الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عاشور محمد: الاتصال الناجح محصلة أسباب وخبرات

عاشور محمد: الاتصال الناجح محصلة أسباب وخبرات
29 ابريل 2012
تطرح مؤسسة التنمية الأسرية، عدة برامج استراتيجية وتشغيلية، لرفع التحديات التي تواجه أفراد المجتمع. في هذا الصدد أقيمت مؤخرا أمسية مفتوحة، تحت عنوان «الحياة اتصال» في مركز البطين، قدم خلالها الدكتور محمد عاشور محاضرة استعرض فيها طرق التواصل الناجح سواء بين الأشخاص بشكل عام أو الأزواج بشكل خاص، موضحا الحجة والدليل على الآليات التي تجعل من الفرد متصلا ناجحا في المجتمع وفي التأثير على من حوله. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - أكد الدكتور محمد عاشور، المستشار التربوي ومستشار تنمية الموارد البشرية أن الإنسان يبحث عادة عن النجاح والتفوق في المهارات الاتصالية وعن حلول لكثير من المشاكل الحياتية وهي موجودة في داخله. ويقول «إذا نظرنا إلى أعماقنا سنجد ذلك المتحف الجميل»، مشيرا إلى مكونات الإنسان الخمسة، ومعرجا على 10 جدارات تحقق الاتصال الناجح إلى جانب التطرق إلى أسباب وعوامل تؤدي إلى النجاح فيه. خمسة أدوار شبه عاشور الإنسان ببناء ضخم جميل الأصل لديه القدرة على أن يكبر وينمو، تصديقا لقوله تعالى «لمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّر»، وجعل هذا البناء أدوارا، افترض أنها 5 هي: الجسد الذي يحمل النواحي البيولوجية والوراثية والصفات الشكلية. والقيم والحاجات والرغبات فالأصل فيها أنها جميلة وراقية حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». وبالقياس أو يعلمانه الكذب، والخيانة، والغرور، إذن الإنسان بفطرته يحمل في داخله جملة من القيم الجميلة كالصدق والأمانة والإخلاص والتواضع. والسمات والخصائص وهي كل ما يملكه المرء من ذكاءات سواء كان ذكاء اجتماعيا أو ذاتيا أو منطقيا أو رياضيا وغيرها، وطريقة التفكير ومعالجة الأمور بالمعايير والموضوعية أم بالحدس والإحساس. والجدارات تمثل المعارف، المهارات، الخبرات فعلى سبيل المثال قيادة السيارة جدارة بدأت بمعرفة بسيطة ثم مهارة ومن ثم خبرة وممارسة حتى أصبحت تمارس في اللاشعور، وكذلك الأمر بالنسبة لطريقة تربية الأبناء، وطريقة توصيل المعلومات للطلاب، وهي يكتسبها الإنسان في حياته ويصقلها بالممارسة. وأضاف عاشور «يحيط بهذه الأدوار دور خامس هو البيئة المحيطة وتشمل تنشئة أسرية واجتماعية وتعليمية وإعلاما حديثا وقديما وتكنولوجيا وغيرها من المؤثرات تحيط بنا، وهذه الطوابق مجتمعة إذا تناغمت وتناسقت مع بعضها البعض ينتج عنها سلوك راق، وإذا تبعثرت فكانت القيم في اتجاه، والسمات والخصائص في اتجاه كان البناء متهالكا متقادما بحاجة إلى عمليات ترميم وصيانة». ويتابع «بما أن الحياة اتصال بكل ما يحدث فيها في كل لحظاتها وفي كل نواحيها، فهي تستحق منا أن نعطيَها ونوليَها كامل الاهتمام، والدرسة ابتداء من الذات فهي الأساس، وامتدادا إلى الآخرين، لنمد جسور التواصل بيننا وبينهم، ونكسبُ ودهم، ونفهمُ قصدهم، ونسعدُ بحياتِنا ونسعدهم، ونحقق ذاتنا ونأخذ بأيديهم، لننهض معًا بمجتمعنا كلٌ بقدرته، ومن موقعه ودوره، وقد عرفت الاتصال: نقل شيء من طرف إلى آخر، قد يكون هذا الشيء المنقول أفكارا أو عواطف أو مشاعر، أو معلوماتٍ أو مهارات أو اتجاهاتٍ». 10 جدارات قال عاشور «حتى نحقق اتصالا فعالا وناجحا نرتكز على 10 جدارات رئيسة وهي كالتالي: الاستماع والإصغاء الفعال»، مشيرا إلى أن الإصغاء الفعال واحد من أهم الجدارات التي يحتاجها الإنسان في حياته، ويعد بمثابة المفتاح الذي يمكنه من الدخول إلى متحفه الخاص وله مستويات. وأوضح «السماع لا يعد موجها فكل ما يسمع الفرد وهو سائر في الطريق كصوت السيارات والضوضاء وغيرها يعد سماعا قصريا لا يعيره الشخص انتباها، أما الاستماع فيعد المستوى الأول في الاستماع الإيجابي وفيه يكون الإنسان يستمع للكلمات وبوضوح، ولكنه لا يكون مدركا لكل معانيها فالتركيز لديه لا يكون موجها نحو المتكلم أوالمصدر فقط، ولكنه منتبه للمصدر واع له إلى أن في مجال انتباهه أمورا أخرى. الإنصات في هذا المستوى يعلو الاستماع فيكون تركيز المتلقي منصبا نحو المصدر ولديه إدراك ووعي لكل ما يقال، أما الإصغاء فالمستوى فيه يختلف عن سابقيه، ومن يصل له يكون تفاعل بمشاعره وأحاسيسه مع المصدر فإدراكه تعدى السماع إلى المشاركة الوجدانية ومعايشة الحدث، توظيف الجسد توظيفا أمثل من حيث لغة الجسد، والمظهر، ونبرة الصوت؛ ففن التعامل مع الأفراد يتم من خلال جملة من الجدارات، وتحتل لغة الجسد مساحة كبيرة من التأثير في عملية الاتصال إذ أنها تؤثر بنسبة 55% في الاتصال، بينما تأثر نبرة الصوت بـ38%، و7% للكلمات. وتشمل لغة الجسد جوانب أساسية منها اتصال العين، وتعبيرات الوجه، ووضع حركة الجسم، والأيادي، واللمس، ومساحة الحركة، وحسن المظهر. أسباب النجاح أوضح عاشور أن أسباب النجاح في تحقيق تواصل جيد كثيرة منها تحريك المعاني القيمية الراقية والتفريغ الدوري لمخزن التوتر والكبت». وأضاف «القيم هي مكنون داخلي يؤثر ويتأثر بالبيئة المحيطة، ويضبط ويوجه سلوك ورغبات الفرد، وتعد القيمة القاعدة الراسخة لسلوكاتنا ومرجع الاحتكام في حياتنا، ومن أبرز خصائصها أنها تنمو وتكبر بالاستخدام وتنضب بالترك والإهمال. وتابع «تناغم قيمنا مع المحيط الذي نعيش فيه من أهم أسباب نجاح الاتصال وهي روح عملية الاتصال، فإن كنت أحمل قيمًا سلبية تجاه الآخرين كيف لي أن أنجح في اتصالي معهم، وإذا ما اعترض الإنسان شيء في سبيل تحقيق أهدافه وحاجاته ينشأ لديه ما يسمى بمخزن الكبت والتوتر وبالتالي قد يستخدم أساليب وحيلا للدفاع عن ذاته إلى لم يتم تفريغ هذا الكبت بالشكل السليم». وأضاف «تحقيق الألفة وإذابة الحاجز النفسي وضبط المشاعر والانفعالات وتوليدها، تحقيق الألفة يعني القدرة على تقليص الفوارق غير الواعية مع الطرف المقابل، وكسب الألفة في أي اتصال والمحافظة عليها أمر مهم جداً من أجل استمرار الاتصالات الفعالة، كما أن تحقيق الألفة وضبط المشاعر والانفعالات وتوليدها يساعد على خلق جو من الثقة يرى فيه الطرف المقابل أنك تفهمه، ويمكن أن تشاركه في نظرته للأمور وللعالم». ثم تحدث عاشور عن معرفة الخصائص والسمات، وقال «لا بد من معرفة الخصائص والسمات لنفسي ولمن اتصل بهم قراءة ومعرفة خصائصي وسماتي وخصائص وسمات من اتصل بهم ومراعاتها أحد العوامل المؤثرة على نجاح الاتصال وتحقيق الهدف منه، فمعرفة كلا الزوجين للطرف الآخر وكذلك المدير وموظفيه، والوالدين والأبناء، والمدرس والطلاب، يعطي متانة وقوة للاتصال بينهما ويوفر على الإنسان الكثير من المشكلات التي قد تنشأ نتيجة اختلاف السمات والخصائص. تحديد الأهداف عن تحديد الهدف من الاتصال، قال عاشور «في إي اتصال لا بد من وجود هدف، فلا يوجد اتصال بدون أهداف، وإن كان البعض يجهل هذا الهدف لكنه موجود، والجدارة الاتصالية هنا إظهار هذا الهدف ووضوحه وإبرازه إلى حيز العقل الواعي للتعامل مع الاتصال بوعي وإدراك». وحول «ترتيب الأولويات في القيم والأهداف»، أوضح أن «الإنسان الناجح والفعّال في هذه الحياة ليس الإنسان المنتج أو الذي ينجز الأمور فقط، بل هو الإنسان الذي يحقق النتائج المطلوبة في الوقت المتاح، لذا تأتي جدارة ترتيب الأولويات ويقصد بها عملية ترتيب القيم الحياتية والأهداف والمهام والأعمال ابتداءً من المهم فالأهم، بحيث يتمكن الإنسان من تحقيق أهدافه في الوقت المتاح أمامه. تحفيز النفس عن الخطوة الثامنة المتمحورة حول «حذف الافتراضات السلبية ومقاومة الفيروسات، وتوجيه وتحفيز النفس والآخرين»، قال عاشور «في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الحوادث والمواقف في هذا الجانب، فقد نهى عن التشاؤم ودعا للتفاؤل، واستخدم أفضل الألفاظ عند الحديث، وفي حياتنا قد يستخدم المربون والوالدان عبارات هي بمثابة رصاصات قاتلة للطفل منذ صغره تحطم صورته عن نفسه وتجعله يزدريها، فاستخدام العبارات الإيجابية والتي تدعو للتفاؤل، تثير الدافعية لدى الإنسان صغيرا كان أو كبيرا وتعمل على نشوء جو صحي للاتصال. وحول خطوة «التخطيط لعملية الاتصال اختيار الزمان، المكان، المنطق المناسب»، أوضح «هذه المهارة تدعو إلى مراعاة وقت أو زمان الاتصال ومكانه، والزمان المناسب لا يقتصر على الساعة أو التاريخ بل الأهم في اختيار الوقت المناسب هو الظرف المحيط بلحظة الاتصال. أما المهارة العاشرة التي قدمها عاشور فكانت حول «التأكد من أن البيئة المحيطة بأطرافها المختلفة داعمة بشكل جيد للاتصال الفعال»، وأوضح «لا يخفى على الجميع دور البيئة المحيطة سواء كانت التنشئة الأسرية، أو التعليمية، أو الأصدقاء، الإعلام، وما لها من دور في التأثير على الفرد وفي طريقة تفكيره وتعاطيه مع الأمور، فإن كان هناك انسجام وتوافق بين الفرد وبين المجتمع المحيط من حوله ومن وسائل وأدوات أتاح له ذلك تحقيق تواصل ناجح ويؤتى ثماره، وإلا فإن عملية الاتصال لن تحقق الهدف منها بالشكل المطلوب».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©