الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: الوقت «وعاء» للعبادة وتعمير الأرض

العلماء: الوقت «وعاء» للعبادة وتعمير الأرض
30 ابريل 2015 22:58
أحمد مراد (القاهرة) ناشد علماء في الأزهر، المسلمين بحسن إدارة الوقت والحفاظ عليه وعدم إهداره فيما لا يفيد، ووصفوه بأنه أمانة سيسأل عنها المسلم يوم القيامة، ومن ثم يجب عليه ألا يفرط فيه بل يغتنمه ويحرص عليه، مؤكدين أن الوقت نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده يجب عليهم شكرها. وأكد العلماء أن الإسلام ينظر إلى الوقت بنظرة عامة وشاملة باعتباره الوعاء الذي ينفذ فيه الإنسان الهدف من خلقه وهو عبادة الله تعالى وطاعته وعمارة الأرض بالإنتاج والتنمية، والمقصود بالعبادة كل ما يحبه الله، ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، لذلك كان الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، فهو كنزه، ورأس ماله الحقيقي في هذه الدنيا، وفي الوقت نفسه لفت العلماء إلى أهمية إعطاء النفس حقها من الراحة والسعة. عدم إهداره يقول الدكتور محيي الدين عفيفي- أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ بجامعة الأزهر: اعتنى الإسلام الحنيف بالوقت عناية فائقة، وقد أوصى بحسن إدارته وعدم إهداره فيما لا يفيد، وينبع هذا الاهتمام من خلال أن المسلم مسؤول عن وقته، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟»، ومن ثم فإن المسلم عليه ألا يفرط في وقته، بل يغتنمه ويحرص عليه، فهو أمانة سيسأَل عنها يوم القيامة، لا سيما إذا كان متعلقاً بالله أو بأحد من خلقه، والمسلم في ظل الإسلام ينعم بقيم ونظم تكفل له تحقيق إنتاجية عالية، لأنه يحتسب كل لحظة في يومه وليلته في مرضاة الله تعالى، حتى ولو كانت من العادات. ويضيف: والمتأمل لآيات القرآن الكريم يجد أن القرآن قد اعتنى بعنصر الوقت، بل شمله بمفهومه الواسع كالدهر والعصر والحين واليوم والأبد والسرمد، إلى غير ذلك من المسميات، حيث يوضح القرآن الكريم في الكثير من الآيات أن الوقت نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده يجب عليهم شكرها، والآيات في هذا متمثلة في تسخير الشمس والقمر، والليل والنهار. ويشير أمين عام مجمع البحوث الإسلامية إلى أن هناك مجموعة أخرى من الآيات التي أقسم الله تعالى فيها بالوقت ليدل على عظم هذا العنصر وشرفه، وأهمية استغلاله، «والفجر وليال عشر»، «والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها»، «والضحى والليل إذا سجى»، «والعصر إن الإنسان لفي خسر»، هذا فضلاً عن ارتباط الوقت بالغاية من الخلق، فالإنسان خلق لغاية سامية، وهدف مقصود مطلوب ألا وهو عبادة الله تعالى وعمارة الأرض، فعبادة المؤمن في الأرض تتمثل في إقامة شعائر الإسلام وتحقيقها، وهذه الشعائر لها صلة وثيقة بالوقت، فالصلوات الخمس في اليوم والليلة موقوتة، والزكاة تخرج بعد حول كامل، وشهر الصيام مؤقت برؤية هلاله ابتداء وانتهاء، والحج أشهر معلومات، وهكذا بقية النوافل والقربات إما في الصباح أو المساء، أو بالغدو والآصال. نظرة شاملة ويقول الشيخ عبد الحميد الأطرش- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً: ينظر الإسلام إلى الوقت بنظرة عامة وشاملة ينفذ فيه الإنسان الهدف من خلقه وهو عبادة الله تعالى وطاعته وعمارة الأرض بالإنتاج والتنمية، لذا يستلزم استثمار الوقت وحسن إدارته، والحقيقة أن إدراك الإنسان لقيمة وقته ليس إلا إدراكاً لوجوده وإنسانيته ووظيفته في هذه الحياة الدنيا «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين»، والمقصود بالعبادة هنا هو كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، لذلك كان الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، فهو كنزه، ورأسماله الحقيقي في هذه الدنيا. الحقوق كثيرة ويشير الشيخ الأطرش إلى أن كتب السنة النبوية حفلت بمجموعة من الأقوال والأفعال النبوية التي تبين أهمية الوقت والعناية بقدره، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ» أي إن كثيرا من الناس لا يدركون أهمية هاتين النعمتين العظيمتين والمغبون الذي يشتري بأضعاف الثمن، أو يبيع بدون ثمن المثل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم محافظاً على وقته، مستثمراً له في العبادة والطاعة، مقسماً له ما بين حق الله، وحق أهله، وحق نفسه، وحق الناس، فالحقوق كثيرة وأداؤها يستلزم تنظيم الأوقات، وتقسيمها على وجه يضمن أداء الحقوق، ومما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن صحف إبراهيم - عليه السلام - قوله: «على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو لحاجته من المطعم والمشرب». وحث الشيخ الأطرش كل مسلم على اغتنام الوقت والتحذير من إضاعته، فمن روائع وعظ النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، وقد حثت نصوص كثيرة بألفاظ متقاربة تدل على هذا المعنى السامي، وهو استغلال الوقت واغتنام العمر قبل أن تحول بين المرء وبين ما يشتهيه عوائق وعقبات تصده عن بلوغ مناه، فالتبكير فيها أمر مطلوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لأمتي في بكورها». الراحة والسعة ويوضح الدكتور عبد الحكم الصعيدي - الأستاذ بجامعة الأزهر أنه يكفي الوقت شرفاً وأهمية أن الله عز وجل قد أقسم به في كتابه العزيز، وأقسم ببعض أجزائه في مواطن عديدة، قال تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)، «سورة التكوير: الآيتين17 - 18»، وذكر بعض المفسرين أن القسم الإلهي ببعض المخلوقات دليل على أنها من عظيم آياته، ومن هنا فالله عز وجل يقسم بتلك المخلوقات ليبين لعباده أهميتها، وليلفت أنظارهم إليها، ويؤكد على نفعها، وضرورة الانتفاع بها، وعدم تركها تضيع سدى دونما فائدة ترجى في الدنيا أو الآخرة. ويقول: تأكيد الإسلام على إعطاء النفس حقها من الراحة والسعة دليل على قيمة الوقت وأهميته في الإسلام، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، «سورة النبأ: الآيات 9-10-11»، وقال إن كثير (نومكم سباتا): أي قطعا للحركة لتحصلي الراحة من كثرة التردد والسعي في المعايش في عرض النهار، وكأن النوم راحة إجبارية يتقوى بها الإنسان، كما ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: «يا عبدالله: ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً»، ولكن هذا الحق من النوم والراحة للجسد والبدن مشروط، أي ينبغي أن يتقوى به الإنسان لما بعده، ويحتسبه للعمل، فهو يرتاح ليتقوى على العمل، وليست الراحة لمجرد البطالة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©