الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مخاوف من موجة صامتة لهروب الأموال من البنوك المتضررة من الأزمة

مخاوف من موجة صامتة لهروب الأموال من البنوك المتضررة من الأزمة
8 أكتوبر 2008 22:39
ما العمل إذا حدثت موجة صامتة لسحب الودائع من بنك ولم يعلم أحد بذلك؟ في الأيام الأخيرة ركزت بعض وسائل الإعلام الاميركية على ''موجة صامتة'' لسحب الودائع من بنك واكوفي ا الذي أصبح الآن محور عملية استحواذ بعد توقف خطة لإنقاذه وتولي السلطات أمر منافسه واشنطن ميوتيوال · وسلط معلقون من بينهم نورييل روبيني أستاذ الاقتصاد بكلية ستيرن للأعمال في جامعة نيويورك الضوء على حجم عمليات السحب الهادئة من جانب المودعين الذين تتجاوز أصولهم المستويات التي تتمتع بضمانات· إلا أن انهيار مصرف بارز آخر في أوروبا وجه الاهتمام إلى ظاهرة مختلفة من ظواهر القرن الحادي والعشرين وهي أن الأسر والشركات والأعمال تتجه على نحو متزايد الى إدارة شؤونها المالية عن طريق الانترنت، ولذلك فإن عمليات السحب الجماعية قد لا تكون ملحوظة· فقد كان بنك فورتيس محور عملية إنقاذ شملت أكثر من دولة خلال الأيام الماضية، وكان أيضاً ضحية موجة صامتة من الإقبال الهائل على سحب الودائع، ودفع هذا الإقبال وانخفاض حاد في قيمة أسهمه حكومات دول البنيلوكس التي تضم هولندا وبلجيكا ولكسمبورج إلى التدخل وضخ سيولة في المجموعة التي تشمل أنشطتها عمليات مصرفية وتأمينية· وقالت الطالبة فريدريك شيلته خارج فرع للبنك في أمستردام حيث كانت تسدد فاتورة: ''إذا كان فورتيس واقعاً في مشكلة فسأحول أموالي عبر الانترنت إلى حساب والداي''· وفي الكساد العظيم الذي استمر من عام 1929 الى عام 1933 تحقق قدر كبير من الضرر من تدافع المودعين على سحب أموالهم من البنوك في موجة تصاعدت كلما شاهد الناس طوابير مصطفة خارج البنوك تنتظر انقاذ ما يمكن انقاذه من مدخراتها، وفي حالة فورتيس كانت ضغطة فأرة هي السر وراء سحب الودائع· وقالت مجموعة فورتيس : إنها فقدت نحو ثلاثة في المئة من ودائعها منذ بداية العام أي نحو خمسة مليارات يورو (سبعة مليارات دولار) من ودائع العملاء الأفراد أو الشركات على حد سواء· وأشار وزير المالية الهولندي فوتر بوس إلى أن فورتيس واجه مشاكل في الحفاظ على عملائه من الشركات وأنه واجه مشاكل متزايدة في السيولة في الأنشطة المصرفية· وقال البروفسور سيلفستر إيجفينجر الأستاذ بجامعة تلبورج الذي يعمل أيضا مستشارا للسياسات الاقتصادية بالبرلمان الهولندي: ''سحب عملاء من الافراد والشركات مبالغ كبيرة لاسيما في بلجيكا''، وأضاف: ''ورأس المال الذي قدمته (حكومات البنيلوكس) تبدد وكان عليها التحرك بسرعة''· وبدا هذا الأسبوع أن التدخل الرسمي بدأ يؤتي ثماره، فقد قالت عميلة هولندية لدى فورتيس رفضت ذكر اسمها ولكن قالت إنها وزوجها من عملاء البنك منذ 28 عاماً: ''كنا قلقين في الاسبوع الماضي، أما الآن وقد أصبح جزءا من الحكومة الهولندية فسنبقى عملاء لدى فورتيس''· وفي سبتمبر من العام الماضي شهد بنك نورذرن روك البريطاني أول موجة تهافت من العملاء على سحب الودائع من بنك أوروبي كبير منذ أكثر من 140 عاما واصطف عملاءه أكثر من ثلاثة أيام أمام فروعه عندما تبخرت ثقتهم وسط مشاهد دفعت أحد الساسة إلى القول أنها جعلت بريطانيا تبدو وكأنها إحدى جمهوريات الموز، لكن السحب من الفروع هدأ بعد أن ضمنت الحكومة الودائع· وتحقق القدر الرئيسي من الضرر من خلال عمليات السحب عن طريق الانترنت والبريد والهاتف، فقد سحب العملاء من نورذرن بنك نحو 25 مليار دولار (14 مليار جنيه استرليني) من المدخرات منذ بداية موجة الذعر وحتى نهاية 2007 أي أكثر من نصف ودائع التجزئة، وقد تم سحب حوالي ثلث هذا المبلغ من الفروع، لكن الثلثين الآخرين أي نحو عشرة مليارات دولار سحبهما عملاء آخرون· وسواء كان الإقبال مرئياً وملموساً أم لا فإن الأثر النفسي واحد في النهاية، فقد كانت باربره وليامز وهي من العملاء المتقاعدين لدى البنك واحدة من مئات اصطفوا خارج فروع البنك في العام الماضي· وقالت لرويترز في ذلك الوقت: ''لم أجزع في البداية، لكنك كلما شاهدت نشرات الأخبار وقرأت الجرائد؛ تقول لنفسك انه ربما كان من الأفضل أن تفعل الشيء نفسه''، وأضافت: ''كنا نعتقد أننا سنفعل ما يفعله الآخرون كلهم· وسواء كنا على حق أو على باطل كانت مغامرة لا نستطيع أن نتحملها''· والإقبال على سحب الودائع الكترونياً قد يوفر على البنوك مشقة التعامل مع طوفان العملاء المتدفقين على الفروع لسحب أموالهم، لكن الأموال في هذه الحالة تنتقل بسرعة أكبر وبمبالغ أضخم كثيراً بمجرد الضغط على الفأرة أو إجراء مكالمة هاتفية· وهذا أحد مصادر القلق وراء اندفاع الحكومات في أوروبا في الآونة الأخيرة لزيادة سقف ضمان الودائع، ولجأت عدة دول أوروبية لعرض ضمان جميع الودائع لتهدئة المستثمرين· ومن المفارقات أن بنكاً هولندياً آخر هو بنك آي·إن·جي، هو الذي بدأ نمو عمليات الصيرفة الالكترونية بإطلاق وحدة آي·إن·جي دايركت قبل أكثر من عشر سنوات وتراكم لديه 192 مليار يورو من الودائع الادخارية وودائع الحسابات الجارية وأصبح الآن البنك رقم 12 على مستوى العالم من حيث الحجم، وتعمل وحدة آي·إن·جي دايركت دون فروع فعلية إذ يفتح العملاء حساباتهم ويديرونها عن طريق الهاتف أو الانترنت· وهذه الوحدة ليست نشطة في سوقها المحلية بسبب وجود شبكة من الفروع التي تغطي أنشطة التجزئة المصرفية ولذلك اتجهت لتكوين شبكة من الاعمال في أميركا الشمالية وأوروبا واستراليا· وتميل البنوك دائماً لإقراض عملائها مبالغ أكبر مما يحتفظون به من ودائع لديها لتخاطر بذلك باحتمال ألا تجد ما يكفي من السيولة لتلبية جميع الطلبات إذا ظهر كل العملاء فجأة وطلبوا أموالهم· وفي الثلاثينات من القرن الماضي واجه المودعون احتمال فقد كل أموالهم إذا انهار أحد البنوك، ويتذكر اتيليو فيانللو (98 عاماً) كيف أنه تسلم في الثلاثينات عمله الجديد في بنك كريديتو فنيتو الصغير في بادوا بايطاليا مع انتشار الأزمة من وول ستريت الى أوروبا· ويقول فيانللو: ''كانت البنوك تنهار كل يوم وأغلب الناس لم يتمكنوا من إنقاذ مدخراتهم لأن الأوان كان قد فات عندما علموا بالأمر، كانوا يجدون الأبواب مغلقة''، والمقابل الالكتروني لهذه النتيجة اليوم هو انهيار أحد أجهزة الخادم أو اغلاق موقع على الانترنت· لكن المديرين التنفيذيين يقولون: إن أسوأ ما في الموجة الصامتة لسحب الودائع هو السرعة التي يتحرك بها العملاء· وقال كارلوس ايفانز المدير التنفيذي لأعمال الشركات في بنك واكوفيا في تصريح نشر بصحيفة كانساس سيتي ستار: إن سحب الودائع من البنك اشتد في 26 سبتمبر الماضي وما تلاه من أيام· وأضاف أن البنك يتحول في هذه الحالة: ''من بنك ضعيف الى بنك يواجه مشكلة في غضون أيام·· لا أعتقد أن الناس يفهمون مدى السرعة التي تطورت بها الأحداث''· ويمكن للثقة أن تعود لكن ذلك لا يحدث في الغالب إلا بعد تدخل الدولة على نطاق كبير، ففي الآونة الأخيرة اضطر مصرف نورذرن بنك البريطاني -المملوك للدولة الآن- إلى رفض قبول ودائع من مدخرين جدد بعد أن اجتذب ستة مليارات جنيه استرليني هذا العام من عملاء أغرتهم الضمانات الحكومية
المصدر: أمستردام- لندن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©