السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد حسب النبي: القراءة تنمي الذات وتضمن التقدم الحضاري

محمد حسب النبي: القراءة تنمي الذات وتضمن التقدم الحضاري
26 ديسمبر 2009 23:59
يرى محمد حسب النبي الأستاذ المساعد بقسم التربية في جامعة الحصن أن القراءة تفتح المدارك، وتقوي مهارات الشخص، وتحصن النفس، وتنشط العقل فهي المغذي وأوكسجين المخ، فكل يرى الغرب ومدى حرصه على القراءة في الحدائق والشواطئ وأماكن المواصلات وغيرها، لا لشيء إلا لعلمهم التام بدورها في النمو الشخصي والمعرفي، ونحن أحق منهم بذلك فنحن أمة (اقرأ) ، فيجب أن نجعل من القراءة سنة حياة، امتثالاً لأمر الله، وضمانة للترقي الذاتي والحضاري بدأ محمد سعيد حسب النبي حديثه بكلام الله سبحانه وتعالى: “اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق،اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم،” (العلق) بهذه الكلمات ذات الدلالات العلمية بدأ وحي السماء على خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وهي آيات لا تخلو من دهشة وتدعو للتساؤل “لماذا بدأ الوحي بكلمة اقرأ؟”. ويقول:”إذا دخلت بيتك ووجدت أبناءك يتشاجرون فيما بينهم فما أول كلمة أو أمر ستبدأ به؟ لا شك أن أول أمر سيكون اصمتوا، أو انتهوا، أو غيرها من الأفعال التي تأتي متناغمة مع الحدث، ولا يتوقع أن تقول لهم: كلوا، أو أقرؤوا، لأن الفعل لا يتناسب مع الحدث، وهكذا في سياق الحديث عن فعل الأمر اقرأ في وقت انتشر فيه تعدد الآلهة، ولكن جاء فعل الأمر “اقرأ” بعيداً عن سياقه، ولعل البعض يتساءل: ربما كان مقصد الآية تعلم مهارات القراءة حيث كان العصر يوسم بالعصر الجاهلي، وهذا غير صحيح، فجاهلية ذلك الوقت كانت جاهلية في الخُلق والطبع، وعصبية فرضتها طبيعة الزمان والمكان الذي وجد فيه العربي آنذاك، ومن المعروف تاريخياً أن من العرب من كان يستطيع القراءة والكتابة، وكان من بينهم كُتاب الوحي”. تاريخ عصر المعرفة يقول حسب النبي:”الأمر الإلهي اقرأ له مبرر ظهور، ومن وجهة نظري جاء هذا الفعل ليؤرخ لبداية عصر جديد وهو عصر المعرفة والعلم، وأن من يزعم أننا نعيش الآن عصر العلم، نقول له: عصر العلم بدأ منذ أمد بعيد، بدأ مع عصر النبوة ومع كلمة اقرأ التي بدأ معها اتصال الأرض بالسماء”. يدعو لتأمل كلمة “علق” وكلمة “عَلًّم”، مشيراً إلى أن العلاقة بينهما تحتاج إلى تأمل، حيث إن العلاقة هي أدنى مراتب الإنسان وهي من المراحل الأولى في خلقه، ثم جاءت كلمة عَلَّم التي هي أعلى مراتب الإنسان وأشرفها أن يكون المرء عالماً، وكأن الله تعالى، يقول:”تأمل حالك حين كنت علقة، وإلى آخر حالك حين صرت ناطقاً عالماً بحقائق الأشياء، ولا يمكن الانتقال بين الحالتين إلا بتدبير الخالق أولاً ثم بالتوسل بالقراءة ثانياً، ومن هنا نجد أن للقراءة دوراً فطرياً في تطور الذات وترقيه”. يقول حسب النبي:”عرض ابن جني، وهو أحد علماء اللغة النابغين، مفهوم الاشتقاق الكبير بيَّن فيه كيف يمكن أن تتغير حروف الكلمة مع وجود علاقة بينها حتى بعد التغيير، ولو طبقنا هذا المبدأ على مادة (قرأ)، بمعنى لو غيرنا في حروفها، فسنجد ثلاثة ألفاظ هي: (أرق – قرأ – أقر)، فهل هناك علاقة بين هذه المفردات؟ الإجابة: نعم ، حيث إنه الأرق الناتج عن عدم المعرفة. وهو أرق جربه كل من جهل أمراً ما، وغابت عنه معرفة يحتاج إليها، ولكي يصل هذا الإنسان لمرحلة الهدوء، ويقر، من أقر أي ارتاح وسكن، بالمعرفة، لا بد أن يسعى لمحو هذا الجهل، ومن بين وسائله المهمة في ذلك القراءة، ومن هنا نجد كيف أن القراءة كانت سبيلاً لراحة الإنسان واطمئنانه وقراره”. نشاط عقلي يؤكد حسب النبي أن الدراسات تشير إلى أن الإنسان إذا أعرض عن القراءة يُصاب بما يعرف بالكسل العقلي، وكما يرى علماء النفس، أن عقل الطفل صفحة بيضاء يخط فيها الكبار سمات شخصيته التي سيتعامل من خلالها مع بيئته ومجتمعه في قابل الأيام، والطفل عندما يبصر أمه وتتحدد ملامحها وينبني مفهوم الأمومة لديه يبدأ عقله بإنشاء مجلد، كما هو الحال في الحاسب الآلي، ويسميه الأم، وكذلك الحال بالنسبة للأب، وجماعة الأخوة والجيران يبني الطفل لكل مفهوم منها مجلداً، ثم بعد التحاق الطفل بالمدرسة، يبدأ في تكوين مجلدات جديدة للمعارف التي يكتسبها في المدرسة، وكلما أخذ موضوعاً له علاقة بالأم يبدأ في إدخال ملف جديد لمجلد الأم، وإذا اكتسب معرفة لها علاقة بالجيران وضع ملفاً جديداً في مجلد الجيران، وهكذا يستمر حال الإنسان ما بين إنشاء مجلد لمعرفة جديدة، وإضافة ملفات لمعارف سابقة. ثم العملية الأهم والأخطر من ذلك هي إيجاد علاقات بينية بين المجلدات والملفات المكتسبة، مثال ذلك: لو أنشأ الطفل مجلداً للدين، ثم وجد أن الدين يحض على بر الأمهات، فيربط من فوره بين مجلد الأم الذي سبق إنشاؤه، ومجلد الدين، هذه العلاقات البينية بين المجلدات العقلية التي تحرك العقل، وهذه الحركة العقلية إذا ما أردنا تنشيطها فعلينا بالقراءة المتنوعة في أكثر من مجال، وبالتالي ستنشط عقولنا وستجري العمليات البنائية للمجلدات الجديدة المرتبطة بمعارف جديدة، والملفات المعرفية لإثراء المجلدات العقلية، ثم الروابط فيما بينها، ومن هنا يتضح أن البعد عن القراءة لا يحرك العقل فحسب بل يجعل معرفته محدودة، ونشاطه قاصراً. ماذا نقرأ؟ يتساءل حسب النبي: “ماذا نقرأ؟”، ويبين أنه “لا بد أن نفرق بين أمرين، بين ما يجب أن نقرؤه، وما نحب أن نقرؤه، فهناك أنواع من القراءة الواجبة: وهي القراءة في الدين على سبيل المثال، والطالب في المدرسة لابد أن يقرأ مقرراته الدراسية، والعالم يجب أن يقرأ في مجال علمه حتى يضمن لنفسه النمو المعرفي والعلمي المستمر، وهكذا الحال، ثم هناك ما نحب قراءته، وهي المجالات المتعلقة بالهواية، والميول الشخصية والنفسية،. ويقول حسب النبي:”الترقي في أطوار الإنسان منذ مراحله الجنينية الأولى إلى مرحلة العلم والمعرفة التي شُرِّف بها على غيره من الكائنات الحية، ضمانته القراءة، والقراءة أيضاً تضمن ترقياً بين العالمين من الناس، فهذا هو العقاد، الحاصل على شهادة الابتدائية تلك الشهادة التي تضمن الحد الأدنى من التعليم وهو: القراءة والكتابة، وبعض عمليات الحساب، لكنه لم يقف عند هذا الحد، وإنما سعى إلى مزيد من الترقي، فكان عاشقاً للقراءة في كل مجال من مجالات المعرفة الإنسانية، حتى أنه كان يضاهي رجالات عصره العلماء من أصحاب الشهادات العالية في التعليم إن لم يفقهم علماً ومعرفاً وثقافة”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©