الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من قاموس «الفطرة»

29 ابريل 2012
إن كل إنسان يريد مكاناً لا يشاركه فيه أحد في قلب إنسان آخر. والأمثلة على ذلك في حياتنا اليومية كثيرة. عندما يقول لك رئيسك في العمل ـ على سبيل المثال: «أنت وزميلك «فلان» أكفأ الموظفين في العمل.. إنني أتنبأ بمستقبل ناجح جداً لكما». إن فرحتك بهذا النوع من الثناء لن تكون كبيرة، لأنك تعرف أن لك منافساً يحتل مكانة تساوي مكانتك عينها عند رئيسك، لكن.. لو قال رئيسك: «أريدك أن تعرف إنني راض تماماً عن عملك، وأعتقد أنك تؤديه على أفضل وجه»، فمن المؤكد أن فرحتك بهذا النوع من الثناء ستكون أكبر. لنأخذ مثالاً آخر، فلنفترض أن لك صديقة أو زميلة تعتز برأيها، وجاءت هذه الصديقة في إحدى المرات لتقول لك: «إنك أنيق ولك ذوق رائع في اختيار ملابسك تماماً مثل فلان»، وقد يكون فلان هذا شخصاً لا تحبه أنت. فمن المؤكد أن هذا النوع من الثناء قد تعتبره أنت تحقيراً لشأنك!، ومن المؤكد أنك كنت تتمنى أن تقول تلك الصديقة لك: «إنك أنيق للغاية، إنني لا أجد من ينافسك في مثل هذه الأناقة». وإذا افترضنا أن من بين أصدقائك أحد مهندسي الديكور المشهود لهم بالكفاءة، ولاحظته منبهراً غاية الانبهار وهو يصف جمال الديكور والزخرفة في بيت فلان.. ثم تفاجأ به وهو يقول لك فجأة في مجاملة منه:».. لكن زخرفة بيتك طبعاً لا ينقصها الرونق والجمال. إن هذا النوع من المجاملة لا يرضيك!. كذلك حال الطفل.. إنه يكره أن نساوي بينه وبين أي أحد غيره. لأن آخر ما يرضيه هو أن نقارنه بأحد حتى لو شقيقه، إنه يحتاج أن نعجب به هو وحده، وبصفاته التي لا يملكها أحد غيره، لأن المقارنة تضعه في حالة تنافس حافلة بالقلق. وتجعله يفكر بضرورة البحث عن أفضليته هو. كما أن المقارنة تجعله حساساً للغاية لأي تفاوت في المعاملة بينه وبين إخوته وأصدقائه. إن الأم التي يتنافس أبناؤها دائماً على الظفر بقلبها، وتحاول هي أن ترضيهم جميعاً بأن تشتري لهم ألعاباً متشابهة. إنها تشكو دائماً من ذلك التحفز الكائن في عيونهم كعيون الصقور، لرصد أبسط الفروق في معاملتها لأحدهم، وجزاؤها دائماً في النهاية هو اللوم وعدم الرضا فيما بينهم. علينا أن نعرف أن الطفل لا يريد أيضاً المساواة مع إخوته في العقاب، فهو مثلنا نحن الكبار، يعرف أن له عادات سيئة، وصفات مزعجة، ويعرف تماماً أنه يسيء التصرف أحياناً، ويسعى على قدر طاقته للتغلب على هذه العادات السيئة والصفات المزعجة، ويتمنى من أعماقه أن يساعده والده ليتخلص من هذه العادات والصفات، فإذا تمادى في هذا الخطأ وهذه العادات والصفات فإنه يستريح عندما يعاقبه والداه. فطرنا الله بأحاسيس متباينة، بعضها يبدو منطقياً وبعضها يبدو غير ذلك، وإذا وقعنا دائماً بين أنياب الشك، وحاصرنا أنفسنا بالوساوس، التي تطالبنا بالمساواة بين الأبناء، فإن ذلك يجعلنا نفقد الإحساس الطبيعي والتلقائي الذي نستطيع به أن نحب كل طفل حباً مستقلاً. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©