جبل الجليد

إذا كان ميسي وروني ورونالدو وكاكا وغيرهم من الأسماء البراقة لم يتمكنوا من تسجيل بصمة حقيقية في المونديال الحالي، وتنازلوا طواعية أو كرهاً عن الأضواء المونديالية لمصلحة فيا وكلوزه وأوزيل وسواريز وغيرهم من نجوم “الطبقة المتوسطة بمقاييس الشهرة”، فإن عالم المدربين شهد ظاهرة مماثلة، فقد اختفى كابيللو وليبي ودومينيك وغيرهم من الأسماء الكبيرة لمصلحة قائمة طويلة من نجوم التدريب الذين لم نكن نعلم عنهم الكثير قبل المونديال، وعلى رأس هؤلاء تاباريز وبيلسا ومارتينو والمدرب الهولندي فان مارفيك. فقد تمكن “جبل الجليد الهولندي” مارفيك من قيادة رفاق شنايدر بهدوء شديد إلى حد شعور البعض فجأة أن هولندا أصبحت طرفاً في نهائي المونديال، وكانت المسيرة الناجحة قد بدأت عقب نهاية المشاركة الهولندية في “يورو 2008”، ليتمكن مارفيك من تحقيق 100% من الأهداف التي حددها اتحاد الكرة في بلاده، فقد خاض حملة تصفيات التأهل للمونديال بصورة مثالية، وكان في طليعة المنتخبات التي تأهلت بسهولة إلى جنوب أفريقيا، وجاء تأهله إلى نهائي المونديال ليحقق أكثر مما هو مطلوب منه، وكان الفوز التاريخي على البرازيل ثم التأهل إلى النهائي الحلم على حساب أوروجواي دليلاً آخر على أنه لم يكن يستحق أن يسخر منه أحد حينما قال هولندا قادمة للمنافسة. ما يلفت النظر في مسيرة مارفيك قدرته على احتواء المشكلات، فقد تعامل باحترافية وهدوء مع ثورة الغضب التي اجتاحت فان بيرسي لدى استبداله في مباراة هولندا وسلوفاكيا، وعلى الصعيد الفني، تمكن مارفيك من تحويل منتخب هولندا من فريق غارق في الرومانسية الكروية، إلى قمة الواقعية بعد أن ثبت بالدليل العملي أن الحرص على الجماليات لم يحقق لهولندا شيئاً سوى الحصول على لقب “أجمل منتخب غير متوج بالبطولات”. بطاقة مارفيك تشير إلى أنه من مواليد ديفنتر في هولندا بتاريخ 19 مايو 1952(58 عاماً)، وبدأ مسيرته الكروية كلاعب وسط مهاجم عام 1969 وتنقل بين عدة أندية أهمها ماسترخت والكمار، وسجل 48 هدفاً طوال مسيرته خلال 468 مباراة، وعلى المستوى الدولي، دافع عن ألوان منتخب بلاده في مباراة واحدة عام 1975. مسيرة مارفيك التدريبية بدأت عام 1982 وكانت محطته مع فينورد الهولندي هي الأبرز خاصة أنه فاز بكأس الاتحاد الأوروبي عام 2002، وفي عام 2004 اقتحم مارفيك معقل الألمان بعد الاستعانة به لتدريب بروسيا دورتموند، وفي عام 2008 تولى تدريب المنتخب الهولندي الذي حقق معه الفوز في 19 مباراة، وتعادل في 6 ولم يعرف طعم الخسارة إلا في مباراة واحدة.