الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كتاب “الصقر” يتعرض لأساطير نسجت حوله ويبحث في انتشار “وباء” تدريبه

كتاب “الصقر” يتعرض لأساطير نسجت حوله ويبحث في انتشار “وباء” تدريبه
26 ديسمبر 2009 23:58
يتحدث كتاب “الصقر” الصادر عن مشروع “كلمة” التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لمؤلفته هيلين ماكدونالد، عن الصقر بوصفه طائرا جارحا قويا وجميلا وذا “كاريزما” خاصة، إلى جانب أنه من أسرع الحيوانات في العالم، وهو من الطيور التي سحرت الإنسان لآلاف السنين. ويلقي الكتاب الضوء على الطائر الفريد وعلى الثقافات التي عاش فيها، ويشتمل على أساطير الصقر وخرافاته ورياضة الصيد بالصقور القديمة والتعرض للصقور كقاطنة للمدن الحديثة. يتناول كتاب “الصقر” التاريخ الطبيعي للصقور وجهود الحفاظ عليها من الانقراض وكيف تم استخدام الصقور كرموز وأسلحة للحرب. ويحتوي على معلومات قيِّمة عن الصقور، موضحة بالصور، علّه يكون مرشداً قيِّماً لهذا الطائر الساحر. وتقول هيلين في بداية الكتاب إن الصقور تعد أسرع الطيور التي وجدت على ظهر البسيطة، فهي مصدر ولع بالنسبة لنا؛ كونها تبدو أسمى من غيرها من أنواع الطيور الأخرى، بيد أن الصقر ليس معنياً بهذه الصفات لأنها في الواقع مجرد مفاهيم إنسانية خاصة بنا. وعلى الرغم من كون الصقور ليست إلا طيوراً، إلا أنه لا يمكن النظر إلى الصقور إلا في ضوء وصف العالم الإنثروبولوجيا فرانزبوس، الذي وصف الصقر بأنه “البصيرة والرؤية اللتان نستقيهما من ثقافتنا لنتمكن عبرهما من رؤية العالم، فنظرتنا إلى الصقر هي في الواقع نظرة إلى ذواتنا وأنفسنا سواء كان الصقر حقيقة أم خيالاً”. معانٍ إنسانية تقول هيلين :”سواء رأينا الصقر في لوحات على جدران المعارض أو في وصف الشعراء أو محلقاً كطائر صياد أو قابعاً خلف نوافذ مانهاتن أو كرمز يوضع على الأعلام أو يقبع فوق إحدى محطات الأداء القديمة، كل ذلك لا يمثل خلافاً، فليس هناك شك في أن الحيوانات تعكس المعاني والمفاهيم الإنسانية، ومع ذلك لا ينبغي إخراج الصقر من تصنيفه الحقيقي كطير يعيش بشكل طبيعي، فهو يطير ويتنفس ويصيد.. إلخ، غير أنه ليس لدى طيور الحمام ما للصقر من رموز مليئة بالقيم الإنسانية”. وتحاول الكاتبة الإجابة عن تساؤل مثير: “ما هذا الطير الذي يثير كل هذا الكم من المشاعر؟” فتتطرق إلى: أولاً: بعض الصفات البيولوجية والبيئية للصقور. ثانياً: استعراض الكيفية التي أثار بها الصقر فضول وتطلعات الآخرين ما جعله أكثر من مجرد طائر. ثالثا: صفات بيولوجية يمكن استخلاصها من متابعة التاريخ الطبيعي للصقور. عائلة الصقور تقول هيلين: “هناك تشابه بين الأنواع المختلفة لعائلة الصقور، التي تصل إلى 60 نوعاً، لكن صلتها بباقي الطيور النهارية كالباز والنسر بعيدة، إذ يرى بعض الباحثين أنها أكثر قرباً من البومة؛ كونها تتنوع بشكل كبير من حيث الشكل والعادات، بداية من الصقور التي تغير على المخلفات وتلك الشبيهة بالنسور إلى صقور الغابات الاستوائية”. وتلفت إلى أن تلك الأنواع جميعاً تشترك في بعض الصفات الخاصة مثل العقد العظمية في المنخر ونمط تكوين الريش الفريد الذي يميزها عن باقي الأنواع الأخرى. وتوضح أن العادة جرت على تقسيم الصقور إلى أربع مجموعات فرعية هي الصقور صغيرة الحجم، والصقور الضئيلة القاتلة، ومجموعة كسترل، والمجموعة الأخيرة، التي تناولتها المؤلفة، وهي الصقور كبيرة الحجم، ويمكن تقسيمها أيضاً إلى مجموعتين هي صقور الشاهين وصقور الصحراء. وكلتاهما تمتاز بالسرعة الكبيرة في الطيران، والعيون السوداء، ومهارة الصيد، وتختص صقور الشاهين بصيد فرائس الطيور، بينما تختص صقور الصحراء بالثدييات والزواحف والحشرات. وكغيرها من الطيور الجارحة، فإن كلتا المجموعتين تتسم بنفس خصائص الطيور الجارحة من حيث كبر حجم الأنثى عن الذكر. الشاهين: ناعم وجريء عن صقور الشاهين، تذكر هيلين أنه وتبعاً لما كتبه دبليو كينيث ريتشموند، فإن صقر الشاهين طائر متناسق الشكل له ريش ناعم، جريء، وبسبب هذه الصفات أصبح الصقر كائناً ارستقراطياً نبيلاً. وتؤكد هيلين على أن كثرة الثناء والمديح الذي ناله الصقر ومنحه صفات النبلاء تعود إلى تراث ضارب في القدم، ففي الجزيرة العربية وإيران يسمى صقر الشاهين “Peregrinne” وتعني باللغة الفارسية (امبراطور). وتستشهد هيلين على نبل الصقر بما ذكره بيرو لوبيزدي دايالا، مستشار الهيئة الإسبانية لمقاطعة كاستل الخاصة بالصقور، حيث قال: “إن صقر الشاهين هو أكثر طيور الصيد نبلاً وأفضلها، فهو اللورد والأمير بين طيور الصيد”. وفيما يتعلق بصقر الصحراء، تقول هيلين إن صقر “جير فالكون” يعد أكبر الصقور وأكثرها إثارة للإعجاب، وهي عضو من مجموعة فرعية (فالكو) تتسم بالريش الناعم وتعرف بأنها صقور الصحراء لأن هذه السلالة تسكن بصفة عامة في المناطق الجافة. ثم تعرج على الحديث عن حياة الصقر، فتذكر أن الدلائل المتوفرة تشير إلى أن “العالم الحسي للصقر يختلف عن عالمنا بقدر اختلافه عن عالم الخفاش أو النحل الطنان، لأن إحساسها العالي والأنظمة العصبية تعطيها ردود أفعال سريعة بدرجة كبيرة، فعالمها يتحرك بسرعة أكثر عشر مرات من عالمنا، ولذلك فإن الأحداث في الزمن التي ندركها، مثل اليعسوب الذي يمر أمام أعيننا هي أكثر بطئا بالنسبة لها”. صور مثلثة تلفت هيلين إلى أن الصقور عندما تثبت عيونها على هدف ما، فإن من شيم الصقور أن تحرك رأسها إلى أعلى وأسفل عدة مرات، وعندما تفعل ذلك، فإنها ترسم صورة مثلثة للهدف وتستخدم حركة اختلاف المنظر باختلاف المكان لتأكيد المسافة. وتوضح أن حدة البصر لدى الصقور أمر يدعو إلى الدهشة، مثلاً “العوسق”، وهو نوع من الصقور، يمكنه أن يحدد حشرة بمقاس 2 مم على بعد 18 متراً منه، والسبب في ذلك قد يرجع إلى حجم العيون ذاتها، لأنها ضخمة جداً لدرجة أن خلفية كل مدار تضغط نحو الأخرى في منتصف الجمجمة. وتستعرض الكاتبة عملية الطيران التي تقوم بها الصقور وكذا هجراتها التي تصفها بالملحمية، فتقول إن هناك مركبا جينيا قويا مرتبط بتطور سلوك الهجرة في الطيور، في الوقت الذي يوجد فيه سبب خارجي واضح تماماً لتلك الهجرة يتمثل في البحث عن الطعام، لافتة إلى أن الصقور المهاجرة تتحرك بسرعة وأحياناً تقطع مئات الأميال في اليوم الواحد عبر اليابسة والمحيط. صقور أسطورية تتحدث هيلين عن الصقور الأسطورية “المقدسة” التي بينتها جدران المعابد القديمة، والمتاحف الحديثة ومنها متحف اللوفر الذي يضم ركيزة يقف فوقها تمثال برونزي لإنسان واقف بأرض زراعية وله رأس صقر بنظره الحاد وطوق من الريش فوق ذراعيه المفرودتين، وعمر هذا التمثال حوالي 3000 سنة وهو أحد الأشكال التي تعبر عن الإله حورس عند قدماء المصريين. وتقول إنه بعد ذيوع ما يعرف بلعنة الفراعنة في العالم الغربي بعد أن قام اللورد هاورد كارتر بفتح مقبرة توت عنخ آمون أصبح هذا التمثال للصقر الأسطوري الرمز الأشهر لهذه اللعنة. ومن الصقور الأسطورية ولعنة الفراعنة، تنقل المؤلفة إلى تناول الصقور المدربة، قائلة إن تدريب الصقور ليس رياضة، وإنما فيروس يتمكن من الفرد ويجعله مصاباً به فلا يستطيع التخلص منه. وتذكر أن ما تسميه “وباء” تدريب الصقور ظهر في وسط آسيا منذ آلاف السنين وانتشر في جميع المناطق والأنحاء بعد ذلك. ثم تحاول هيلين الخوض في عالم الصقور وكشف ما به من أسرار جعلت من طائر الصقر أكثر من مجرد طائر، إذ صار مرتبطاً بالموروث الثقافي والتاريخي لكثير من الشعوب. الصائدون المحترفون على الرغم من أن مصطلحات الصيد بالصقور غامضة، فإن معداتها أو أدواتها بسيطة نسبياً وعملية بصورة رائعة. وقد يكون أفضلها تناسباً على الإطلاق هو القنبرة الجلدية النحيفة. فعندما توضع فوق رأس الصقر فإنها تحجب كافة الأضواء، وعلاوة على دورها في مجال الصيد فإن استخدامها بحكمة يحافظ على الطيور الغير مدربة بالكامل ويحجبها بشكل عال عن المناظر المزعجة. وتأتي القنبرة بتصاميم مختلفة - قنبرات جلد الماعز الهندية، والقنبرات العربية الناعمة والقنبرات الهولندية الثقيلة والخشنة مع الصفائح الجانبية الملونة والصوف وحلية الريش. وقد قام الصائدون المحترفون بالصقور في العصر الحديث بإنشاء تصاميم مختلطة ذات شكل وقالب نهائي جميل، والذي هو إلى حد بعيد أكثر بياضاً وراحة للصقر من العديد من النماذج القديمة المزخرفة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©