السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الأسئلة البريئة «القاتلة» تقضي على أصحابها

الأسئلة البريئة «القاتلة» تقضي على أصحابها
3 يونيو 2018 00:36
تدريجياً، أصبحت الصحافة إحدى أخطر المهن التي يمكن أن تودي بأصحابها للهلاك. أرقام الجرائم التي تستهدفهم سواء كانوا نساء أو رجالاً، يعملون في الصحافة المطبوعة أو المحطات التلفزيونية، في تزايد مرعب بمختلف دول العالم. والضحايا منهم يتساقطون الواحد تلو الآخر، من مالطا حتى أوكرانيا، مروراً طبعاً بحقول الموت في دول من عينة سوريا وأفغانستان. والقاتل في معظم الحالات.. مجهول «معلوم». بمعنى أن الشرطة في معظم الحالات، لا تستطيع الوصول للجناة الحقيقيين، ليس لأنها لا تعرفهم ، بل الأدهى .. لأنها تعرفهم. فالمجرم واضح، ودوافعه لا تخفى على أحد في أغلب الأحيان، لكن لا يمكن أبداً توجيه الاتهام إليه، أو حتى الإشارة إليه من بعيد، ولو همساً.. لأنه صاحب نفوذ أو سلطة أو زعيم عصابة إجرامية مهيمنة بالمال والعنف أو بشبكة علاقات محكمة قد تشمل الشرطة والقضاء. والاقتراب من هؤلاء ممنوع أبداً وخطر تماماً في كل الأحوال. مثلا، مرت حتى الآن نحو سبعة أشهر، ولم تتوصل الشرطة في مالطا لقاتل الصحفية دافني كاروانا غاليزيا، عضو الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، التي قُتلت بتفجير سيارتها أكتوبر من العام الماضي. غاليزيا، وهي من مواليد 1964، راحت ضحية تغطية صحفية مميزة لما يعرف بفضيحة أوراق بنما، كشفت فيها معلومات خطيرة عن جرائم فساد وتهرب الضريبي في بلادها. فنالت عقابها غير المستحق على مرأى من الجميع. وهنا تكمن مأساة الصحافيين المغدورين الذين يفقدون حياتهم، وتتحول حيوات أحبائهم إلى مأساة مروعة، فقط لأنهم يسألون الأسئلة البريئة الصحيحة عن أشياء إن تبدى للجميع تسوء غيرهم، حتى يعرف الجمهور الحقيقة، فيحصدون المر والعلقم. هذا النوع من الأسئلة «القاتلة»، راح ضحيته خلال الأيام القليلة الماضية، ثلاثة صحافيين في المكسيك، بينهم امرأة، قُتلوا بطريقة وحشية للغاية.. ضرب مبرح وحشي. وفي عاصمة أوكرانيا، راجت قصة هوليودية مثيرة عن مقتل صحفي روسي بالرصاص في جريمة غامضة، أواخر الأسبوع الماضي. وثبت بعد 24 ساعة من كشف تفاصيلها، أنها مختلقة ومفبركة، بواسطة سلطات أوكرانيا نفسها بدعوى حماية الصحفي من مؤامرة حقيقية لاغتياله. يكشف ذلك إلى أي مدى صارت حياة الصحفيين (أو مقتلهم) ألعوبة، يمكن للحكومات اللهو بها أو تحويلها إلى مادة صحفية مثيرة يمكن استخدامها لتصفية الحسابات السياسية. في الحروب المفتوحة، يضع الصحفيون شعارات ويرتدون سترات مكتوباً عليها بوضوح «صحافة»، على أمل أن تمنحهم حصانة ضد الاستهداف والقتل.. لكن المشكلة تبدو أكثر خطورة الآن.. ليس في ساحات الحروب بل في شوارع المدن التي تضج بالحياة. فإن تحمل راية الصحافة، قد يعني أحياناً أن حياتك مهددة حتى داخل بيتك، كما حدث قبل أيام مع الصحفية المكسيكية اليشيا دياز جونزاليز-52 عاماً، التي عثر عليها أبناؤها قتيلة في منزلها وعلى جثتها آثار ضرب عنيف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©