الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

توقعات بارتفاع أسعار النفط مجدداً إلى ما فوق 100 دولار مع انتعاش الاقتصاد العالمي

توقعات بارتفاع أسعار النفط مجدداً إلى ما فوق 100 دولار مع انتعاش الاقتصاد العالمي
25 ديسمبر 2009 22:26
بعد سنوات من التأرجح والتقلبات اتجهت أسعار النفط مؤخراً للاستقرار بالقرب من مستوى يرضي فيما يبدو الدول المنتجة وشركات النفط وكبار المستهلكين في آن واحد. ولكن وفي أعقاب الأزمة الاقتصادية وانهيار الطلب فقد برزت حقيقة جديدة في أروقة الصناعة البترولية تؤكد أن السعر الحالي بحوالي 70 دولاراً للبرميل بات يعتبر منصة جديدة للصناعة. إذ حذّر التنفيذيون في الصناعة أن مستوى أقل من ذلك سوف يجعل من الصعب عليهم التوسع في الإنتاج أو الاستثمار في مشاريع جديدة للاستكشاف. وهناك القليل من التنفيذيين في الصناعة البترولية الذين يمكن أن يتخيلوا العودة إلى عالم يتم التعامل فيه مع أسعار للنفط في مستوى 20 دولاراً للبرميل أي ذلك المتوسط الذي ساد طيلة حقبة التسعينات من القرن الماضي. وفي الحقيقة فإن العديد من هؤلاء التنفيذيين بات يشير إلى أن الإنفاق في الصناعة ظل إلى تراجع وانكماش بينما تم تأجيل وتعليق العمل في عدد من المشاريع منذ أن انخفضت أسعار النفط من أعلى مستويات بلغتها في العام الماضي. تدهور الصناعة والآن فقد أصبحت الشركات تستشعر حالة التدهور التي طرأت على الصناعة، فقد ذكرت شركة كونوكو فيليبس مؤخراً أنها ستعمد إلى خفض ميزانيتها الرأسمالية بنسبة 12 في المئة في العام المقبل، كما تخطط لبيع موجودات بقيمة 10 مليارات دولار في خلال فترة العامين المقبلين بهدف خفض ديونها. وخلال الصيف الماضي عمدت شركة إيني عملاقة النفط الإيطالية إلى تقليل عائدات أسهمها الممنوحة للمستثمرين بنسبة 23 في المئة في مسعى يهدف لحماية برنامجها للإنفاق وبشكل أثار الدهشة في أوساط المستثمرين الذين طالما تعودوا على الحصول على مستويات عالية من العائدات. أما الشركات المنتجة للطاقة المستقلة والأصغر حجماً في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية فقد نأت بنفسها عن الآبار المعمرة التي أصبحت تفتقد إلى الجدوى الاقتصادية. وفي كندا أصبحت مشاريع النفط الثقيل رهن التأجيل والتعليق بينما اتجهت أرامكو السعودية في المملكة الشركة النفطية الأكبر في العالم أجمع إلى مطالبة المقاولين بتقليل مستوى مناقصاتهم الخاصة بمصافي التكرير المقترحة في المملكة. وكما يقول بول هورسنيل خبير الطاقة في باركليز كابيتال “لقد بدأنا نشهد لوحة جديدة في أروقة الصناعة، ففي مستوى 70 دولاراً أعتقد أن المريض ما زال يتنفس وهو رقم لا يعني أن هناك ازدهارا ولكنه كاف لكي يجعل الأمور تمضي قدماً، ولكن وفي مستوى 60 دولاراً أو أقل فإن المريض لا محالة سوف يتحول إلى غرفة الإنعاش. أما في مستوى يتراوح ما بين 65 و75 دولاراً فإن الأمر لا ينطوي على مخاطر على الإطلاق وهو المستوى المطلوب لاستمرار حياة المريض”. ورغم أن أسعار النفط قد واصلت الارتفاع إلى أعلى مستوياتها التاريخية في العام الماضي فإنها اصطدمت بحاجز التوقف مؤخراً بسبب الأزمة العالمية بعد أن بلغت ذروتها في مستوى 147 دولاراً للبرميل في يوليو 2008 قبل أن تنهار في غضون أشهر قليلة إلى مستوى 34 دولاراً في ديسمبر الماضي. ويتوقع باولو سكاروني الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية أن أسعار النفط سوف تراوح في مستوى ما بين 65 و75 دولاراً للبرميل خلال فترة السنوات الخمس أو السبع القليلة في مستوى وصفه بـ”المتدني”. إلا أن بعض المحللين تنبأوا بأن النفط سوف يرتفع مجدداً إلى ما فوق مستوى 100 دولار للبرميل خلال السنوات القليلة المقبلة كنتيجة لعودة انتعاش النمو الاقتصادي في الصين وأماكن أخرى من العالم. ويقول سكاروني “إذا ما ارتفعت أسعار النفط إلى أكثر من ذلك فسوف نصبح سعداء ولكننا ما زلنا لا نعول على هذه الأسعار في تخطيطاتنا المستقبلية”. وفي ظل الاستقرار الحالي لأسعار النفط في مستوى 75 دولاراً للبرميل. النفط الرخيص وهناك العديد من العوامل التي تفسر هذا الارتفاع في الأسعار، أولها أن معظم كميات “النفط الرخيص” التي يمكن استخراجها وتطويرها بتكلفة متدنية توجد أصلاً في المملكة العربية السعودية وإيران والعراق وعلى امتداد ساحل الخليج العربي بحيث أصبحت في معظمها بعيداً عن متناول أيدي كبريات شركات النفط العالمية لأسباب سياسية أو أمنية. أما في الأماكن الأخرى فنزويلا أو روسيا والتي تتمتع كل منهما باحتياطيات مقدرة فإن السياسات الحكومية المتشددة استمرت تجعل من الصعوبة بمكان على الشركات أن تستثمر أموالها في السنوات الأخيرة. وفي البرازيل والتي ظلت من الناحية التقليدية مفتوحة الأبواب أمام المستثمرين فقد قررت الحكومة مؤخراً التشدد في تعويق عملية الدخول إلى مناطق إنتاجها البحرية الواعدة بعد أن منحت معاملة تفضيلية إلى صناعتها النفطية المحلية. وحتى في الولايات المتحدة الأميركية فقد ظلت كبريات الشركات تشكو من السياسات المقيدة التي أصبحت تميل إلى فرض المزيد من الضرائب الباهظة على هذه الشركات. الاكتشافات الجديدة على أن الصورة ليست قاتمة بالكامل، حيث تمكنت بعض الشركات من تنفيذ العديد من الاكتشافات في هذا العام، فقد أعلنت شركة بريتش بتروليوم عن اكتشاف بحر رئيسي مهم في خليج المكسيك قبل أشهر قليلة بينما ذكرت شركة أناداركو بتروليوم بالتعاون مع شركائها أنها ربما تمكنت من تحديد موقع لمعرض بترولي ضخم يمتد بطول 1125 كيلومتراً أو 700 ميل من غانا وحتى سيراليون. بيد أنه ما زال يتوجب على شركات النفط أن تعمل بسرعة أكبر حتى تتمكن من الوقوف على أقدامها. فقد أصبح من المفروض أن تتم إضافة أكثر من 3.5 مليون برميل يومياً من السعة الجديدة في كل عام من أجل تفادي وتعويض الانخفاض العادي في حقول النفط المعمرة في جميع أنحاء العالم. ومن الممكن تحقيق بعض هذه الكميات المطلوبة عبر تحفيز وتنشيط الحقول الحالية على ضخ المزيد من النفط واستدرار كميات أخرى عبر الاستثمار في السعة الجديدة في الاحتياطيات المكتشفة مسبقاً كتلك التي توجد في المملكة السعودية، ويمكن كذلك الحصول على كميات إضافية بواسطة عمليات الاستكشاف الرأسي. ولكن الصناعة تمكنت من تعويض 88 في المئة فقط من الإنتاج الإجمالي المشترك للنفط والغاز في العام الماضي فيما يعتبر أقل مستوى منذ العام 2004 وفقاً لدراسة أجريت مؤخراً من قبل شركة آي اتش اس هيرولد للاستشارات. زيادة الإنفاق وقد تم ذلك بزيادة في الإنفاق بمعدل 20 في المئة إلى مستوى 500 مليار دولار، ولاحظت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير أنه “في الوقت الذي تبدو فيه قاعدة المصادر لا تزال تتوفر على كميات هائلة من النفط إلا أنه ما زال ينطوي على صعوبات شائكة فيما يتعلق بإدامة السعة الإنتاجية”. وكدليل على التغير الكبير الذي طرأ حتى بالنسبة لكبريات وعمالقة الشركات فقد تعين على شركة أكسون موبيل التقدم بعرض بحوالي 4 مليارات دولار مقابل حقل واحد للنفط بالقرب من ساحل غانا في الشهر الماضي. وهو سعر مبالغ فيه مقابل تذكرة الدخول إلى حد أكبر أحواض المستكشفة حديثاً في المياه الأفريقية. ويشار أيضاً في هذا الصدد إلى أنه وقبل أشهر قليلة فقط من النأي بنفسها عن المناقصات في العراق إلا أنها عادت في نهاية المطاف للقبول بشروط مالية شديدة القسوة من أجل تطوير الاحتياطيات الهائلة في العراق برغم المناخ الأمني المتدهور وهوامش الأرباح المتدنية. وبالإضافة إلى ذلك فإن التكاليف في الصناعة لم تنخفض بنفس الوتيرة التي ارتفعت بها الأسعار، فقد أدى الارتفاع المستمر في أسعار المواد الخام وتكاليف الخدمات والهندسة في السنوات الأخيرة إلى مضاعفة تكاليف الإنتاج في الفترة ما بين عامي 2004 و2008. وكان العديد من المحللين قد توقعوا بأن هذه التكاليف سوف تمضي إلى انخفاض في الوقت الذي تتباطأ فيه طلبيات شراء النفط. إلا أن الانكماش في الاقتصاد العالمي لم يكن عميقاً بنفس مستوى التوقعات. وتوقع العديد من خبراء الطاقة مستقبلاً مشاهدة المحدودية في الإنتاج وطلب قوي بشكل يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في المدى الطويل. فالعالم لن يشهد نضوب النفط في وقت قريب حسبما يقولون ولكن زيادة الإنتاج وتعويض الانخفاض في الاحتياطيات ما زال أمراً تكتنفه المزيد من المصاعب والتحديات. عن “إنترناشيونال هيرالد تريبيون”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©