الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

ملصقات بيروت تفوح بعبق تاريخ السينما العربية

8 يوليو 2010 00:08
في شارع الحمرا الواقع في غرب بيروت والمزدحم بالمارة والمحال التجارية والمقاهي التي يقصدها المثقفون؛ يرقد كنز فني يختزل تاريخ السينما العربية؛ جمع فيه عبودي أبوجودة ملصقات أفلام تعود في غالبيتها إلى ما قبل 80 عاماً. فما بدأ شغفاً في الطفولة؛ تحول مع الأيام إلى مصدر نادر ومغمور للإعلانات المطبوعة الخاصة بالأفلام المصرية والسورية والعراقية والفلسطينية واللبنانية القديمة. وتضم المجموعة ملصقات لأفلام أختفت؛ وأخرى ضاعت على مر السنين بسبب الحروب؛ أو احترقت أو حتى لم تحظ باهتمام يليق بها. ويقول أبوجودة (52 عاماً) الذي يدير دار نشر في شارع الحمرا حيث يحفظ مجموعته في طابق تحت الأرض بعيداً عن أنظار الفضوليين “أحببت السينما منذ أن كنت طفلاً؛ وفي كل يوم أحد كنت أتوجه إلى الصالات بدل الذهاب إلى الكنيسة”. ويضيف لوكالة الأنباء الفرنسية “كنت انطلق من منزلي في برج حمود (ضاحية شمال شرق بيروت) وأتوقف عند كل صالة من صالات السينما الأربعين في طريقي إلى العاصمة؛ حتى أتأمل الملصقات والصور المعروضة”. وتشمل مجموعته الخاصة 20 ألف ملصق لخمسة آلاف فيلم؛ تضم ما يمكن أن يكون أكبر مجموعة ملصقات لأفلام لبنانية تعود إلى الخمسينات؛ تحضر فيها أساطير الشاشة الفضية من ممثلين وفنانين كبار؛ بينهم فيروز وصباح وسميرة توفيق وشمس البارودي وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وسعاد حسني وغيرهم. وتحولت الملصقات التي تنبض بالحياة بفضل ألوان خطها رسامون مشهورون في ذاك الوقت؛ إلى مادة يلهث أبو جودة وراء جمعها؛ تمتزج مع بعضها لتفتح الباب أمام رحلة في الذاكرة تعكس الأساليب والثقافات المتبدلة في العصر الماضي. ويقول أبوجودة أن “أقدم ملصق أملكه يعود إلى العام 1933 وهو لفيلم مصري يحمل اسم (الوردة البيضاء)”؛ في إشارة إلى الفيلم الأول الذي قام ببطولته المطرب الكبير محمد عبد الوهاب. ويحمل العديد من الملصقات المصنوعة بتقنية الطباعة الحجرية؛ عناوين تعتبر جريئة جداً حتى بالنسبة إلى عصرنا الحاضر؛ مثل “لهيب الجسد” و”مريم الخاطئة” و”نساء محرمات” و”امرأة لكل الرجال”. ومن العناوين أيضاً “بدوية في باريس” لسميرة توفيق؛ و”نساء بلا رجال” ليوسف شاهين؛ و”المحتال” من بطولة هدى سلطان وفريد شوقي. ويمكن مشاهدة ختم الأمن العام على الملصقات التي تظهر صور ممثلات في أوضاع مثيرة يرتدين ملابس فاضحة؛ وهي صور لا يمكن أن تعبر اليوم مقصلة الرقابة التي باتت محافظة أكثر فأكثر في العالم العربي. ويوضح أبو جودة “لا يجرؤ أحد على طباعة مثل هذه الملصقات اليوم”؛ مضيفاً أن “هذه الصور تمثل فناً مفقوداً وتعكس الزمن الذهبي لصناعة الملصقات التي كان عدد كبير من رساميها أرمن أو يونانيين ينقلون أساليب نظرائهم الغربيين”. ويلفت أبوجودة الذي يجول منذ السبعينات في الشرق الأوسط لإغناء مجموعته؛ إلى إنه يحلم بتأسيس متحف تحفظ فيه ملصقاته ويمنح هواتها فرصة تأملها. وقد تتحقق أمنية أبوجودة بالفعل؛ إذ أن السفارة الفرنسية في بيروت تبحث في جمع التمويل اللازم لتنفيذ المشروع؛ بحسب ما أفاد دبلوماسي فرنسي. وحتى يحين موعد ذلك؛ يواصل أبوجودة الاعتناء بملصقاته بشغف لمدة ساعتين كل يوم. وهو يقول بتأثر “عندما أريد أن استرخي؛ أتأمل الملصقات التي تعود بي إلى طفولتي؛ إلى مرحلة خالية من الهموم والمسؤوليات”. ويختم “تحمل الملصقات الكثير من التفاصيل؛ وتأمل بعضها أجمل من مشاهدة الفيلم نفسه”.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©