الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

آسيا تبدأ رحلة البحث عن نموذج اقتصادي جديد

آسيا تبدأ رحلة البحث عن نموذج اقتصادي جديد
25 ديسمبر 2009 22:30
تعلمت آسيا دروساً مهمة من الأزمة المالية التي ضربتها عامي 1997/ 1998 بشكل جيد تماماً على الأقل مقارنة بالغرب. ففي حين واجهت الولايات المتحدة وأوروبا خلال عام 2008/2009 أسوأ معضلة مالية منذ عشرات السنين، فإن الأنظمة البنكية الآسيوية تحملت العاصفة بدون الحاجة لأي برنامج إنقاذ كبير حتى اليوم. ففي أعقاب أزمة عام 1997 التي تركت العديد من الحكومات الآسيوية في حالة إفلاس مع تعثر المؤسسات المالية وانهيار العملات المحلية، فإن المنطقة كان عليها أن تعتمد بشكل كبير على الصادرات لإعادة بناء اقتصاداتها. ونتيجة لذلك زاد نصيب الصادرات من أقل من 40% من إجمالي الناتج المحلي الآسيوي قبل أزمة عام 1997 إلى أكثر من النصف في فترة ما بعد الأزمة. ونتيجة لذلك أيضاً حققت البنوك المركزية الآسيوية تراكمات ضخمة من إحتياطيات العملات الأجنبية تقدر بخمسة تريليونات دولار في عام 2009 (2,3 تريليون في الصين فقط) من إجمالي الاحتياطات العالمية البالغة 8,8 تريليون دولار. تلك الإحتياطات تمثل ذكرى مريرة لخطط الإنقاذ الخاصة بصندوق النقد الدولي لعام 1997 والتي أشتملت على قيود مالية وشروط صعبة أخرى عمقت من الركود الإقليمي. ويقول سوباتشاي بانيتشباكدي الأمين العام الحالي لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد” والذي كان نائب رئيس وزراء تايلاند المسؤول عن الإقتصاد في الفترة 1998 - 2000 “لماذا أصبحنا مالكين لهذا الاحتياطي الضخم؟. هذا في الأساس يرجع إلى أن الآسيويين تعلموا الدرس المؤلم وهو إنك تحتاج إلى مظلة عند حدوث إعصار خارج المنزل. فلن يعطيك أحد شئ لتغطي نفسك”. والآن يرغب الغرب في أن تقوم آسيا باستخدام تلك الاحتياطات الضخمة لتدعيم اقتصاداتها المحلية للتشجيع على مبدأ الاستهلاك الآسيوي كأداة جديدة للنمو العالمي. وقال رون كيرك الممثل التجاري الأميركي أمام تجمع خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي “أبيك” في سنغافورة أوائل نوفمبر الماضي “إن الولايات المتحدة تحتاج إلى إستهلاك أٌقل وأن تنتج وتصدر أكثر، في حين أن الكثير من أعضاء أيبك التي تتمتع بفوائض يجب أن تبحث بجدية الحاجة إلى زيادة استهلاكها ووارداتها”. وفي الواقع كان هناك إجماع في قمة أيبك على أن آسيا تحتاج إلى إيجاد نموذج جديد للنمو لأن عصر النمو العالمي الذي كان يقوده الاستهلاك الأميركي المفرط مات وتم دفنه. ولقد أصبح رئيس الوزراء الياباني المنتخب حديثا يوكيو هاتوياما الذي جاء إلى السلطة ببرنامج “تغيير” مؤيدا صريحا للبرنامج الاقتصادي الجديد وبدأ ببلاده. وقال أمام (أيبك) “إننا نقول إنه علينا أن نتحول من الجماد إلى البشر”. وأضاف “إننا نحتاج إلى خلق اقتصاد يقوم على الاقتصادات المحلية والرعاية والرفاهية والبيئة”. ويعد بناء شبكات ضمان اجتماعي أفضل جزء من النموذج وخاصة في الصين حيث إن ضعف التأمين الصحي لكبار السن جعل من الصينيين يميلون إلى التوفير بدرجة يحسدون عليها ولا يستهلكون كثيراً. ويمثل الاستهلاك نحو 30% فقط من إجمالي الناتج المحلي الصيني مقارنة بنسبة من 50 - 60 في المئة في باقي آسيا والدول الصناعية. وقد حققت الصين بالفعل بعض التقدم في إعادة توازن اقتصادها بعيداً عن الاعتماد الطويل على التجارة الخارجية والاستثمارات من خلال دعم الاستهلاك وتمويل برامج الخدمات الاجتماعية. والنجاح الواضح لحزمة التحفيز الاقتصادي من جانب الحكومة بقيمة 4 تريليونات يوان (590 مليار دولار) عزز توقعات المحللين الدوليين بتحقيق نمو يصل إلى 9% في إجمالي الناتج المحلي الصيني لهذا العام. ولكن لويس كويجس كبير الاقتصاديين في البنك الدولي في الصين أوضح أن الحكومة الصينية مازالت تتحرك ببطء في الإصلاحات التي يرى البنك أنها جوهرية لتدعيم زيادة النمو على مدى السنوات القليلة المقبلة. وكتب كويجس في تقرير عن الآداء الاقتصادي الصيني في الربع الثالث من العام “الآن نجحت الحكومة بشكل أساسي في دفن تأثير الأزمة العالمية، وهذا وقت طيب للتركيز وتثبيت الجهود على الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لإعادة التوازن والحصول على المزيد من الاقتصاد المحلي على أساس مستدام”. وقال “إن تحقيق هذا يتطلب مزيد من التأكيد على الإستهلاك والخدمات والتقليل من الإستثمار والصناعة”. وقد واصل الكثير من الاقتصاديين والسياسيين الأميركيين والأوروبيين دعوة الصين إلى السماح بتغيير أسرع لقيمة عملتها المحلية والتي لا تزال مرتبطة أساسا بالدولار الأميركي مع هامش ضيق للتقلبات اليومية. ويشعر المعارضون للسياسة الاقتصادية الصينية بالقلق من أن القدرة الصناعية الزائدة للصين تؤثر على النمو الاقتصادي في عشرات الصناعات في أنحاء العالم وتقلل من جهود الحكومة لإعادة توازن الاقتصاد. وقال بن سيمبفيندورفير وهو اقتصادي في مصرف “رويال بنك أوف سكوتلاند” البريطاني في هونج كونج إن الإصلاحات تبدو بطيئة للغاية حيث ركزت الصين على إجراءات للحد من تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية. وأوضح سيمبفيندورفير في كلمة موجزة في نوفمبر الماضي “قبل الأزمة الاقتصادية كانت الصين تدفع للأمام من أجل إعادة توازن مدفوعة بقوى السوق”. وقال “ومع ذلك فإن من غير المتوقع استئناف تلك الجهود التي توقفت في أعقاب الأزمة وتقييم العملة قبل منتصف عام 2010”. ومع بطء نمو الاستهلاك في الصين، لا تزال الأسئلة الحقيقة المطروحة عما إذا كان الآسيويون سوف يملأون الفجوة التي تركها المستهلكون الأميركيون الكبار الذين أنفقوا ثماني مرات أكثر من المواطن الصيني العادي وأكثر 16 مرة من الهندي العادي. والفرق الكبير بين المستهلكين الآسيويين ونظرائهم الأميركيين هو أن الآسيويين لم يتعلموا بعد الاستهلاك بدرجة تتجاوز مصدر دخولهم. وقال سوباتشاي من منظمة “الأونكتاد” إن “متوسط مديونية العائلة الآسيوية تقترب من 20 - 30% مقارنة بنسبة 100 - 120% في الولايات المتحدة”. وأضاف “الشئ الوحيد الذي يجب أن يتعلموه من آسيا هو أنهم يجب أن يستهلكوا أكثر ولكن لا تستهلك أكثر اعتماداً على مزيد من الديون”
المصدر: بانكوك، بكين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©