الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برليسكوني... ومكاسب ما بعد الاعتداء

25 ديسمبر 2009 22:46
نيك سكايرز رومـا بعدما رفعت عليه زوجته قضية طلاق، ووجهت له تهم بالفساد في قضيتين مازالتا معروضتين على المحاكم، والزعم بأنه أقام علاقة في منزله بروما، يبدو أن سنة 2009 هي الأسوأ التي يمكن أن يمر بها رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برليسكوني، لكن في الوقت الذي بدا فيه، وكأن الأمور قد وصلت إلى الحضيض بالنسبة للسياسي الإيطالي تلقى ضربة أخرى، حقيقة هذه المرة، لتهشم وجهه. غير أن الضربة التي وجهها إلى وجهه يوم الأحد الماضي رجل له تاريخ مع المرض النفسي- بدلًا من أن تشكل نكسة جديدة ربما تتحول إلى أفضل هدية يمكن أن تقدم لبرليسكوني بمناسبة الاحتفال بأعياد الميلاد، بل من المتوقع أن يستفيد برليسكوني من التعاطف الشعبي الواسع الذي حظي به بعد الهجوم الذي تعرض له وأحدث له كسراً على مستوى الأنف والأسنان لاختراق المعارضة وإعادة بناء شعبيته، فضلا عن احتمال لي ذراع النظام القضائي بطريقة تجنبه المحاكمتين الجاريتين حالياً في حقه بتهمة الفساد، وأخطاء في الحسابات، فضلاً عن انتهاكات أخرى مرتبطة بالشركات التي يملكها. وفي السياق نفسه يرى العديد من المراقبين أن الهجمة التي تعرض لها برليسكوني قد تنعكس سلباً على حرية التعبير، وقد تُعجل بعودة التجاذبات السياسية إلى البلاد التي مازال يطبعها صراع مرير بين "اليسار" و"اليمين" يعود إلى فترة الحرب العالمية الثانية. وعن تأثير الضربة على السياسة الإيطالية، يقول "كريستوفر دوجان"، الذي يدرس التاريخ الإيطالي المعاصر بجامعة "ريدينج" البريطانية: "أعتقد أن التأثير سيكون نفسياً بقدر ما سيكون عملياً، وأصلًا أصبح من الصعب على الجرائد اليوم توجيه انتقادات علنية إلى الحكومة بسبب خوف الصحفيين على وظائفهم، وبسبب أيضاً التعاطف الشعبي مع برليسكوني ما سيصعب المهمة على خصومه". ومباشرة بعد إعادة انتخابه رئيساً للوزراء في السنة الماضية دفع برليسكوني من حزب "وسط اليمين" باتجاه إقرار قانون في البرلمان، الذي يتمتع فيه بأغلبية مريحة في غرفتيه، يقضي بمنحه الحصانة طيلة الفترة التي يقضيها في منصبه العام، لكن وفي ردة فعل قوية رفضت المحكمة العليا الإيطالية الطلب في أكتوبر من العام الجاري، معتبرة أن القانون يتعارض مع أحكام الدستور وينتهك مبدأ سواسية جميع المواطنين أمام القانون، واليوم يسعى حزب "حرية الشعب" الذي يرأسه برليسكوني إلى إعادة طرح نسخة معدلة من القانون لتمتيعه بالحصانة في إطار مشروع قانون يتوقع أن يعرض على البرلمان خلال الأسبوع الجاري، والأكثر من ذلك تريد الحكومة طرح قانون جديد يحد من فترة القضايا المعروضة على المحاكم إلى ست سنوات، وهو ما سيضع حداً، حسب جمعية القضاة الإيطاليين، لأكثر من مائة ألف قضية تنظر فيها المحاكم. ويتوقع أن يساعد الإجراءان على تخليص برليسكوني من تهمتي الفساد اللتين أعيد تفعيلهما بعدما رفضت المحكمة في وقت سابق طلب الحصانة الذي تقدم به، لا سيما بعد تصاعد حظوظ القانونين في المرور بسبب شعبيته الكبيرة إثر الهجوم والتي وضعت المعارضة في الحزب الديمقراطي من "وسط اليسار" في وموقف حرج، فلو اختارت المعارضة الهجوم على برليسكوني على خلفية القانونين الجديدين، فإن ذلك يهدد بإظهارها منفصلة عن الرأي العام، أما إذا استسلمت فإنها ستتهم بالتخلي عن مبادئها. هذا الموقف الصعب الذي تمر به المعارضة الإيطالية حالياً يعبر عنه "جيمس ولتسون"، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بروما قائلاً: "يتعين على الحزب "الديمقراطي" شق طريق صعبة يوازن فيها بين احترام الشعبية، التي بات يتمتع بها برليسكوني وبين الحفاظ على خطهم المنتقد والمعارض لتمتيع رئيس الوزراء بالحصانة وتقليص صلاحيات السلطة القضائية، وفيما كان برليسكوني يتلقى العلاج في المستشفى، عكف معاونون على إعداد التشريعات التي ستنقذه من المحاكمتين". ومن غير المستبعد أيضاً أن تساهم شعبية رئيس الوزراء الإيطالي في إخراس بعض الأصوات المعارضة داخل حكومته، لا سيما رئيس الغرفة الثانية في البرلمان، "جينفرانكو فيني"، الذي اصطدم مع برليسكوني حول مسألة تغيير النظام القضائي، وحقوق المهاجرين وباقي القضايا، وهو ما يوضحه "ماسيمو فرانكو"، المعلق السياسي بصحيفة "كوريير دي لا سيرا" قائلاً: "سيصبح من الصعب على الشخصيات الأخرى داخل الحزب الحاكم التطلع إلى خلافة برليسكوني في أي وقت قريب بحيث يبدو الأمر وكأنه لا غنى عنه في الوقت الراهن". واللافت أن الهجوم الذي تعرض له رئيس الوزراء يحمل في طياته نقط تشابه مهمة مع الهجوم الذي شنه شخص غير مستقر عقلياً على زعيم إيطالي آخر اكتسب شهرة عالمية متمثلا في بينيتو موسوليني، ففي العام 1926 أطلقت الإيرلندية "فايلت جيبسون" النار على "إيل دوك" وهو يغادر مؤتمراً حضره في روما، لكن بدلا من إصابة الشخص المطلوب انحرفت الرصاصة لتجرح موسوليني في أنفه. واليوم تحمل صورة موسوليني بوجهه الملفوف في الضمادات شبهاً كبيراً مع صورة برليسكوني وهو يضع الضمادات على أنفه وفكه، وقد استطاع موسوليني في إطار الصراع من أجل الوصول إلى السلطة توظيف حادثة الهجوم لتعزيز شخصيته ولدفع إيطاليا نحو الفاشية وتحالفها الكارثي مع هتلر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©