السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطفل خليط فريد من الصفات الموروثة والمكتسبة

الطفل خليط فريد من الصفات الموروثة والمكتسبة
29 ابريل 2012
أبوظبي (الاتحاد)- هناك من الآباء الذين يعجبون بتفوق أحد أبنائهم في الدراسة، لكن لو اختلط هذا الابن بزمرة من أبناء الجيران ليس لهم مثل تفوقه فإن والديه يصابان بالاكتئاب والخوف على مستقبل الابن، وهناك الأب الذي يمتلئ بالفخر بابن متفوق في إحدى الألعاب الرياضية لكنه يحزن أيضاً لأن ابنه الآخر لا يهوى أي نوع من تلك الألعاب الرياضية. إننا نقترب من قلب الحقيقة عندما نقول: إن كل طفل هو خليط فريد ومتميز في الصفات، بعضها يغتبط به الآباء وبعضها يقفون أمامه محايدين، والبعض الثالث من هذه الصفات يتألم له الآباء. هذا المثال يمكننا أن نطبقه أيضاً على حياتنا خارج الأسرة. فعندما تتوافر لإنسان ما بعض الصفات التي نُعجب بها فإنها تحجب عن عيوننا ومشاعرنا صفاته الأخرى التي قد تضايقنا لو عرفناها، والعكس أيضاً صحيح فإن أي صفة مزعجة لنا نراها في شخص ما قد تمنعنا من رؤية صفة رائعة في هذا الشخص. لا أحد منا تظل مشاعره ثابتة بشكل دائم نحو أي إنسان، وإذا أدنا المزيد من الصراحة فإن معظمنا يشعر بالضيق من تصرف أحد أعضاء أسرته في يوم ما، في حين أن نفس هذا التصرف لم يشعره بالضيق في اليوم السابق. قد يشعر الشخص في بعض الأيام أن معظم من التقي بهم من الناس جذابين، وفي أيام أخرى يبدو له أنه ينفر من كل من يلتقي به، فالمسألة إذاً تتوقف على الحالة المزاجية، فهناك عدد من الآباء والأمهات كانوا يعلنون نقدهم الدائم لأحد أطفالهم لعدة سنين، لأن كل أفعاله من وجهة نظرهم خاطئة، وفجأة تغير إحساسهم نحو هذا الطفل وأصبحوا معجبين به غاية الإعجاب. لا يمكن أن نفسر هذا التغيير الكامل في معاملة هذا النوع من الآباء لأبنائه إلا أن الابن نفسه تغير تغييراً كاملاً. قد يكون الابن قد تغير تغييراً طفيفاً في سلوكه الذي كان يلومه عليه والداه، ولكن التغيير الكامل حدث أصلاً للوالدين. ما هي بعض جذور أحاسيسنا السلبية والإيجابية؟ لماذا نكره بعض صفات الابن ونحب بعض الصفات الأخرى؟ الخبير التربوي الدكتور بنيامين سبوك، يوضح سيكولوجية نظرتنا لأطفالنا، ويقول: «نحن نتمنى أن نجد في طفلنا الصفات التي أراد لنا آباؤنا أن نكتسبها، والتي نجحنا في أن نتعلمها وأصبحنا نعتز بها. وكل أسرة تصب كل اهتمامها على خصال محددة تجعلها أهدافاً يجب أن يصل إليها الأبناء. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كل فرد في مراحل نموه يختار مثله العليا الخاصة به على أساس الأفكار والصفات التي يعجب بها في أفراد أسرته الذين يحبهم. فإذا تجلت هذه الأفكار والصفات في أبنائه، فذلك مما يسعده تماماً. إن كل أسرة قد تستنكر بعض الصفات وتراها غير مرغوبة فيها، وتعتبرها ضد المثل العليا، وينتقل هذا الاستنكار من جيل إلى آخر. وفوق ذلك، فكل شخص منا أثناء نموه يصبح حساساً أمام بعض الصفات التي تضايقه وتزعجه من إخوته ووالديه بصورة تجعل الحياة نفسها في عيوننا صعبة والأهم من كل ذلك هو عثورنا على بعض صفات أو خصال رديئة في أبنائنا. هذه الصفات كانت ضمن صفاتنا في مراحل عمرنا السابقة. إذن لماذا يتعجب الآباء من اختلاف مشاعرهم تجاه الصفات التي تظهر في أبنائهم، ثم هناك مسألة أخرى، هي أن الابن أحياناً في مظهره أو سلوكه يذكرنا ببعض أفراد أسرتنا، فإذا كنا نحب هؤلاء الأفراد نقلنا إعجابنا إلى الطفل وإذا كنا لا نحبهم استنكرنا أي خطأ من الطفل وعرضناه للنقد. تلك هي سنة الحياة التي اعتمد عليها المجتمع ليجعلنا نحن الآباء نعجب بالخصال الجميلة ونحاول أن نجنب أبناءنا الصفات الرديئة. أعتقد أن عدداً كبيراً من الآباء والأمهات ممن يتمتعون بالإحساس المرهف الرقيق يؤمنون بأنهم لابد وأن يحبوا أبناءهم بالتساوي، وأن يكونوا عادلين في حب أطفالهم كما يجب، وأن يمنحوا كل طفل نفس الدرجة من الاهتمام والانتباه والصبر التي يعطونها لأخيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©