهيم، ككلمة رجل، موضحة أن الأطفال في سن المراهق يراهنون على هذا المفهوم، حيث يقولون مثلاً إذا لم تدخن فأنت لست رجلاً، وإذا لم تقم علاقات مع فتاة فأنت إنسان منقوص، وغيرها من الممارسات، وعليه، فإن الأسرة يجب أن تتفهم طبيعة المرحلة العمرية، وتفتح حوارات مع أبنائها لتتعرَّف على طريقة تفكيرهم، وتجد بذلك حلولاً لبعض المشاكل وتناقشها، كما أن الأسر تعاني مشكلة كبيرة جدا تتعلَّق بغياب الأب، وعدم مشاركته في أمور التربية بشكل فعال، في حين يجب أن يمثل قدوة. إلى جانب ذلك حملت المسؤولية للمدرسة التي عليها أن تنقل القيم وتقيم الندوات وتخصيص المحاضرات للطلبة وتهيئهم لاستقبال هذه المرحلة بسلام، كما نوَّهت إلى ضرورة تثقيف المعلمين والأخصائيين للقيام بواجبهم، وفي جانب آخر حملت المسؤولية الكبيرة لدور الإعلام في نقله للمشاكل ومعالجتها، مؤكدة أنه يطرح أحياناً المشكلة ولا يوجد لها حلولا، معتبرة ذلك فجوة خطيرة، حيث يعمل على تثبيت المشكلة وتعميقها دون قصد، كما أوضحت أن الإعلانات التي تبث والأفلام وغيرها من البرامج ناقلة لثقافة سلبية وتؤثر إلى حد بعيد على قيم وأخلاق هذا الجيل بشكل عام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©