الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنوك الصينية الكبيرة تعاني الحصول على رؤوس الأموال

البنوك الصينية الكبيرة تعاني الحصول على رؤوس الأموال
29 ابريل 2012
تُعد البنوك الصينية من بين أكبر المؤسسات المالية وأكثرها جنياً للأرباح في العالم. لكن البنوك المدعومة من الحكومة تواجه صعوبة في توفير رؤوس الأموال، بعد أن أرهقها تشجيع الحكومة على تقديم القروض. واقترضت 7 من أكبر البنوك الصينية في السنة الماضية نحو 323,8 مليار يوان (51,4 مليار دولار) من الأسواق، وفقاً لتقديرات “سيتي جروب”. ومن المتوقع أن تسعى عدد من المؤسسات المالية الأخرى لجمع نحو 17,7 مليار دولار في غضون الشهور القليلة المقبلة، من ضمنها “بنك الاتصالات” خامس أكبر بنك في الصين الذي يبلغ نصيبه من هذا المبلغ 9 مليارات دولار. وتحاول البنوك حول مختلف أنحاء العالم جذب أموال المستثمرين، بهدف تعويض انخفاض أسعار الأسهم وتراجع الأرباح. لكن البنوك الصينية تغلبت على ذلك من خلال قوة نمو أرباحها وصلابة ميزانياتها. ممارسة الاحتكار وتنامت المخاوف بعد الانتقاد الذي تعرضت له البنوك من قبل رئيس الوزراء وين جياباو، الذي اتهمها بسهولة الحصول على الأرباح حيث طالب بكسر الاحتكار الذي تقوده البنوك الكبيرة. ويقول “بصراحة تحصل بنوكنا على أرباح غاية في السهولة، نتيجة للاحتكار الذي يمارسه عدد قليل من البنوك الكبيرة ما يعني أنها الجهة الوحيدة التي توفر القروض ورؤوس الأموال. ونحاول كسر هذا الاحتكار من خلال إدخال رؤوس أموال القطاع الخاص في القطاع المالي”. ويعني هذا التصريح أنه ربما يصبح من الصعب على البنوك جمع الأموال خاصة إذا تخوف المستثمرون من فقدان البنوك لهيمنتها. لكن تكمن المفارقة في أن الحكومة الصينية هي المستفيد الأكبر من هذا الاحتكار. وكانت جميع البنوك الصينية الكبيرة قبل تحولها إلى عامة قبل عقد، تنفذ القروض امتثالاً للسياسات الحكومية. والآن وعلى الرغم من الإصلاحات الجزئية للنظام المالي، تظل البنوك مرتبطة بنموذج الرأسمالية الذي تنتهجه الحكومة والذي تتمتع فيه المؤسسات المالية والمشاريع المدعومة من قبل الحكومة بأفضلية الحصول على القروض المصرفية. وتعد موجة جمع الأموال الحالية ما هي إلا نتيجة للانتعاش غير المسبوق للإقراض الذي استمر لعدد من السنوات. وتصدت بكين للازمة المالية بطرح برنامج إنقاذي قوامه 4 تريليونات يوان. واعتمد البرنامج بشدة على الإنفاق في البنية التحتية والذي تم تمويله بشكل رئيسي من خلال قروض وفرها القطاع المصرفي الذي تديره الحكومة. وانصرفت الحكومات المحلية نحو إنفاق إضافي منفصل يعتمد هو الآخر على البنوك لتمويل مشاريعه. وأثبتت موجة الإقراض هذه مدى الأرباح الضخمة التي تدرها للبنوك، حيث أعلنت 4 أكبر بنوك في الصين عن أرباح كلية للعام 2011 بلغت نحو 623 مليار يوان، بزيادة قدرها 25% عن 2010. و”البنك الزراعي” الذي حقق أرباحاً قدرها نحو 18,9 مليار دولار، كان أقلها ربحاً في السنة الماضية، مقارنة ببنك “جي بي مورجان شيس” الأكثر ربحاً في أميركا والذي لم تتجاوز أرباحه 19 مليار دولار. الأربعة الكبار ومن المتوقع أن تعلن ما يسمى بالأربعة الكبار، عن أرباح تتراوح بين 10 إلى 26% في الربع الأول من العام الحالي. لكن ونتيجة لهذه الأرباح، ارتفعت ميزانيات البنوك لمستويات كبيرة. وأعلنت الأربعة الكبار التي تضم “البنك الصناعي والتجاري” و”بنك الصين” و”بنك الإنشاءات” و”البنك الزراعي”، عن زيادة بنحو 14% في أصولها الكلية إلى 51,3 تريليون يوان، التي تساوي اقتصادات فرنسا وبريطانيا وألمانيا مجتمعة. ويبدو أن البنوك حتى الآن خرجت سليمة. وأظهرت الأربعة الكبار انخفاضا في مستويات القروض غير العاملة في السنة الماضية إلى 1,15% من إجمالي القروض في 2011 من النسبة التي كانت عليها عند 1,34% في 2010. وتكمن المشكلة في أن تفشل وبمرور الوقت، البنية التحتية الضخمة وقطاع العقارات والمشاريع الأخرى في تحقيق الأرباح. كما من الممكن أن تفشل الجهات المقترضة بما فيها الحكومات المحلية في دفع الفوائد ومن ثم التأخير في تسديد قروضها. وتركزت الكثير من المخاوف حول الحكومات المحلية التي تراكمت ديونها لتبلغ 10,7 تريليون يوان في نهاية 2010. ويرى محللون أن موجة من الديون المتعثرة سترمي بآثارها على القطاع المصرفي في الصين ليصل إلى مستوى تاريخي من ضعف رأس المال. وتقول شارلين شاو، المحللة المصرفية لدى وكالة “فيتش التصنيفية” “بدأ عدد كبير من البنوك الصينية ولأول مرة مواجهة ضغوطات مالية. ونتيجة لهذا الشح في السيولة، من الممكن أن تصبح الموجة المقبلة من قضايا جودة الأصول أكثر سوءا وأقل استقراراً مقارنة بالتدهور الذي أصاب محافظ القروض في المرات السابقة”. وأثنى الكثير من السياسيين على طموح الصين بربط كافة أنحاء البلاد بخط سكة حديد عالي السرعة كنوع من التحفيز على الإنفاق الذي يعود بفوائد اقتصادية فورية ومحسوسة. لكن دفع حادث اصطدام قطارين في يوليو الماضي، بكين إلى إعادة التفكير في هذا المشروع. ويتساءل محللون الآن حول مدى إمكانية استمرار “وزارة السكك الحديدية” في الخدمة، في ظل ديونها التي تجاوزت تريليوني يوان قبل وقوع الحادث. ولا تزال المخاطر التنظيمية لانفجار فقاعة الديون ماثلة بالنسبة لمنظمي البنوك الذين يحاولون مطالبة هذه البنوك بزيادة احتياطاتها. وبموجب حزمة من القوانين الجديدة، ينبغي على البنوك الكبيرة زيادة مستويات رؤوس أموالها إلى 11,5% من الأصول بنهاية 2013. كما ينبغي أن تكون نسبة رأس المال من الفئة الأولى لدى هذه البنوك 9,5% على الأقل، حتى تكون قادرة على تحمل الصدمات المالية. وتعتبر هذه المتطلبات أكثر صرامة من تلك المعمول بها في البنوك الأميركية والأوروبية. لكن ربما لا تكون زيادة رأس المال التنظيمي كافية، حيث يركز ذلك فقط على القروض التي تحتفظ بها البنوك على دفاترها. وبدأ المنظمون الماليون في الصين في 2010، الحد من نمو القروض الجديدة في محاولة منهم محاربة التضخم. وللامتثال للمنظمين والاستمرار في ذات الوقت في البحث عن الأرباح، استجابت البنوك من خلال تبني طرق جديدة من الإقراض خارج الميزانية. ويقدر بعض الخبراء حجم الإقراض خارج الميزانية بنحو 12 تريليون يوان عند النصف الأول من 2011، أي ضعف ما كان عليه في 2009. ومن الأسباب الأخرى التي تدفع بالبنوك الصينية للبحث عن الأموال، إمكانية الاستمرار في دفع أرباح الأسهم الكبيرة لأكبر المساهمين فيها، أي الحكومة. وتُعزى برامج رسملة المؤسسات إلى حد كبير لأرباح الأسهم الضخمة التي دفعتها البنوك خلال السنوات القليلة الماضية. والمشكلة أن دفع معدلات كبيرة من أرباح الأسهم يسبب شرخاً في القاعدة المالية لهذه البنوك، ما يجعلها في حاجة إلى طرق أبواب الأسواق بحثاً عن أموال جديدة، الشيء الذي ينتج عنه إغفال أقلية المساهمين من خلال إصدار أسهم جديدة. وبلغت أرباح الأسهم التي دفعتها البنوك الأربعة الكبار إضافة إلى “بنك الاتصالات”، نحو 144 تريليون يوان، كما نجحت في جمع أكثر من 199 مليار يوان من أسواق المال. ويقول فريزر هاوي، مدير مؤسسة “سي أل أس أيه” للخدمات المالية ووساطة الأسهم في سنغافورة “تبدو هناك حركة ضخمة من رؤوس الأموال من مكان إلى آخر، إلا أنها توحي بقوة غير متوافرة في الواقع”. نقلاً عن: إنترناشونال هيرالد تريبيون ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©