الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل بالإمكان وضع معيار إماراتي عالمي للإدارة الجيدة للشركات؟

هل بالإمكان وضع معيار إماراتي عالمي للإدارة الجيدة للشركات؟
17 يوليو 2017 12:05
إن ثقة المواطنين في الحكومات بأنها تفعل ما هو صواب أمر نعتبره من المسلّمات في الإمارات العربية المتحدة. بل إن دولة الإمارات احتلّت المكانة الأولى على العالم في هذا الصدد. ونحن على يقين بأن القيادة الإماراتية ستعتني بنا، والنتائج الفعلية تشهد على ذلك. وتحتل دولة الإمارات المركز الأول إقليمياً والمركز الـ16 عالمياً بحسب تقرير التنافسية العالمي لعام 2016 الصادر من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي. وعلى صعيد مماثل، تم إعلان دولة الإمارات بأنها من أكثر الدول أماناً في العالم. فقد جاء تقرير مؤشر التقدم الاجتماعي واضعَاً دولة الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً من ناحية احترام المرأة، والأولى كأقل الدول التي تعاني من سوء التغذية، والدولة الأعلى في معدل التسجيل بالتعليم الثانوي. وبينما تكون الحكومات مكلفة بتولي هذه المسؤولية، هناك طلب متزايد على دفع القطاع الخاص إلى تولّي المسؤولية نحو احتضان المجتمعات التي يشغلها. لننظر إلى الأمر كما لو كان عقداً اجتماعياً يحكم شرعية المؤسسات من الناحية الأخلاقية. ففي الشهر الماضي أعلنت وزارة الاقتصاد الإماراتية إصدار تشريع جديد كجزء من استراتيجية «عام الخير» الخاصة بالبلاد، والتي تهدف إلى تشجيع الشركات بشكل أكبر نحو الاستثمار في برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات. وكجزء من هذا البرنامج تم الإعلان عن 11 مبادرة في إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات بهدف إنشاء بيئة داعمة ومحفزة للشركات للاستثمار في مجال المسؤولية الاجتماعية. وتم تقسيم تلك المبادرات بين إجراءات لوضع معايير مرجعية لأفضل الممارسات وتقديرها ومكافأتها. ويشمل هذا الأمر تأسيس مؤشر قومي للمسؤولية الاجتماعية للشركات، وآلية لإصدار تقارير بالإحصاءات. ومن الناحية المالية ستتلقى الشركات التي تقدم مبادرات متميزة في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات إعفاءً جزئياً من ضمانات العمالة المصرفية، وستتلقى أيضاً معاملة تفضيلية أثناء الاختيار من بين مقدمي العطاءات في المناقصات الحكومية.  ويجب أن نهنئ الحكومة الإماراتية على بصيرتها وحكمتها في تقديم هذا التشريع. وحتى قبل طرح هذا التشريع أظهرت الشركات العاملة في الإمارات استعدادها في أن تكون عاملًا أساسياً في تحول الأثر الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية للشركات. وهناك أمثلة لا تحصى من الشركات المحلية التي تبلي بلاءً حسناً. فلنأخذ منافسة مستقبل المدارس الخاصة بشركة أوبر على سبيل المثال. بالتشارك مع المجلس التنفيذي لإمارة دبي تحدت شركة أوبر الطلاب في تبادل أفكارهم ورؤياهم من أجل مدارس المستقبل، وشجعتهم على التفكير في طرق من شأنها أن تتيح التعليم بشكل أكبر وترفع من مستوى الابتكار فيه وتجعل منه مستداماً لجميع الفئات. وفي السياق نفسه، قامت شركة إل.جي. بإطلاق مبادرة غرس شجرة، والتي أدت إلى زيادة الوعي وروجت لأهمية شجرة الغاف في الموروث الثقافي الإماراتي. كما تم الاعتراف بإطلاق شركة الإمارات العالمية للألمنيوم مخيمات الإبداع للطلاب الإماراتيين بالشراكة مع إنجاز الإمارات للعمل على غرس روح المبادرة في شباب الإمارات. هذه البرامج الملهمة هي مجرد مثال بسيط على حسان الأفعال التي استثمرت فيها المؤسسات القائمة في الإمارات بهدف خلق أثر اجتماعي إيجابي يخدم الصالح العام. ونأمل في أن يعمل الإطار المقدم من جانب الحكومة على المساعدة في إثراء هذا الاستثمار بشكل كبير. وسيقول الناقدون، إنه إذا تحول مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات إلى التزام قانون تجب مراعاته بدلاً من كونه خياراً، سيؤدي هذا الأمر إلى تقويض عملية تأسيس القيم والثقافة التي تثري سلوك الشركات المسؤولة عنه اجتماعياً. ولكن منبع الجمال في إطار المسؤولية الاجتماعية للشركات الجديد في الإمارات هو أنه قد تبين وجود توازن بين المستوى الصحيح لأدوات تطبيق السياسة للتشجيع وتسهيل عملية اكتساب الشهرة التجارية بشكل أكبر، وذلك من دون وجود متطلبات مرهقة بشكل كبير من شأنها إلغاء المزايا المقصودة.   وعلى الرغم من أن مجتمع الشركات لم يكن مسؤولاً بشكل تقليدي عن العثور على الحلول تجاه التحديات المجتمعية والمشاكل البيئية، إلا أنه من الأفضل لنا أن نشارك بجزء في ذلك الحل. ندرك أن الاستثمار في عمل الخير يأتي بعائده في صورة الولاء للعلامة التجارية وازدياد مستوى بقاء الموظفين في وظائفهم وخفض التكاليف (من خلال برامج الكفاءة في استهلاك الطاقة والمياه) وتحسين الأساس في نهاية الأمر. ومن هنا &ndash مع اعتبار «الأساس الثلاثي» المكون من الناس والكوكب والعوائد &ndash يجب على الشركات أن ترتقي لمستوى التحدي الملقى على عاتقنا من القيادة الإماراتية الحكيمة لكي نصبح منابر لمفهوم المسؤولية الاجتماعية.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©