الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفجير بوسطن... ومواقع التواصل الاجتماعي

28 ابريل 2013 23:30
كيفين إف. أدلر المدير التنفيذي لمؤسسة «إنذيس» ومؤلف كتاب: «كيف يمكن للكوارث أن توحدنا» منذ أسبوع، توجت سلسلة الأحداث الممزقة لنياط القلب، التي أعقبت تفجيري بوسطن، بالقبض على المشتبه به الهارب في (وترتاون- ماساشوستس) وبمظاهر تعبير سخية عن الارتياح في شوارع المدينة -وعلى موقع تويتر. ونحن الأميركيين، نتوحد ونرتفع على الأحزان عادة في أوقات المآسي، وجاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتسرّع من وتيرة، ومن درجة متانة: روح المشاركة الرائعة هذه أكثر من أي وقت مضى. فالكوارث قد تكون «جحيماً مادياً» في حقيقتها، ولكنها تنتج مع ذلك وبصفة مؤقتة، ما يمكننا اعتباره نوعاً من «اليوتوبيا الاجتماعية» على حد وصف عالم الاجتماع الشهير «تشارلز فرتيز» في دراسة شهيرة له عام 1961. وهناك شواهد تاريخية على ذلك، مثل زلزال وحريق سان فرانسيسكو المدمر عام 1906، والحرب العالمية الثانية، وأحداث الحادي عشر من سبتمبر. وقد كان الأميركيون وشعوب أخرى جزءاً من هذه الظاهرة الأسبوع الماضي: ففي نفس اليوم الذي حدث فيه التفجيران، تدفقت التعليقات على موقع فيسبوك تقدم الأدعية والصلوات، وبعضها يعرض موارد، وأماكن للإقامة؛ وقام العداؤون المشاركون في السباق، وأصدقاؤهم المقيمون في منطقة بوسطن، بإرسال رسائل طمأنة عبر حساباتهم في هذا الموقع. وخلال فترة إغلاق بوسطن، ومطاردة المشتبه بارتكابهما للحادث، تحول العديد منا إلى «مواطنين صحفيين» ومحققين، حيث استمعنا لتعليمات الشرطة، ونقبنا في أشرطة الفيديو المصورة للسباق وللحادث بحثاً عن أدلة، كما تابعنا التغطيات الخبرية لمحطات التلفزة من «وترتاون»، وقمنا بإرسال تغريدات مراراً وتكراراً عما اعتبرناه أدلة، كما أرسلنا أيضاً تحديثات، وتعليقات. وهذا الأسبوع، وعندما يعود معظمنا إلى حياته الطبيعية، فإننا ندرك أن الحياة لن تكون هي نفس ما كانت عليه من قبل بالنسبة للضحايا، ولمن فقدوا أحباءهم الذين يواجهون رحلة غير مؤكدة، ولذا يجب علينا أن نبذل قصارى جهودنا كي نجعلهم يشعرون بأنهم لن يخطوا خطاها بمفردهم. فبنفس التصميم والعزم، الذي قمنا فيه بنشر المعلومات، وعبرنا من خلاله عن تضامننا الأسبوع الماضي، نستطيع أن نستخدم قوة التقنية مرة أخرى، كي نبقى على اتصال، ونخطو عدة خطوات إضافية إلى الأمام معاً. والواقع أن هذا قد بدأ بالفعل. حيث أنشأ مواطنون عاديون «صندوق عائلة ريتشارد» لمساعدة أسرة مارتن ريتشارد الطفل البريء الذي قضى في الحادث على التغلب على أحزانها. كما يقوم عشاق ماراثون بوسطن بتقاسم قصصهم وذكرياتهم عن لحظات الرعب، في موقع أعد خصيصاً لذلك؛ كما يقوم العداؤون في كل مكان بالركض من أجل بوسطن. وعندما نتوحد حول ظروفنا المشتركة -الأحداث واللحظات والتجارب التي تجمعنا معاً- فإننا نحافظ على السياق، ونعزز روابط أعمق مع الآخرين، وننخرط معهم في إطار مجتمعي، ونجسر الفجوة بين الإنترنت وبين العالم الواقعي. ولكن ذلك لا يعني بحال أن كل شيء دافئ، وعلى ما يرام في مواقع التواصل الاجتماعي. ففي المواقف المتقلبة، المراقبة عن قرب مثل مطاردة المشتبه بهما، عادة ما تكون العواطف محتدمة، والمعلومات الزائفة منتشرة، والشكوك والتكهنات مرتفعة. وفي أوضاع مثل هذه، يمكن أن نجد أنفسنا، وعلى نحو سريع، متورطين في تلك «الضجة الشاملة» التي تسم البيئة الإعلامية اليوم، والتي تميل كفتها نحو الأكثر لجاجة، والأعلى صوتاً؛ ونحو الثرثرة الأكثر إدهاشاً، والتعرف على المشتبه بهم في الوقت المطلوب -حتى لو كان ذلك التعرف ليس صحيحاً. ومع ذلك، فإن الإيحاء بأننا خلال القصة الكبيرة التالية، سنكون أفضل حالاً إذا ما أغلقنا أجهزتنا، وعكفنا على تنظيف مزاريب الأمطار على أسقف بيوتنا، يخطئ الهدف تماماً لأننا سنتبع العلامات المميزة لتغريداتنا ثم نضغط على زر «أعد التغريد» لأننا نريد تقديم يد العون فحسب. فنحن نشعر بنوع من التوحد في المشاعر مع الناس الذين يعيشون في تلك الأحياء التي ضربتها الكارثة، ومع الممددين على نقالات الإسعاف. نحن ما زلنا «نكون اتحادات وجمعيات وهذا كان دأبنا دائماً» كما كتب المفكر والسياسي والمؤرخ الفرنسي ذائع الصيت «الكسيس دي توكفيل» منذ 180 عاماً. فبهذه الطريقة، نساهم من خلال مد يد العون، والضغط على زر «شارك» أو من خلال تقديم تبرع لـمؤسسة «صندوق واحد لبوسطن»، أو تقديم أي شيء يمكننا تقديمه، كي نشعر بأننا نحدث فارقاً، إلى جوار آخرين يفعلون نفس الشيء. وعلى نحو خاص، نتوق إلى هذا الشعور الأكبر بالانتماء اليوم، لأن ثراء علاقاتنا يضيع -وياللمفارقة- على شبكات التواصل الاجتماعي: فنحن هناك إما «أصدقاء» أو «غير أصدقاء»! وسرعان ما ننسى في غمرة انشغالنا على شبكة الإنترنت من هو الصديق ومن هو غير الصديق كما ننسى المناسبة أو الكيفية التي تواصلنا بها، والتي على أساسها حددنا صداقتنا، أو عدم صداقتنا. ولكن هذا قابل للتغيير وسوف يتغير. إن «المجتمع العلاجي» الذي تحولنا إليه الأسبوع الماضي يمكن إدامته بطريقة أفضل، من خلال التحكم في قوة وسائل التواصل الاجتماعي المتنقلة، لاسترداد سياق الحياة الواقعية لروابطنا على الشبكة، وتعزيز روابط أعمق مع الغير، وتقاسم فرص جديدة للتفاعل والتعاون معهم بناء على التجربة المشتركة التي مررنا بها جميعاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©