الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسريح الموظفين... وتداعيات الأزمة اليونانية

29 ابريل 2013 23:04
نيكولاي أبوستولو أثينا في ظـل أزمتهـا الماليـة، وتحت ضغـط مقرضيها الأوروبيين، ووسط أزمة اقتصادية خانقة، شرعت اليونان هذا الأسبوع في القيام بشيء لم تقم به منذ أكثر من 100 عام: تسريح عمال القطاع العام بشكل جماعي. فعقب أسابيع من المفاوضات الشاقة والعسيرة مع مقرضيها - «الترويكا» المؤلفة من صندوق النقد الدولي، والاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي الأوروبي- شرعت الحكومة اليونانية في تسريح عمال القطاع العام في محاولة لتطبيق الإجراءات التقشفية التي تطالب بها «الترويكا»، وقد تم تسريح أول موظفي القطاع العام الأربعاء الماضي بموجب قانون جديد يسرِّع العملية - الأول قانوني، وقد سرِّح بسبب قيامه بسرقة بطاقات بنكية، والآخر بسبب تغيبه غير المبرر لـ110 أيام. عملية التسريح الجماعي أُعلن عنها الأسبوع الماضي في خطاب متلفز لرئيس الوزراء اليوناني نفسه «أنوتونيس ساماراس»، حيث أشار في خطابه، إلى أنه وعلى الرغم من البطالة المتفشية في اليونان، فإن هدف الحكومة بات تسريح 180 ألف موظف بحلول 2015. وفي هذا الإطار، قال رئيس الوزراء: «هذه ليست تضحية بشرية، بل إصلاح للقطاع العام، ومطلب من مطالب المجتمع اليوناني». غير أن «ساماراس» وعد بخلق وظائف جديدة، إذ قال: «إن عدداً معادلاً (من الموظفين) سيتم توظيفه بناء على الجدارة والاستحقاق». وكانت وظائف العاملين في القطاع العام محمية بقانون يعود إلى سنوات 1880، ثم أصبح منصوصاً على ذلك في الدستور اليوناني، الذي يبلغ عمره قرناً من الزمن. ولكن قبل أن يصبح ذلك قانوناً، كانت كل حكومة جديدة تقوم بتسريح الموظفين الذين عينتهم الحكومة السابقة من أجل استبدالهم بأعضاء من حزبها، وهو ما كان يؤدي إلى عصيان مدني ودولة مختلة. وفي هذا السياق، يقول «ديميتريس شارالامبيس»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أثينا: «إن الأساس المنطقي (من وراء ذلك القانون)، كان يتمثل في أن تكون الإدارة العامة مستقلة سياسياً، وتشعر بالأمان، وتضمن استمرارية الدولة». وعلى الرغم من أن قانون القرن التاسع عشر، كان الهدف منه في البداية محاربة المحسوبية، فإنه تسبب في مشكلة خاصة به: ذلك أن كل الحكومات المتعاقبة كانت تقوم بتوظيف أناسها، ما يزيد من تضخم حجم قطاع عام ما انفك يتوسع دون أن يجعل القطاع أكثر فعالية. ونتيجة لذلك، أصبح القطاع العام اليوناني مشهوراً باختلاله وبيروقراطيته. وعلاوة على ذلك، ورغم أن القانون سمح بتسريح الموظفين المدانين باختلاس الأموال العامة وغيرها من الجرائم الخطيرة، أو عندما يتم التقليص التدريجي من الوظائف، فإن حق الاستئناف كان مكفولاً للموظفين مع ذلك. وكانت عملية الاستئناف قد تستغرق سنتين إلى ثلاث سنوات، وهي فترة كانوا يستطيعون خلالها البقاء على رأس عملهم. القانون غيِّر في نوفمبر الماضي من أجل تسريع عملية الاستئناف وتعليق عمل الموظفين المتهمين بجرائم. ولكن جهداً منفصلاً يروم إزالة الاستئناف كلياً عُرقل من قبل وزير العدل، باعتباره غير دستوري. وفي هذا الإطار، يقول «جورج كاتروجالوس»، أستاذ القانون بجامعة «ديموكريتوس» اليونانية: «إن (موظفي القطاع العام)، المتهمين بجرائم تأديبية، لديهم الحق في الاستئناف»، مضيفاً: «ولا يمكن تسريحهم إلى أن يتم التوصل إلى قرار نهائي». ومنذ 2010، عندما بدأت الأزمة الاقتصادية، ازداد النقاش العام حول حجم القطاع العام. وإذا كانت «الترويكا» قد طالبت الحكومة اليونانية بالتخلص من بعض الوظائف خلال الأعوام القليلة الماضية، فإنه سبق لها أن قامت بذلك من قبل عبر إحالة موظفين على التقاعد مبكراً وانقضاء أجل عقود عمل محددة المدة، كانت تجمع بعض العاملين في القطاع العام بالدولة. وفي هذا الإطار، يقول «كاتروجالوس»: «لقد فقدت الإدارة العامة 140 ألف منصب من مجموع نحو 700 ألف. والآن ومثلما اعترف وزير الإصلاح الإداري بذلك، هناك مشاكل حقيقية في العديد من الخدمات العامة، ولاسيما الخدمات الاجتماعية». ومع ذلك، ورغم ما اشتهر به من تضخم، فإن اليد العاملة في القطاع العام اليوناني تظل أصغر في الواقع مقارنة مع المعدل في الاتحاد الأوروبي. فوفق إحصائيات البنك المركزي الأوروبي من 2011، فإن اليونان قامت بتوظيف 29 في المئة من قوتها العاملة في القطاع العام -وهو رقم أصغر مقارنة مع 38 في المئة في بلجيكا، و31 في المئة في فرنسا خلال الفترة نفسها. وفي هذا السياق، يقول «كاتروجالوس»: «إن المشكلة ليست في الحجم، وإنما في حقيقة أن (القطاع العام) غير منظم، ومتضخم جداً في بعض القطاعات، ومتخلف في أخرى، ولاسيما في قطاع الخدمات الاجتماعية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©