الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عقبات تواجه استدامة النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية جنوب الصحراء

عقبات تواجه استدامة النمو الاقتصادي في الدول الأفريقية جنوب الصحراء
11 مايو 2014 22:14
ترجمة: حسونة الطيب نجحت الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، في إنعاش اقتصاداتها خلال العقد الماضي، لكن صاحب ذلك بروز بعض المشاكل، ما أضفى سحابة من التشاؤم على سماء المستقبل القريب لمنطقة تحولت إلى محيط جاذب لاستثمارات الشركات الأجنبية. وتبدو الأمور مبشرة في ظاهرها، حيث من المتوقع أن يرتفع النمو من 5% في 2013، إلى 6% خلال العام الحالي، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، ما يجعلها تحل بعد دول آسيا النامية من حيث وتيرة النمو. وفي غضون ذلك، استمرت هذه الدول في إحكام سيطرتها على التضخم الذي استقر عند 5,5% في السنة الماضية، بالمقارنة مع 47,4% قبل عشرين سنة. لكن لا يتطلب الأمر الكثير من الجهد لاكتشاف أن عدداً من هذه الدول، تعاني إما من المشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية، أو الثلاث معاً. وما يزيد هذه المشاكل تعقيداً، ما تواجهه الأسواق الناشئة من بطء في نمو اقتصاداتها وخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) لبرامج التحفيز النقدي وبطء نمو اقتصاد الصين، الذي أدى إلى انخفاض أسعار السلع التي تمثل مصدراً رئيسياً لحكومات دول جنوب الصحراء، بجانب حالة التردد التي تنتاب مجتمع الاستثمار حول هذه الأسواق. ويقول شيلان شاه، الخبير الاقتصادي لأفريقيا في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية: “في ظل ظروف قطاع المال العالمي التي من المرجح أن تسوء خلال السنوات القليلة المقبلة، يبدي المستثمرون المزيد من الاهتمام لحالات الضعف التي تعتري بعض دول المنطقة. وربما من المطلوب من بعض الدول، فرض سياسات أكثر صرامة تتناغم مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية، ما ينتج عنه فترة من النمو المتواضع”. وتعتبر دول أفريقيا جنوب الصحراء، من أكثر المستفيدين من بحث المستثمرين عن الأرباح خارج نطاق الدول الغنية التي تقدم أسعار فائدة متدنية للغاية. وساعد ذلك، القارة ككل على إصدار سندات سيادية مقومة بالدولار قدرها 10 مليارات دولار في العام الماضي، من واقع مليار دولار فقط قبل عقد. وفي الوقت الذي تمسك فيه المستثمرين بهذا الدين المقوم بالدولار، تباطأت بشدة وتيرة التدفقات النقدية إلى أسواق الدين بالعملات المحلية. ومنذ بداية السنة الحالية وعندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض برنامج التحفيز، عانت عملات مثل النيرا النيجيرية والسيدي الغانية والكواشا الزامبية، من انخفاض قياسي. رفع أسعار الفائدة وعمل بنك جنوب أفريقيا المركزي على رفع أسعار الفائدة، في محاولة لزيادة قيمة الراند المتردية. كما شددت كل من زامبيا وغانا من سياساتهما المالية، بغرض التصدي لارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة العملات. ونتيجة لبطء التدفقات النقدية لهذه البلدان، بدأت عيوب السياسة الاقتصادية تظهر على السطح. وترتبط دول جنوب الصحراء ارتباطاً وثيقاً بحالة البطء التي تسود اقتصاد الصين، التي تترجمت إلى ضعف في أسعار السلع. وعلى سبيل المثال، تراجع سعر النحاس الذي يعتبر من الصادرات الأساسية لعدد من الدول الأفريقية، إلى أقل من 6500 دولار للطن، بانخفاض يقدر بأكثر من الثلث من ما كان عليه في 2011 عند 10200 دولار للطن. ويقول محافظ البنك المركزي الموريتاني سيد أحمد ولد الرايس، الذي يعتمد اقتصاد بلاده على صادرات النفط وخام الحديد: “تعتبر الصين عميلاً رئيسياً بالنسبة لدول جنوب الصحراء، حيث يمثل نمو اقتصادها أهمية خاصة بالنسبة للمنطقة”. كما حذر ويلارد مانونجو وزير المالية في زيمبابوي، التي تقوم بإنتاج البلاتين واللؤلؤ قائلاً :”في حالة المزيد من الانخفاض في أسعار السلع، من المؤكد أن ذلك يسبب العديد من المشاكل لنا”. ويهدد بطء تدفقات المحافظ النقدية وعائدات السلع، بمفاقمة عجز الحساب الجاري في مختلف دول المنطقة. ويؤكد كانجويا مايوندي، المسؤول في بنك زامبيا المركزي، أن التدفقات النقدية لعبت دوراً هاماً في تمويل الحساب الجاري في المنطقة. ومن المتوقع في حقيقة الأمر، أن يناهز إجمالي عجز الحساب الجاري في دول جنوب الصحراء 4,1% خلال السنة الحالية، من 1,6% قبل عقد. وتعكس هذه النسبة، عجز كبير في حساب الأفراد مثل ما في غانا وأوغندا، حيث من المتوقع أن تبلغ النسبة 10,7% و13,9% على التوالي. وفي غضون ذلك، ربما يرغم ارتفاع أسعار الفائدة في أرجاء مختلفة من العالم، الحكومات والشركات على دفع أسعار أعلى بهدف جذب المستثمرين الأجانب. ومن المنتظر أن تقوم كينيا بتجربة مدى قبول السوق للدين الأفريقي، من خلال طرح أول سندات مقومة بالدولار خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ولا تزال حالة الانتعاش الأفريقية تتسم بشيء من القوة، إلا أن النظرة على المدى القصير لعدد من الدول الرئيسية في المنطقة، تنبئ بمخاطر ركود قادم. وتشكل التوجهات المعقدة، تحديات لصانعي القرار في محاولتهم التصدي لجملة من المشاكل الراهنة في حالة رغبتهم التحرر من فئة الأسواق شبه الناشئة المحفوفة بالمخاطر، والتقدم إلى مرتبة أعلى. وتعتبر نيجيريا خير مثال، حيث ظل اقتصادها قوياً ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع نموها من 6,4% في العام الماضي، إلى 7,3% خلال هذا العام، رغم المخاوف التي أثارتها إقالة محافظ البنك المركزي مؤخراً للمستثمرين. وغانا مثال آخر، ورغم الوعود بخفض العجز المالي، فإن الحكومة أعلنت عن عجز كبير في السنة الماضية، بفضل الارتفاع في أجور القطاع العام. لكن ظل وزير المالية في جنوب أفريقيا برافين جوردان، متفائلاً بشأن مستقبل النمو في القارة، اعتماداً على القاعدة الضخمة من المستهلكين التي تكاد تتساوى مع الصين، مع أنه لا يستبعد مواجهة بعض العقبات من وقت إلى آخر في الطريق إلى الرفاهية. وفي حين ربما تبطئ التدفقات النقدية قصيرة الأجل، دخولها إلى أسواق الدين، ما زال مستثمري الأسهم يقومون بضخ الأموال في البورصات المحلية، رغم قلق العديد منهم بشأن المبالغة في تقييم البنوك الكبيرة وشركات السلع الاستهلاكية. وربما تكمن الحقيقة في أن استمرار وتيرة الاستثمارات طويلة الأجل من قبل الشركات، تفوق في أهميتها التدفقات النقدية قصيرة الأجل غير المستقرة. وتشير تقديرات الأمم المتحدة، إلى جذب المنطقة لاستثمارات أجنبية مباشرة خلال العام الماضي بلغ مداها 42 مليار دولار، بارتفاع قدره 10% عن 2012، ومتجاوزاً بكثير الرقم القياسي المسجل في 2011 بنحو 39 مليار دولار. وتشير راضية خان، الخبيرة الاقتصادية في ستاندرد آند تشارترد في لندن، إلى أنه من الخطأ الحكم بالفشل على قصة النجاح الأفريقية بسبب إخفاق عدد قليل من الدول. وتبشر بعض الدول، بمستقبل واعد في القريب العاجل، حيث يستبشر المستثمرون خيراً ببعض الدول مثل، كينيا وأثيوبيا وساحل العاج وتنزانيا وموزنبيق وبتسوانا وأنجولا، التي تنعم باكتشافات جديدة من الهايدروكربون وانتعاش الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتعكس النظرة المتباينة لكل اقتصاد من اقتصادات دول جنوب الصحراء، عدم وجود سرعة واحدة للنمو السريع الذي تعيشه ظاهرة بزوغ نجم أفريقيا. وكما قال ديفيد كومان، الخبير الاقتصادي لأفريقيا في سيتي بنك، :”لا تخلو الطريق من المطبات من وقت إلى آخر”. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©