السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فلسفة الشك»

25 ديسمبر 2009 22:44
سئل شاعر في يوم.. ما الذي تحاول تحقيقه بكتابتك الشعر ؟ أجاب: أحاول أن أكون الآخر متى ما تيقنت أنني لست إلا أنا، وأن أكون أنا متى ما شعرت بأنني أصبحت نسخة من الآخر. لا أدري لماذا تذكرت هذه المقولة وأنا استمع لأغنية أم كلثوم «ثورة الشك» التي أبدع أبياتها الأمير الراحل عبد الله الفيصل، وقادها الموسيقار رياض السنباطي لحنا إلى الإبداع وإلى أي مدى يمكن لكلمات الشعر الصادقة أن تكتب الشاعر ومن يستمع إلى كلماته، فقد قدم الفيصل « الشك» على طبق من الحب والتأمل والحيرة وجاء بمفهوم جديد لسلوك يعتبره أغلب الناس سلوكا مشينا وسلبيا ، ففي زمن التألق والإبداع الذي شهدته الثقافة والفن وكتابة الشعر في جمهورية مصر العربية ومعظم أنحاء الوطن العربي قدم الفيصل هذه الرائعة واستطاع أن لا يكون الآخر وهو يقدم كلمات الأغنية لتشدوا بها سيدة الغناء العربي. فيقول الفيصل في خضم معاناته وصراعه مع الشك في القصيدة : كأني طاف بي ركب الليالي .. يحدث عنك في الدنيا وعني على أني أغالط فيك سمعي .. وتبصر فيك غير الشك عيني وما أنا بالمصدق فيك قولا .. ولكني شقيت بحسن ظني والمستمع لرائعة « ثورة الشك» كأغنية يحتار فيمن يرى ولمن تكون البطولة هل لصوت وقدرة أم كلثوم التي استخدمت كل طبقات صوتها الشجي أم لكلمات الأغنية التي تعتبر بحق من أفضل ما كتب الفيصل أم للحن الجميل الذي أبدعه رياض السنباطي، فالقصيدة من أصعب ما تم تلحينه من قصائد في تاريخ الغناء العربي. وإذا كانت ثقافتنا الشعبية العربية تعتبر الشك نقيصة، فإن الواقع يؤكد أن الشك منهج من مناهج البحث وأول خطوة للوصول إلى الحقيقة ففي الآية الكريمة «إن بعض الظن إثم» وهو ما يعني أنه ليس كل الظن إثم وإلا جاءت الأية إن كل الظن إثما. ويقول الفيلسوف الكبير ديكارت قولته المشهورة «أنا أشك ..إذا أنا موجود» وهو من وراء ذلك يهدف إلى الوصول إلى الحقيقة التي لا يستطيع الوصول إليها إلا من خلال هذا الشك. لكن كلمات الأمير عبد الله الفيصل في قصيدته حول الشك هي في الحقيقة ثورة حول المفهوم الذي يتغير من شخص إلى آخر. ويختتم الفيصل قصيدته بسؤال فيقول : وبي مما يساورني كثير .. من الشجن المؤرق لا تدعني تعذب في لهيب الشك روحي .. وتشقى بالظنون وبالتمني أجبني إذ سألتك هل صحيح .. حديث الناس خنت ؟ ألم تخني إبراهيم العسم
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©