الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الرقمي» ينافس بالمضمون والسعر.. لكن رائحة الورق أقوى

«الرقمي» ينافس بالمضمون والسعر.. لكن رائحة الورق أقوى
28 ابريل 2013 23:57
(أبوظبي) ـ أعلن الكتاب الرقمي الذي أصبح يشكل وعاء للمعلومة كنظيره الورقي في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته 23 حضوره بقوة، وذلك من خلال جناح المنشورات الإلكترونية الذي استوطن قلب المعرض مشكلا واسطة العقد.. حضور فرضته طبيعة الكتاب نفسه، مكتبات دون كتب، عوضتها أجهزة إلكترونية يشرح القيّمون عليها ما تحتويه من عناوين مهمة في جميع المجالات والفنون الأدبية، وسهولة اقتناءها، بينما تكفل مؤسسو المكتبات الإلكترونية بشرح مزايا الكتاب الرقمي، وسهولة تطبيقاته، يخاطبون دور النشر الذين ما يزالون يتعاملون مع الأمر على استحياء خوفا من القرصنة، بإقناعهم بضرورة التوفر على مكتبة إلكترونية إلى جانب الورقية، لما لها من مردود جيد على الكتاب الورقي، بما يحققه من دعاية له، دافعين بحتمية الموضوع الذي بات ملحا، بل ضرورة خاصة عند هذا الجيل المفتون بالعوالم الافتراضية، والذي يطلق عليه الجيل الرقمي. أما المساحة التي يحتلها الكتاب الرقمي عند جمهور معرض الكتاب فلا زالت ضيقة، نظرا لعدم نضج فهمها عند العديدين، فمنهم من يقول إن الكتاب الورقي لا غنى عنه، بينما يلفت البعض إلى أن الرقمي يُسهّل الوصول للمعلومة في جميع أنحاء العالم قبل أن تطبع ورقيا، مؤكدين على يسر حمل المكتبة الإلكترونية والتنقل بها. من جانبها تؤكد إدارة المعرض أن منصة النشر الإلكتروني تشكل خزانا كبيرا للكتب التي تعرض على أرفف العالم الافتراضي، وتحقق نجاحا دورة بعد أخرى وقيمة مضافة لجمهور المعرض. حول الكتاب الرقمي، حضوره في منطقة الـeZone داخل معرض أبوظبي للكتاب، وتأثره على الرواد والقراء، ومدى الإقبال عليه، كان هذا الاستطلاع: الخوف والنضج يقول محمد بهيج الطيف مسؤول تسويق في تقنيات المكتبات أن الكتاب الإلكتروني له عدة مميزات كما له مساوئ، أما المميزات فهي إن الكتاب الرقمي يغني عن المكتبة الورقية وما تتطلبه من جهد في الفهرسة والتبويب، ومن الناحية المالية يعتبر أقل تكلفة من الكتب التقليدية، ويتميز أيضا بسهولة البحث ويسر الوصول للمعلومة قبل طباعتها من جميع أنحاء العالم في نفس اللحظة، أو قبل عرضها مثلا في المعارض والمكتبات، لافتا إلى أن المكتبة الرقمية تشتمل على الآلاف من العناوين، بل تصل إلى الملايين في بعض الأحيان، مؤكدا جودة الفهرسة والتبويب وسهولة التنقل بها دون أن يصيبها أي تلف وتعمر طويلا. ومن حيث السلبيات يوضح بهيج الطيف أن المكتبة الورقية تفقد قيمتها عند هذا الجيل خاصة، الذي تصبح معلوماته ضعيفة نتيجة عدم توسعه في البحث في الكتب الإلكترونية أو المراجع، مما يؤدي إلى تراجع مهاراته المعرفية التي يكتسبها من خلال القراءة الورقية، ويضيف الطيف: الكتاب الإلكتروني يُقرأ بطريقتين، إما عن طريق القراءة أو الاستماع، وهناك من سيتجه لفكرة الاستماع بدل القراءة بالعين بكثرة»، ويؤكد أن ذلك سيزيد من تراجع المهارات عند البعض، كضعف اللغة، والتوفر على رصيد معرفي جيد. بينما القارئ التقليدي يسجل بعض المعلومات، أو عبارات جميلة يرجع لها فيما بعد، كما يسمح له الكتاب الورقي بالتخطيط أو تعلم بعض المعلومات، لافتا إلى أن هذا المعطى الجديد يشكل تقدما لأشياء وتراجعا لأشياء أخرى. يؤكد الطيف أن التعاطي مع الكتاب الإلكتروني يتجه الاتجاه الصحيح رغم الصعوبات والتحديات التي يواجهها مؤسسو المكتبات، موضحا أن بعض الكتّاب يرفضون تحويل كتبهم الورقية إلى رقمية خوفا من فقدان قيمتها، بينما يبدي الناشرون تخوفهم من القرصنة. ويوضح: عندما نرغب في تحويل مكتبة عادية إلى رقمية فإنه يجب الاحتفاظ بما يعادل 50 % من محتواها على الأقل، لأن الكتب الورقية تفقد قيمتها، كما تواجهنا صعوبة إقناع كل الكتّاب بتحويل كتبهم إلى رقمية خوفا من إضعاف محتوى الكتاب، بحيث إن هناك من لا يستطيع قراءة الكتاب كاملا عن طريق وسائط القراءة الإلكترونية، ومن خلال تجاربنا مع تحويل بعض المكتبات الورقية إلى إلكترونية، فإننا حولنا مكتبة مؤسسة قطر للنشر والتوزيع من ورقية إلى إلكترونية بما يعادل مليون عنوان. ويلفت الطيف إلى أن أكبر مكتبة إلكترونية يمكن أن تحتوي على 25 مليون عنوان، موضحا أن مكتبة الطلاب الإلكترونية بالجامعة الأميركية بالشارقة تحتوي على 150 ألف عنوان رقمي، بينما تحتوي على ما يقرب من مليون كتاب ورقي، أما محتويات الكتب الرقمية وفهرستها وتبويبها فإنه يسهل البحث على الطالب إيجاد المعلومة، بحيث تشمل المكتبة على بحوث جامعية وماجستير ورسائل دكتوراه من 18 دولة عربية بثلاث لغات، إذ تمكن الطالب من البحث بثلاث لغات العربية والفرنسية والانجليزية، ونظرا للتبويب الجيد فإن الباحث عن معلومة مثلا في القانون يكفي أن يكتب قانون تظهر أمامه كل المراجع بتلك اللغات. رهانات التطبيقات رهبة الكتاب الإلكتروني وتطبيقاته الصعبة خاصة في شقه العربي، وتشبث البعض بالكتاب التقليدي لا زالت تقف عائقا أمام سرعة نمو الكتاب الورقي في المجتمع العربي، رغم ما يحققه من نجاح ودعاية لفائدة الكتاب الورقي، ورغم الجهود المبدولة في المجال في اتجاه رفع الوعي بسهولة هذه التطبيقات وتبسيطها.. عن ذلك يتحدث إسلام عبد الوهاب مدير إنتاج «انترفايس» الذي يعرض الحلول الخاصة بالنشر الإلكتروني على أجهزة الـ (آي باد) والـ (آي فون) للناشرين لتسهيل عملية النشر الإلكتروني وسهولة عملية القراءة بالنسبة للقارئ، ويقول: «نهدف من خلال رفع الوعي بهذه التطبيقات هو فتح أسواق جديدة وتوسيع قاعدة القراء بدون زيادة تكلفة الناشر، إذ إن نجاح الكتاب الرقمي يعتبر مؤشرا لنجاح الكتاب المطبوع، فالكتاب الرقمي يدعم الكتاب الورقي بشكل جيد، ومن يطلع على بعض الكتب الرقمية يصبح لديه فضول لقراءتها على الورق، وهذا الأمر لا يقلل من قيمة الورقي كما يعتقد البعض، كما أنه لا يؤثر على قاعدة القراء التي تقبل على الكتاب التقليدي لأنها تخاطب فئة جديدة ومختلفة من القراء وهي الجيل الرقمي، خصوصا وأن المحتوى العلمي في الكتاب الرقمي يمكن دعمه بالصوت والصورة». أما فيما يخص التطبيقات وسهولتها فيؤكد عبد الوهاب أن التطبيقات موجودة ومتوفرة بالنسبة للأجنبي، بينما يعرف المحتوى العربي نقصا شديدا على التطبيقات، ويقول «يجب أن نعمل على جذب القارئ لمحتوى الكتاب العربي في صورة جديدة تواكب العصر دون المساس بالهوية العربية، خاصة بالنسبة للأجيال التي نشأت في محتوى رقمي، والصعوبة الأساسية هي عدم توفر المحتوى، لكن الصعوبة التي تواجه صناع التطبيق هي عدم جرأة الناشرين، لأن الناشر يعتقد أن الكتاب الرقمي غير آمن تسهل سرقته، وهذا اعتقاد خاطئ» وفي رأيه أن النشر الرقمي هو حل موازي وليس بديلا للنشر التقليدي، لافتا أن الكتاب الرقمي يعيش مدى الحياة.. وفي سياق آخر يوضح عبد الوهاب أن أصغر مكتبة إلكترونية تضم 400 عنوان، أما التطبيقات فإنها تتم على الـ (آي باد) والـ(آي فون)، لافتا إلى أن طريقة الشراء تتم عن طريق البطاقة الائتمانية أو عن طريق الشبكة العنكبوتية، مع إمكانية بالانخراط سنويا في بعض المكتبات الرقمية، من خلال تجديد هذا الاشتراك لمن يرغب في ذلك. الورق والحبر تشير رشا زيدان التي حجزت لها مكانا في جناح النشر الإلكتروني، وتوزع كتابها الذي يتحدث عن التغذية والصحة على أرفف مكتبتها الصغيرة في المعرض أنها تمهد لخلق مكتبة إلكترونية من خلال كتابها الوحيد الذي ألفته في أميركا، وأنها تؤمن بالكتاب التقليدي، وأن ذاكرتها القرائية تختلط برائحة الورق، لافتة إلى أن متعتها الحقيقية تتمثل في القراءة التقليدية، لكن ضرورة النشر العصري تستدعي خلق نافذة على النشر الإلكتروني.. وتقول: «الكتاب التقليدي يسمح بتصفح ورقاته، والرجوع لها في كل حين، أحب القراءة قبل النوم لتنام في مخيلتي مفردات وتعابير جميلة، أو معلومات علمية في أي مجال أحب الاضطلاع عليه، بحيث يتمكن القارئ مع توالي القراءات من تحقيق تراكم معرفي وتطور في المهارات». ورغم ما تؤمن به زيدان فإنها تتجه نحو صناعة إلكترونية لتسهيل وصول مطبوعها للعالم، موضحة أنها تبيع نسختها المطبوعة بـ55 درهما بينما يصل سعره إلى 30 درهما في نسخته الرقمية. وتؤكد أن الكتاب الإلكتروني يبقى أرخص من الكتاب الورقي لأنه ينشر قبل أن يطبع على الورق ودون تغليف، موضحة أنها كناشرة جدية تطمح في اختراق السوق وتحقيق قراءة عالية لكتابها، موضحة أن أفضل طريقة طريقة للنشر الإلكتروني هي على (الكندل) الخاصة بالنشر باللغة الأجنبية التي تعتمد على تكنولوجية الحبر السائل غير المضر بالعين. على خلفية مقولة «أنا الجيل الذي لم يعش الجوال» تشير خولة حسن من الإمارات والتي عاشت في كندا مدة 6 سنوات، أنها تزور المعرض للبحث عما يغذي روحها وفكرها من كتب في مختلف المجالات العلمية والأدبية، وتحمل في يدها لوائح مجهزة سابقا من طرف أبنائها. وتضيف أنها تعشق الكتب الورقية، مبررة ذلك بكونها لم تنشأ تنشئة رقمية، بينما توضح أن ابنتها مريم (15 سنة)، وابنها (أحمد 14) وآخرين صغارا، يعشقون الكتب الإلكترونية، مع احتفاظهم برصيد كبير من الكتب الورقية وهي عادة ترسخت فيهم منذ إقامتهم في كندا، التي تزامنت مع فترة تأسيسهم، ورغم ذلك فإن هناك ما يجعلهم يتابعون ركب القراءة العصرية التي يتجه لها هذا الجيل، لكن دون التخلي عن القراءة الورقية على حد قول والدتهم خولة، لافتة إلى أن حيز القراءة باللغة العربية يكاد يكون منعدما لدى أبنائها الكبار مما دفعها لتغيير سياستها مع إخوانهم الصغار. ورغم صغر سنه فإنه يكاد لا يتقبل القراءة بواسطة الكتاب الإلكتروني، فمتعة القراءة لديه تتمثل في الإمساك بالكتاب الورقي والتخطيط تحت كلماته والعبارات الآسرة، هكذا يقول شهاب أحمد المرزوقي الصف 11 علمي، ويضيف «من الكتب التي أحب الاضطلاع عليها الكتب العلمية، وتلك المتعلقة بالرياضيات، الفيزياء الكيمياء، الصحة والتغذية، بالإضافة للروايات خاصة للكاتبة أجاتا كريستي» وفي الجانب الإلكتروني يقتصر على قراءة ما هو بالمجان مثل الصحف والمجلات. سرعة المعلومة إذا كان البعض لم يستسغ بعد التجربة، محجما عن التعاطي معها بشكل جيد، فإن هناك من يرى أن المكتبة الإلكترونية تتسم بالسرعة والسهولة، رغم صعوبات البداية التي تصبح يسيرة مع الممارسة.. وعن ذلك تقول نهى رمضان موظفة ببورصة أبوظبي أنها تحب القراءة الورقية، وتحتفظ بخزانة كبيرة تشمل مختلف الكتب، لكنها أصبحت دائمة البحث عن الكتاب الرقمي لما له من أهمية قصوى خاصة في الجانب المتعلق بعملها، وتوضح: عندما أرغب في البحث عن كتاب حديث في مجال التحليل المالي، أو عن الميزانيات التي قد تتكون من أكثر من 500 صفحة فإنني أتجه مباشرة للمكتبة الإلكترونية، خاصة وأن العالم أصبح قرية صغيرة وما يحدث هناك يؤثر علينا في مجال البورصة، فهناك اختصار للوقت، نقص التكلفة، سرعة الاستجابة، الاقتصار على استخراج المعلومة التي نرغب فيها بدل البحث في كتاب يتجاوز هذه الصفحات. كما أن الكتاب الإلكتروني يساعد على استخلاص المعلومة السريعة وكتابتها، هذا في المجال العملي والعلمي» واتضح أن موضوع التعاطي مع الكتاب الإلكتروني تعرف صعوبة في البداية، وتصبح يسيرة مع مرور الوقت والممارسة. أما في المجال الأدبي فتؤكد نهى رمضان أنها لا تستغني عن الكتاب الورقي في ناحيته الأدبية، بحيث تقول إنه يخول لها الانغماس في أحداث القصة، والتطفل على شخوصها متيحة لها تلك الغفوة اللذيذة التي تطاردها كلما لجأت لسريرها، حيث اعتادت أن تقرأ قبل النوم. مؤشر النجاح تشارك منطقة النشر الرقمي eZone للسنة الثالثة على التوالي في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته 23، وتعرف نموا وتزايدا ملحوظا، بحضور 25 دار نشر رقمية، وذلك وفق محمد الشحي مدير النشر بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الذي يؤكد أن ذلك يعتبر مؤشرا إيجابيا عن نجاح التجربة. ويقول الشحي «سجلت هذه الدورة من المعرض تزايدا ملحوظا في عدد دور النشر الإلكترونية بشقيها العربي والانجليزي مع حضور قوي للجانب الأجنبي، مع العلم أن هناك مؤسسات عربية أصبحت تتجه نحو الكتاب الإلكتروني العربي، إذ تحمل الكتاب من صيغته التقليدية إلى تقنية إلكترونية». ويشير الشحي إلى أن الكتب غير متاحة في منطقة النشر الإلكتروني، نظرا لتواجدها فقط في الفضاء الإلكتروني، بينما تتواجد الشركات للترويج لمنتجاتها، وعقد الصفقات مع دور النشر العربية، بالإضافة لتواجد صناع المكتبات الإلكترونية، الذين يعملون على الدعاية لسهولة التطبيقات وقوة المحتوى. ويشيد الشحي بتجربة مؤسسة «نيل وفرات» التي تطرح الكتاب الإلكتروني، عن طريقة الشبكة العنكبوتية، بحيث تعمل على توصيله للمقتني عن طريق الشبكة، كما يصل الكتاب الورقي عن طريق البريد العادي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©