السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رشيد بوجدرة: الألم منبع الإبداع ولست كاتباً مقروءاً

رشيد بوجدرة: الألم منبع الإبداع ولست كاتباً مقروءاً
28 ابريل 2013 23:46
جهاد هديب (الاتحاد) - في إطار البرنامج الثقافي لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، استضافت أقيمت ندوة للروائي الجزائري الفرنسي رشيد بو جدرة في “مجلس الحوار” مع جمهور المعرض إدارة الإعلامي خالد بن ققة. افتتح الحوار بسؤال يتعلق بـ“التغيّر المناخي العاصف” الذي حلَّ ويحلّ بالعالم العربي وأثره على الكتابة الروائية لدى بوجدرة الذي ردّ بأنه يعكف حاليا على رواية كتبها وتصدر في سبتمبر المقبل بعنوان: “الصقيع العربي” ويتناول فيها المجتمع الجزائري بوصفه نموذجا للمجتمع المغاربي ثم العربي إجمالا وإحدى العيّنات البارزة فيه، مشيرا إلى أن الرواية تتحدث عن تحولات هذا المجتمع سواء على صعيد تقدمه أم تخلفه. وقال: “تعلمون جيدا أنني مغاربي وأدين بفضل كبير لتونس وللمدرسة الصدقية التي تعلمت فيها ولأساتذتي “الصادقيين” لما اكتسبته من توجّه نحو الكتابة بتأثير منهم”، مؤكدا أن روايته المقبلة لا توظيف فيها مباشرا للسياسة بل إن التاريخ هو قاعدتها الصلبة وتدور أحداثها في صيغة فنية درامية في حين هي لا تنأى عن “تصادم” الحضارات عبر شخصيتين نسويتين، الأولى منهما شابة جزائرية رياضية تلتقي في الجزائر بإسبانية جاءت إلى البلاد، للمفارقة، بحثا عن عمل. وفي يتعلق بما يسمى “الربيع العربي” وأحداثه وتداعياته، قال بوجدرة: “بالنسبة لي فقد تشكلت هذه التسمية على خلفية سوداء فقد أطلقتها الصحافة الفرنسية، مثلما أطلقت في نهاية الستينات الوصف: “ربيع براغ”، ثم التقطتها الصحافة الأميركية لتشيع بعد ذلك في وسائل الإعلام العربي بكل أطيافه” لكنه في الوقت نفسه اكّد انه أحبّ “الثورات العربية” وأحبّ “هبوبها على المجتمعات العربية لتقلب الأشياء جذريا رأسا على عقب، لكن الآن ما النتيجة. لقد كانت التيارات الاسلامية تحوم حول السلطة سابقا وها قد حصلت عليها في البلاد التي جرت فيها الثورات وعبر صناديق الاقتراع في حين أن الذين خاضوا غمار هذه الثورات هم الشباب ليقطفوها هم ثم ليتم تحييدهم تماما” مؤكدا أن هذا هو رأيه الشخصي. وحول ما يمكن تسميته بأدب الثورات العربية كذلك روايته الجديدة ، اشار بو جدرة إلى أنه لم يتسن له حتى الآن أن يقرأ إبداعا ناضجا حول الثورات العربية، مشيرا إلى أنه نحى في روايته “الصقيع العربي” نحو “شيء ذاتي محض” فتناول فيها من بين ما تناول تقدّم أوضاع النساء في الجزائر حيث يفوق عدد الطبيبات الجزائريات العاملات عدد الأطباء مثلما تبلغ نسبة النساء العاملات في في مجال العدالة والقانون نسبة الستين بالمئة ما يعني ـ بحسبه ـ ان مقياس تقدم المرأة في العمل هو مقياس لتقدم المجتمع رغم ان هذه المجتمع ذاته ـ أي الجزائري ـ قد شهد انتكاسات مروّعة على مستويات أخرى. أيضا أثير السؤال القديم الجديد حول الكتابة بالفرنسية من قبل كاتب لغته الم هي العربية، فردّ بو جدرة: إنني أكتب باللغتين العربية والفرنسية التي هربت إليها من الرقابة السياسية منذ نهاية الستينات، عندما ذهبت إلى باريس وأقمت لخمسة أعوام وكتبت ثلاث روايات وعندما عدت إلى الجزائر كنت قد عُرفت كروائي وكتبت بالعربية، هكذا ببساطة”. وحول انتشار أعماله في أوساط القرّاء، عربا وناطقين بالفرنسية قال بو جدرة: “لم أكن يوما كاتبا ذا “مبيوعية” عالية، إن إحدى رواياتي التي كتبتها قبل أربعين عاما لم تبع طيلة هذا الوقت سوى ثمانين ألف نسخة بواقع ألفين لكل سنة، غير ان ذلك لا يهمني كثيرا بل ما يهمني هو “المقروئية” الذكية والمثقفة والجيدة في العالم العربي” مؤكدا في الوقت نفسه أن انخفاض معدل المقروئية في العالم العربي إجمالا يأتي بسبب التخلف والجهل الناجم عن تخلف المدرسة وانحطاطها وفشلها في تربية ذائقة جمالية أدبية وفنية. غير أن أمر انخفاض المقروئية لا ينطبق على العالم العربي وحده فقد انخفضت في الغرب خلال السنوات الخمس الماضية إلى نسبة الخمسين بالمئة” متسائلا: “أين هي الأم العربية الآن التي تُهدي ابنها كتابا في مناسبة ما؟ باستثناء النخب من المهمات او عن طريق المصادفة”. وفي ما يتصل بالأفكار التي تقوم عليها رواياته أشار إلى أنها “روايات ضد النفاق الاجتماعي المستشري في المجتمعات العربية، ولم أبدع شيئا بل تأثرت من هذه الناحية بالرواية الغربية لكن كانت الموضوعات دائما مستمدة من الجرح العربي الكبير”. مؤكدا، في هذا السياق، أن مقروئيته كانت دائما متواضعة منذ البداية وان هذا لا يغضبه أبدا وانه ينتمي إلى ذلك التيار من الكتّاب الذين ينتبهون لإنجاز عمل أدبي جيد وليس للمبيعات. وعن استخدامه تقنيات السرد التاريخي أشار بو جدرة إلى أن ذلك ليس من اختراعه بل استقاه من الرواية الفرنسية التي ظهرت في الستينات من القرن الماضي لكنه استخدم التاريخ كجدار عازل بينه وبين السلطة ورقابتها السياسية “وما كان يهمني دائما هو كيف يأكل الجزائري وكيف يمشي وكيف ينام ويحلم. كما اشار إلى انه استراتيجيته في الكتابة تبدأ من بناء الحكاية أولا ثم يأتي التاريخ ليطرق الباب بتناقضاته وشخصياته مؤكدا أن ابن خلدون لطالما كان أستاذا له وملهما، ليختصر هذه العلاقة بين الفني والتاريخي بالقول: “إذاً، فنيا استفادت روايتي من الرواية الغربية، وتاريخيا من ابن خلدون ومن الجاحظ أيضا وخصوصا في حكاياته عن الحيوان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©