الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تراجع أسعار النفط يخفف متاعب الاقتصاد العالمي المأزوم

10 أكتوبر 2008 23:11
ظلت أسعار النفط المرتفعة طوال العام الماضي تمسك بخناق الاقتصاد العالمي وتفضي الى رفع أسعار الجازولين وسائر أنواع الأغذية وتنزل العقاب الجماعي بشركات الخطوط الجوية ومصنعي السيارات وترفع من معدلات التضخم· أما الآن وفي وسط الاضطرابات التي تعم الأسواق ظلت أسعار النفط تشهد التراجع بحدة من ذروتها التي بلغتها 147 دولارا للبرميل في يوليو المنصرم· وإذا ما قدر لهذا التحول أن يستمر فإن مليارات اليورو والدولارات يمكن أن تعود مجدداً الى جيوب المستهلكين وتوفر الدعم الى الاقتصاد العالمي الذي بات في حاجة ماسة الى كل ما يمكن الحصول عليه· وضمن شهادته التي أدلى بها أمام الكونجرس الأميركي مؤخراً أشار بن بيرنانكي رئيس الاحتياطي الفيدرالي الاميركي الى التراجع في أسعار الطاقة واصفاً إياه بــ العامل الإيجابي حتى وهو يحذر من العديد من الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأميركي على وجه الخصوص· وظل النفط يشهد العديد من التقلبات في الأسابيع الأخيرة وسط تأرجحات حادة في الأسواق وهو يراوح ما بين 100 و 90 دولاراً للبرميل· ولكن ومع تراجع الطلب في العديد من الدول الغربية وضعف نمو الطلب حتى في بعض أكثر الاقتصادات ازدهاراً في آسيا فقد بدا من الواضح أن الاتجاه العام للأسعار يمضي الى انخفاض· وفي الوقت الذي يرحب فيه المستهلكون بهذا التراجع والانخفاض فإن ردة فعل المنتجين جاءت تتسم بالكثير من الذعر والمخاوف· فقد ذكرت المكسيك أنها بصدد تخفيض ميزانيتها في العام المقبل بسبب تراجع الإيرادات البترولية· أما الدول التي ظلت تركب موجة الوطنية بفعل اشتعال أسعار الطاقة فربما أصبح يتعين عليها اللجوء الى اختصار وتقليل طموحاتها· أما مشاريع الطاقة العملاقة التي تحتاج الى استثمارات هائلة فقد بات من المتوقع أن يصار الى تأجيلها· ومن جهة أخرى فإن منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) فأصبح لزاماً عليها أن تستجيب بقوة من أجل كبح التراجع في الأسعار· ولكن وبصرف النظر عن الكيفية التي ستتعامل بها أوبك فإن هنالك أعدادا متزايدة من الخبراء الذين يعتقدون أن العوامل المشتركة لضعف النمو العالمي وتراجع الطلب على النفط لن يصبح في وسعها سوى الاستمرار في دفع أسعار النفط نحو الأسفل في الأشهر المقبلة على الأقل· وهو الأمر الذي من شأنه أن يشيع نوعاً من الارتياح في عروق الاقتصاد الذي يعاني الأمرين من تجمد الائتمان وتهاوي بورصات الأسهم· ويقول لورانس جولدستين محلل الطاقة في مؤسسة بحوث سياسات الطاقة إن كل انخفاض بمقدار 10 دولارات في سعر البرميل يؤدي الى خفض فاتورة الطاقة الأميركية بمبلغ بحوالى 70 مليار دولار''· ويذكر أن المستهلكين وبسبب ارتفاع تكاليف الطاقة عمدوا الى تقليل استخدامات الجازولين بأسرع وتيرة شهدتها منذ الصدمة النفطية في أواخر حقبة السبعينيات· وبعد أن بلغت الأسعار ذروتها مؤخراً فقد تراجع استهلاك النفط في الولايات المتحدة الأميركية بمعدل بلغ 6 في المائة في يوليو، أي الى أقل مستوى له طيلة خمس سنوات· وفي الوقت ذاته استمر استهلاك النفط في معظم الاقتصادات المتقدمة أيضاً الى انخفاض حيث أشارت شركة توتال عملاقة النفط الفرنسية على سبيل المثال مؤخراً الى أن الطلب على الوقود في فرنسا انخفض بنسبة 6 في المائة في هذا العام· أما بالنسبة لمجمل العالم الصناعي الذي يسهم بحوالى 60 في المائة من الطلب العالمي على النفط فقد انخفض الاستهلاك بمقدار 1,3 مليون برميل يومياً في هذا العام، فيما يعتبر الانخفاض الأكثر حدة له منذ عام ·1982 وذكر المحللون في بحث أجري مؤخراً أن الدراسة الخاصة بحقبة الثمانينيات إنما تؤكد مدى تشاؤمنا بشأن الطلب على النفط في عامي 2008 و ·2009 إذ تشير البيانات الى أننا قد نصل في نهاية المطاف الى نقطة الطلب بالسالب · ويتفق العديد من المحللين مع هذه الرؤية، حيث يقول لورانس إيجل خبير النفط في جيه بي مورجان يعتبر هذا الوضع الخاص بالعوامل الجوهرية الأسوأ من نوعه الذي نشهده منذ عام 2002 · ولكن أسعار النفط لا تزال عالية بالمقاييس التاريخية· إذ إن معظم الشركات والأعمال التجارية لم تعمد الى رفع أسعارها بمستوى يكفي لتعويض القفزة التي شهدتها أسعار النفط في هذا الصيف، وما زالوا يشيرون الى أن الأسعار المرتفعة للنفط ما زالت تتسبب في العديد من المشاكل، فالشركات المصنعة للسيارات تقدمت بالتماسات للحكومة تطلب الدعم بسبب تخلي المستهلكين عن السيارات الأكثر استهلاكاً للجازولين· وهي المشكلة التي تفاقمت لاحقاً بسبب الضغوط الائتمانية على مشتري السيارات المحتملين· ومن جهة أخرى ظلت الأسعار العالية للنفط تمثل العامل الرئيسي في فقدان صناعة الطيران العالمية للأموال في جميع السنوات باستثناء عام واحد منذ عام ·2000 والآن وقد ارتفع سعر وقود الطائرات بحوالى 50 في المائة من مستواه في العام الماضي فإن تكاليف الوقود أصبحت تشكل 14 في المائة من نفقات شركات الطيران، كما بات من المتوقع لها أن تصل الى مستوى 40 في المائة من إجمالي النفقات في العام المقبل، بحسب إحصائيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي· على أن الانخفاض المستدام في أسعار النفط من شأنه أن يفضي الى موجة جديدة من الاندماجات في صناعة الطاقة· ففي ظل الارتفاع الحاد مؤخراً في أسعار الحفارات وأنابيب الفولاذ والتكاليف الأخرى في الصناعة فإن تكلفة إضافة السعة الإنتاجية بدأت تتراوح الآن ما بين 70 الى 90 دولاراً للبرميل· وكذلك فإن بعض المنتجين أخذوا يشكوى حيث أشارت شركة بترو - كندا على سبيل المثال الى أن تكلفة تطوير الرمال النفطية في كندا لن تصبح ذات جدوى اقتصادية إلا بسعر 100 للبرميل· وفي آخر اجتماع لهم ذكر العديد من الوزراء في منظمة أوبك أنهم يرغبون في خفض الإنتاج للحيلولة دون المزيد من التراجع في الأسعار· إلا أن المملكة السعودية وعلى خلاف ذلك أشارت الى أنها ترغب في رؤية انخفاض في أسعار النفط الى أقل من 100 دولار للبرميل حتى تساعد الاقتصاد العالمي على اكتساب قدر من الفعالية والنشاط· إلا أنه ما زال من المبكر معرفة المدى الذي سوف تنخفض إليه هذه الأسعار قبل أن يلجأوا مرة أخرى الى إغلاق الصنابير· إذ يقول توم بينتز محلل الطاقة في بي إن بي باريباس في نيويورك إن الأسعار ما زالت تبحث عن قيمتها الحقيقية ولا يوجد أحد متأكد حتى الآن من مقدار هذه القيمة· وأعتقد أن الأمر برمته سوف يعتمد على الصورة النهائية التي سوف يتشكل بها اقتصاد العالمي· إلا أن من المؤكد أننا أصبحنا نعيش في عالم الذعر والمخاوف · عن انترناشيونال هيرالد تريبيون
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©