الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

نقص إمدادات الطاقة يقلص نمو الاقتصاد الهندي

نقص إمدادات الطاقة يقلص نمو الاقتصاد الهندي
28 ابريل 2012
طالما لقيت الهند صعوبات في توفير الكهرباء لإضاءة منازلها وتزويد الطاقة لصناعاتها على مدار الساعة. وفي السنوات القليلة الماضية سعت الحكومة والقطاع الخاص إلى التغلب على ذلك عن طريق بناء عشرات من محطات الكهرباء الجديدة. غير أن هذه الحملة تعاني من مشاكل بالنظر إلى عجز الهند عن الحصول على الوقود الكافي - خصوصاً الفحم - اللازم لتشغيل المحطات. ويعتبر كل من تخبط السياسات وسوء الإدارة والمخاوف البيئية عقبات أمام مساعي الدولة إلى إنتاج الوقود بقدر يتناسب مع الاحتياج المتنامي للطاقة. ذلك أن نظام حزم الدعم المعقدة وضوابط الأسعار قلصت الاستثمار خصوصاً في موارد مثل الفحم والغاز الطبيعي، وخلقت كذلك أموراً غير طبيعية مثل أسعار الكهرباء بالتجزئة الأدنى من تكلفة إنتاج الكهرباء، ما يؤدي إلى تحمل مؤسسات المرافق العامة خسائر كبرى. وهناك جدال أيضاً دائر حول ما هي مساحات الغابات التي يتعين على الهند تحويلها إلى النشاط التعديني الأمر الذي يحد أيضاً من إنتاج الفحم. وأسهمت مشاكل قطاع الكهرباء إسهاماً كبيراً في تباطؤ النمو الاقتصادي بالهند للعام الثاني على التوالي ليبلغ 7% هذا العام من نحو 10% خلال عام 2010. انقطاع الكهرباء وتشكو شركات هندية من تكرار انقطاع الكهرباء الأمر الذي يضطرها إلى خفض إنتاجها وزيادة إنفاقها على وقود الديزل لتزويد مولدات الكهرباء الاحتياطية. ويتجسد ذلك التباطؤ على سبيل المثل في ساوميا اندستريز الشركة الصغيرة التي تصنع آلات معدنية تثبت خلطة اسمنت في مكانها أثناء جفافها لتتحول إلى أعمدة وعوارض وهي أدوات مهمة لصناعة البناء. تعاني هذه الشركة الواقعة خارج نيلور على ساحل جنوب شرق الهند من عدة مشاكل من ضمنها زيادة سعر المواد الأولية بنسبة 20% وتناقص الطلبيات. غير أن ار نارا سيمبا ميرثي مدير ساوميا قال إن نقص الكهرباء يعتبر مشكلة أكبر. إذ تُحرم شركته من ثلاث ساعات من الكهرباء كل مساء. وتسمى أيام الأربعاء والسبت من باب سخرية التعبير “بإجازة الكهرباء”. فهي لا تحصل في هذه الأيام إلا على كهرباء تكفي لإشعال فوانيس الإضاءة فقط ولكنها غير كافية لاستخدام ما لديها من ماكينات تشكيل معادن ضخمة. وقال ميرثي “إنه شيء محبط، فالكهرباء متطلب أساسي لأن كل شيء يعتمد على الكهرباء”. ولم يكن من المفترض أن يكون الأمر كذلك. فمنذ سنتين تم التخطيط لأكثر من 20 مشروع كهرباء ضخمة قريباً من موقع الشركة، غير أن معظمها أُلغي أو أُرجئ لأن الهند عاجزة عن توفير الفحم اللازم لها. ويعكس إحباط ميرثي معاناة وطنية أوسع. ويقول محللون إنه كان في الإمكان بسهولة تلافي معاناة الهند الاقتصادية لو كان صانعو السياسات قد حلوا المشاكل بطريقة أفضل بما يشمل نقص الكهرباء وضعف البنية الأساسية واللوائح المقيدة. وبدلاً من ذلك انشغل صانعو السياسات بفضائح الفساد ومعارك النفوذ بين القطاعات المختلفة. وقال اشوك ام ادفاني الرئيس التنفيذي لشركة بلوستار أكبر شركة تصنيع مكيفات هواء تجارية في الهند: “يكاد لا يوجد الجديد من الاستثمارات سواء من الحكومة والقاطع الخاص، ولدينا مناخ منطو على عدم اليقين”. العرض والطلب في العام الماضي تعاظمت مشكلة الكهرباء بالهند بشكل حاد، حيث قفز الفارق بين الطلب والعرض إلى 10,2% الشهر الماضي من 7,7% من عام مضى. وفي بعض الولايات مثل اندهرا براديش التي تقع فيها نيلور والمجاورة لنادو التاميلية بلغت انقطاعات الكهرباء بالشيوع درجة أن العديد من المصانع تقول إنها تحصل على كهرباء من مولدات كهرباء الديزل أكثر مما تحصل من شبكة الكهرباء العمومية بسعر يزيد تقريباً ثلاثة أمثال سعره في أماكن أخرى. وهناك مشكلة كبرى متمثلة في تضاؤل إنتاج الفحم الذي يشكل 55% من كهرباء الهند. لم يزد إنتاج الفحم إلا بنسبة واحد في المئة العام الماضي بينما قفزت سعة محطات الكهرباء بنسبة 11%. ودأب بعض منتجي الكهرباء على استيراد الفحم، غير أن هذا الخيار أضحى أكثر صعوبة مؤخراً بسبب أن أكبر مورد فحم للهند وهو أندونيسيا ضاعف أسعاره. وتعتبر احتياطيات الهند من الفحم ضمن الأكبر عالمياً، غير أنها تعجز عن استغلالها بكفاءة ما يعود سببه بالدرجة الأولى إلى أن شركة مملوكة للدولة هي كول انديا تتحكم في 80% من الإنتاج. وتتعرقل الشركة بواقع القرارات السياسية مثل السياسة التي تلزمها ببيع الفحم بتخفيض 70% من أسعار السوق. كما يقول منتقدون أن الشركة لم تستثمر بما يكفي في الجديد من المناجم والتقنيات. استغلال الفحم كما ترتب على منازعات سياسية بعض المشاكل. ففي السنوات القليلة الماضية سعى منظمو استغلال الفحم إلى فتح مناطق جديدة للتعدين، إلا أنهم لم ينسقوا قراراتهم مع منظمي الشؤون البيئية الذين أوقفوا كثيراً من عمليات التعدين لأن من شأنها تدمير الغابات الكثيفة. كما أن في الهند على ما يبدو الكثير من الغاز الطبيعي الأنظف من الفحم احتراقاً، غير أنها لم تستغل أيضاً تلك الاحتياطيات بشكل كامل. وليس لدى شركات القطاع الخاص حوافز تُذكر تدفعها إلى ذلك لأن الحكومة وضعت حداً لأسعار الوقود. وقال تشاندان روي التنفيذي المتقاعد الذي كان يعمل في إحدى شركات إنتاج الكهرباء الوطنية ان تي بي سي التي كانت تعرف باسم الشركة الوطنية للطاقة الحرارية: “هناك أزمة هائلة تلوح في الأفق”. وأضاف روي إنه كانت هناك حلول ممكنة معروفة جيداً غير أن الزعماء السياسيين ترددوا في تنفيذها لأنها كانت ستعني رفع أسعار الكهرباء وأنواع الوقود الحيوي. بالنسبة للعديد من الشركات أضحت مشكلة نقص الكهرباء من عوامل إضعاف الانتاج. ففي ولاية تاميل نادو الجنوبية قال سريهاري بالاكريشنان أحد أصحاب مصانع النسيج أن المصنع كان يستهلك 24 ألف لتر أو 6300 جالون من وقود الديزل في المتوسط يومياً لتشغيل عملياته بشكل دائم لينفق أكثر مما لو كانت الكهرباء متوفرة على مدار الساعة بفارق 3000 دولار. وقال: “نحن غير قادرين على استخدام 20 إلى 30% من سعتنا”، وأضاف: “لا نستطيع استخدام كهرباء الشبكة ليومين كاملين أسبوعياً، وحين يكون عندنا كهرباء فإنها تنقطع لست ساعات”. وقال ميرفي مدير مصنع المصاريع إن إنتاجه يمكن أن يزيد 30% لو أن لديه كهرباء موثوق بها. وعلى بعد 30 كيلومتراً من هذا المصنع يوجد موقع لعدد من محطات الكهرباء المقترحة كان يفترض أن تمد المصنع بالكهرباء بحيث لا يضطر إلى تخطيط تشغيله وفقاً لجدول مواعيد توفر الكهرباء، وتقدمت إحدى تلك المحطات بطلب إمدادها بالوقود من كول انديا من أربع سنوات، وكان من المخطط أن تنتج هذه المحطة 2000 ميجاوات من الكهرباء حالياً، الأمر الذي كان سيزيد السعة الكهربية في اندهرا براديش بنسبة 15% تقريباً، غير أن مثل هذه المشاريع تلاقي صعوبات سواء من حيث الموافقات البيروقراطية أو التمويل أو ارتفاع أسعار الفحم المستورد من أندونيسيا. نقلاً عن: «انترناشيونال هيرالد تريبيون» ترجمة: «عماد الدين زكي»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©