الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

حق المشاهد

حق المشاهد
8 أكتوبر 2008 23:11
في الزمن الذي ينفتح فيه العالم على بعضه بعضاً واتساع تكنولوجيا الاتصال بشكل شاسع حتى أنه يكاد لم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه أو وضعه تحت الطاولات· في هذا الانفتاح العالمي الشاسع، تعطلت وسائل تكميم الآراء والأفكار وبات التعبير متاحاً ومشاعاً للجميع· وفي كل هذا يأتي إلينا بعض من كتاب الرأي، كي يطالبوا بإعادة الحصان خلف العربة، وأن يعيدوا أسلوب الرقابة والتحفظ على كل ما هو متاح للجميع بأن يقرأوا ويشاهدوا وأن يقولوا آراءهم· ذلك شيء مما ورد خلال الفترة الأخيرة من تعليقات على بعض الأعمال الدرامية التي عرضت في شهر رمضان الماضي والتي ربما لا نختلف على أن بعضها كان دون المستوى وبعضها الآخر حقق النجاح، حيث نادت بعض الأقلام بوضع الوصاية على الأعمال الدرامية المحلية، كالمطالبة بلجان إجازة الأعمال الدرامية التلفزيونية· هناك هفوات حدثت في بعض الأعمال، لكن على الرغم من ذلك لا أتفق مع تلك المطالبات، وذلك انطلاقاً من احد مبادئ حرية الرأي وهو: من حق الآخر أن يقول رأيه بكل حرية ومن حقنا أن نقبل هذا الرأي أو نرفضه· إن وضع لجان لإجازة الأعمال الدرامية في المحطات التلفزيونية المحلية أمر يعيدنا إلى الخلف ويدخلنا في نفق الظلام، على الرغم من كل إنجازاتنا على هذا الصعيد من انفتاح على العالم والتواصل معه والحرية التي حظيت بها الأعمال الإبداعية خلال المرحلة السابقة والتي منها إلغاء الرقابة من قبل وزارة الإعلام والثقافة (سابقاً) على الكتب في معرض أبوظبي الدولي للكتاب وكذلك عرض بعض الأفلام في دور العرض المحلية على الرغم من منعها في العديد من الدول بسبب الموضوع الذي تتناوله، مؤكدة بذلك أهمية الإيمان بحرية العمل الإبداعي وحق المشاهد في الإطلاع والقراءة· ومن أجل الحفاظ على هذه المكتسبات، يجب الكف عن المناداة بمثل هذه اللجان التي تندرج ضمن وسائل تكميم التعبير والإبداع، ذلك لأنه من غير المتوقع والموثوق به ألا تكون متكئة على أفكار وأيدلوجيا خاصة بها، ويكون شروط إجازة العمل لديها ينطلق من خلال مفهومها الثقافي الذي ربما يتفق أو لا يتفق مع الفكرة الإبداعية المطروحة، أو مع صاحبها، أو تقر الأعمال الدرامية وتقبلها من خلال رؤية رجعية، تقليدية، فارغة من الجديد والحس الإبداعي المختلف· لذلك يجب أن يسمح لجميع الأفكار أن تعرض بشرط ألا تتطرق بالتجريح إلى قيمة الإنسان وحقه في التفكير والاعتقاد واحترام قيم وثقافات الشعوب· وأن يكون من حق المشاهد قبول العمل أو رفضه، وعلى الإعلام أن يقدم رؤيته النقدية بشكل علمي جمالي خارج عن التجريح والمديح المبالغ فيه والمحاباة واللعب بعقلية المشاهد وتقديم صورة غير حقيقية على حساب الذوق الفني· ولندع كل الورود تتفتح، وذات الشكل الجميل والرائحة الزاهية سوف يلتفت إليها الجميع في الحاضر أو في المستقبل·· نتمنى أن يكون عهد الرقابة على الإبداع قد انتهى فعلاً، نتمنى أن نصدق ذلك!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©