الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العقد الراهن...صعوبة التسمية

27 ديسمبر 2009 00:05
اعتماداً على التقويم التاريخي المعيّن الذي تستخدمه، فقد بتنا موشكين على وداع آخر عام في العقد الماضي، أو بدايته خلال أيام معدودات من الآن. وربما لم تسمح لنا شكوكنا في هذه السنوات العشر المضطربة حتى بمحاولة تسمية العقد الماضي هذا. وبالمقارنة فلا يزال بوسعنا الاستماع إلى موسيقى الثمانينيات أو إعادة مناقشة سياسات عقد التسعينيات مجدداً، غير أننا لم نصل بعد إلى تسمية بعينها للأحداث الثقافية التي شهدتها السنوات المبكرة من العقد الماضي. فكل الذي يمكن قوله عن العقد الذي دشن الألفية الجديدة أنه عقد بلا اسم ولا طعم ولا ذاكرة مشرقة تعلق بالخاطر. ولعل السبب في ذلك أنه عقد مضطرب ضاعت أحداثه في حمى الجدل الذي ثار حول مجمل المشكلات والاضطرابات التي شهدها. وبسبب إفراط جرأتنا وحماسنا لبناء جسر قوي يصل بين عالمنا والقرن الحادي والعشرين، فإن علينا أن نؤسس لموطئ قدم ثابت وواقعي للسنوات الأولى من الألفية الجديدة. واعتماداً على كل المرجعيات المتعارف عليها، عادة ما تتحدد سمات كل عقد من العقود بالطريقة التي يبدو بها في عيون الناس وكيفية إحساسهم به. فالعام يبدو قصيراً جداً لدرجة أنه لا يناسب سوى الإعلان عن قوائم العشرة الأوائل في مختلف المجالات، لا سيما مجالي الموسيقى والسينما. أما القرن فيبدو طويلاً جداً إلى حد أنه لا يصلح إلا لمجال دراسات المؤرخين. وسواء عاش أحدنا عقداً ما أم تعرف عليه من خلال ما حظي به من تغطية إعلامية، فإن غالبيتنا تميل إلى إعطائه خصائص وسمات معينة منها الملموس والمجرد في آن. فعلى سبيل المثال عرف عقد الخمسينيات بالهدوء والاستقرار السياسيين. أما عقد الستينيات فاشتهر بتمرده وثوراته. وفي عقد السبعينيات شهدنا أقبح صرعات الأزياء الغريبة وتصفيفات الشعر الفوضوية. إلى ذلك كرس عقد الثمانينيات كله للاهتمامات المادية. وأخيراً عرف عقد التسعينيات بمعاني السخرية والميتافيزيقية الزائفة ولا معنى البرامج الكوميدية التلفزيونية التي حملت اسم "جيري ساينفيلد". وعلى رغم أن العقد الحالي بات قاب قوسين أو أدنى من نهايته، فلا تزال أمامنا فرصة كبيرة للمناورة حوله. والحق أن جميع العقود لا تبدأ فعلياً إلا بعد مضي بضع سنوات على بدايتها الاسمية. وبالقدر نفسه يستمر العقد لبضع سنوات من نهايته الاسمية قبل أن تطوى صفحته فعلياً. فعلى سبيل المثال ليس غريباً أن تحتفظ مخيلاتنا وذاكرتنا باسم أغنية أو فيلم أنتجا في عام 1972، على أنهما ينتميان إلى عقد الستينيات. ولم يبدأ عقد السبعينيات بالفعل في الذاكرة الجماعية إلا بعد أن وضعت حرب فيتنام أوزارها. وجرجر عقد الثمانينيات أقدامه مع عهد إدارة ريجان الذي بدأ عام 1981 وحتى لحظة مغادرة جورج بوش الأب للبيت الأبيض. أما عقد التسعينيات فصادف صعود الرئيس الأسبق بيل كلينتون إلى سدة الحكم في عام 1993. وبينما بدأ ذلك العقد بالكثير من الوعد والتفاؤل، يلاحظ أنه انتهى إلى حروب ثقافية طاحنة وصراع سياسي محتدم. أما العقد الحالي فلم تكن بدايته مع انطلاقة الألفية الجديدة، إنما كانت بدايته الحقيقية هي هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من استجابة أميركية لتلك الأحداث المروعة. وعلى أية حال، فلم نكن نحن الأمة الوحيدة التي واجهت صعوبة في تسمية عقد كامل مر به تاريخها. وبما أن هذا العقد صادف بداية ألفية جديدة، فإن علينا أن نفكر فيه على نحو مختلف جداً. فعلى إثر سيطرة جيل منتصف القرن العشرين على الجزء الأعظم من المشهد الثقافي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لم يكن في وسع المراقبين الاجتماعيين والاختصاصيين الديموغرافيين تقدير ما يمكن توقعه من الجيل الذي يليه. ولعل ذلك العجز هو ما دفع الكاتب "دوجلاس كوبلاند" لاستعارة مصطلح الجيل-X الذي استخدمه لوصف ذلك الجيل المحير، على غرار مصطلح الماركة التجارية X التي تستخدم لأغراض الوصف المقارن السلبي لأي سلعة تباع بعد السلعة الأصلية الأم. وبالمثل يمكننا وصف أبناء وبنات الجيل الحالي بتسمية الجيل-Z بهدف التمييز بينه والجيل السابق له. ومن حسن الحظ أن هذا الجيل قد كبر وقوي عوده في سنوات الصفر. وعليه فإن في إمكاننا استخدام الرمز Zs الذي يشير إلى الجيل والعقد الذي نشأ فيه معاً. وربما يبدو هذا الرمز من الأصوات التي يلتوي لها اللسان عند النطق بها، إضافة إلى أن أصواتها تبدو أشبه بأسماء الأمراض. لكن وفيما تعاونا فيما بيننا، بحيث نصل إلى مختصر لغوي إنجليزي-أوروبي يساعد على تخفيفها برمز صوتي مثل Zeds فإن من شأن هذا المختصر الأخير أن يبدو مستساغاً وسهل النطق لنا جميعاً. ومن مزايا هذا المختصر أنه يجنبنا مزالق الكثير من المختصرات الأخرى التي يشير بعضها إلى معان مجهولة أو مبهمة. وعلى أية حال فإن مجرد وصولنا إلى تسمية محددة للعقد الماضي، من شأنه أن يزيل كثيراً من شكوكنا وعدم يقيننا في هذه السنوات العشر التي مرت من حياتنا. محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©