الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الأميركية.. وتغيير لعبة المناظرات

29 يناير 2016 23:03
اتضح إذن أن المناظرات الرئاسية لعبة غير تعاونية، وهناك مزايا في استراتيجية التعاون مع الآخرين، لكن إذا رأى المرشح أن عدم المشاركة قد يحسن وضعه فلن يجبره أحد على التعاون. وقرار «دونالد ترامب» بالانسحاب من المناظرة التلفزيونية السابقة على مؤتمرات «أيوا» الأسبوع المقبل قد يحسن مكانته في استطلاعات الرأي. فعلى كل حال، لن تتحدث وسائل الإعلام عن مرشح «جمهوري» آخر على مدار الأيام القليلة المقبلة. وإذا حذا مرشحون آخرون حذو «ترامب» فقد نرى مع مرور الشهور، نهاية للمناظرات التي تجري على غرار اختبار أداء الممثلين وتملأ الخريطة الانتخابية بالملل. ويمكن النظر إلى المناظرات باعتبارها جزءاً من مباراة أوسع يتنافس فيها المرشحون على جائزة الانتصار الانتخابي الذي يفوز به شخص واحد فقط. ومن المنطقي التعاون فيما بينهم بالانضمام إلى المناظرات عندما يكون عائد المشاركة أكبر من عائد عدم المشاركة. ومن ضمن حسابات المباراة، أنه يتعين على المرشح أن يأخذ في الحسبان الاستراتيجيات المحتملة للمرشحين الآخرين، ولذا فإن السؤال الحقيقي يتعلق بما إذا كان عائد المشاركة أكبر من عائد عدم المشاركة مع افتراض مشاركة الجميع. وهذا الشرط الأخير مهم. ولو كان رفض المرء الانضمام إلى المناظرة استراتيجية شائعة، لكان العائد الذي يحصل عليه «ترامب» أصغر بكثير، لكن العائد الذي يحصل عليه قد يكون كبيراً ومكاسبه يمكن قياسها من واقع أنه ما زال محور تركيز وسائل الإعلام. وعلى الجانب الآخر، فإن عائد الظهور في المناظرة صغير على الأرجح، والأمر لا يقتصر على «ترامب» فحسب، ومكاسب أي مرشح من التعاون أي حضور المناظرة من الصعب تحديدها، فالمناظرات في الواقع ليست إلا مؤتمرات صحفية مشتركة، والناخبون الذين يحتاجون إلى معلومات لديهم مصادر وافرة. والناخبون الذين لا يرغبون في الحصول على معلومات لا يشاهدون المناظرات على الأرجح. والواقع أن هناك احتمال كبير بشأن كذب الناخبين الذين يزعمون أنهم شاهدوا المناظرات. وتوصلت دراسة لدورية «بابليك أوبنيان كوارترلي» أن عدد الأفراد الذين يذكرون أنهم شاهدوا مناظرة ما في استطلاعات الرأي يبلغ ضعف عددهم في تقديرات شركة «نيلسن» لقياس مشاهدات الجمهور فعلياً للمناظرات. فلماذا يكذب الناس في استطلاعات الرأي؟ ربما لأن الإجابة بنعم فيما يبدو بالنسبة لهم تدل على أنهم أكثر تحضراً. ويُعتقد في الغالب أن أداء مرشح هامشي ما في المناظرات داخل الحزب الواحد قد تؤدي إلى قفزة في استطلاعات الرأي، لكن هذه القفزات قصيرة الأمد في الغالب، كما يذكرنا بذلك ما حدث مع «كارلي فيورينا» و«بن كارسون». وتأثير المناظرات بين الأحزاب في الخريف المقبل محل شك، والعمل الأكاديمي ينطوي على تناقضات وغير حاسم. وكتب جيمس ستيمسون المتخصص في العلوم السياسية يقول: «لا توجد حالة يمكننا أن نتبع فيها تحولاً جوهرياً في المناظرات، لكن في انتخابات متقاربة النتيجة وفي أوقات المناظرات، وهناك حالات في أعوام 1960 و1980 و2000، من المحتمل أن تكون المناظرات نقطة التذكير الأخيرة. أما سبب تصويرها دوماً باعتبارها جزءاً محورياً من القصة في الحملة الانتخابية الرئاسية، أميل إلى فكرة أنها صور تلفزيونية متوافرة بشكل ملائم». لكن «ترامب» لا يفتقر للمقاطع المصورة. و«جون سايدز» المتخصص في العلوم السياسية يلخص البحث الأكاديمي قائلاً: «في العام الانتخابي المتوسط يمكن التنبؤ بدقة المكان الذي سيقف عنده السباق بعد المناظرات من خلال معرفة حال السباق قبل المناظرات». أي أن المرشح الذي يتصدر استطلاعات الرأي قبل المناظرة بات شبه مؤكد أنه سيظل متصدراً إياها بعد المناظرات. فلماذا يشاهد الناس المناظرات؟ لأنهم مثل مشجعي الرياضة يميلون إلى رؤية وسماع ما تتمناه قلوبهم وليس عقولهم. ويشير «سايدز» إلى أنه «في استطلاع لشبكه سي. إن. إن. بعد إحدى مناظرات عام 2008 كان 85 في المئة من «الديمقراطيين» يعتقدون أن أوباما فاز مقابل 16 في المئة فقط من «الجمهوريين» يوافقونهم الرأي». وإذا صح هذا التحليل، فالعائد من المناظرات ضئيل. وحتى الآن ربما كان يخشى مرشح ما من كلفة عدم المشاركة في المناظرات، لكن ترامب لن يتكبد خسارة على الأرجح بل قد يحصد مكسباً. وإذا حدث هذا، قد يبدأ المرشحون الآخرون في إدراك ميزة عدم حضور المناظرات. وتصل الأمور إلى ذروة معينة ثم ينهار النظام الحالي من المناظرات. *أستاذ القانون في جامعة «يل» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©