الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيطاليا... الحكومة الائتلافية هل تنهي الأزمة؟

29 ابريل 2013 23:05
سارة ميلر لانا باريس بعد أشهر من وصول العملية السياسية في إيطاليا إلى طريق مسدود، تستعد حكومة جديدة لتولي السلطة مطلع الأسبوع المقبل، فاختيار السياسي «إنريكو ليتا» لتشكيل حكومة ائتلافية برئاسته كوزير أول يطوي صفحة في السياسة الإيطالية تميزت بالاضطراب والانتظار الطويل، بعد انتخابات فبراير الماضي التي أفضت إلى مأزق كان من الصعب الخروج منه. كما أن الحكومة الجديدة قد تسرع في مباشرة بعض الإصلاحات العالقة، مثل تعديل القانون الانتخابي. لكن حتى بتشكيل الحكومة الائتلافية لن تخرج إيطاليا من أزمتها بسهولة بالنظر إلى الاختلافات الجوهرية بين الأطراف السياسية المشاركة فيها، والصراعات المتنامية داخل الأحزاب، فضلاً عن التحديات الاقتصادية وخيبة أمل الرأي العام في الطبقة السياسية. وعن هذه الصعوبات يقول «أندري مامون»، المؤرخ بجامعة لندن والمتخصص في الشؤون الإيطالية «لا أعرف كيف لأغلبية شكلت من قوى سياسية مختلفة أيديولوجياً وسياسياً أن تستمر في الحكم لأكثر من سنتين». هذه الأزمة التي تتخبط فيها إيطاليا اليوم ترجع إلى شهر فبراير الماضي، عندما أفرزت الانتخابات التشريعية برلماناً منقسماً ترك البلد من دون حكومة تقوده طيلة الفترة السابقة. فمنذ عام 2011 قاد إيطاليا خلال فترة الأزمة المالية التي عصفت بدول منطقة «اليورو» التكنوقراطي، «ماريو مونتي»، المنتمي إلى تيار «الوسط» بعد استقالة رئيس الوزراء السابق، سيلفيو برلسكوني من حزب «شعب الحرية» المحسوب على «يمين الوسط». وفيما لاقى «مونتي» ترحيباً كبيراً من قبل القادة الأوروبيين لالتزامه بسياسة التقشف الضرورية للخروج من الأزمة المالية، إلا أن تلك السياسات نفسها أفقدته أصوات الناخبين الإيطاليين، بحيث لم يحصل تحالفه سوى على 10 في المئة من مجموع أصوات الناخبين محتلاً بذلك المرتبة الرابعة، هذا في الوقت الذي فاز فيه الحزب «الديمقراطي» من «يسار الوسط»، الذي يتزعمه «ليتا» بأغلبية مقاعد النواب. لكن دون أغلبية مماثلة في مجلس الشيوخ التي يحتاجها لتشكيل الحكومة. أما المفاجأة، فكانت الأداء الجيد لحزب برلسكوني وعودته إلى الساحة السياسية مجدداً باحتلاله المرتبة الثانية بفارق بسيط عن الحزب «الديمقراطي»، ووراءهما جاء حزب الممثل الكوميدي، «ببي جريلو»، في المرتبة الثالثة بحركته المعروفة باسم «النجوم الخمس» المناهضة لكل ما يمثل النظام والمؤسسة الرسمية، هذه النتيجة التي أفرزتها الانتخابات التشريعية تركت كل من الحزب «الديمقراطي» و«شعب الحرية» وحركة النجوم الخمس غير قادرة على التوافق لتشكيل حكومة ائتلافية بسبب الخلافات المستحكمة بينهم، بل فشلوا حتى في اختيار رئيس جديد للبلاد، ما دفعهم في الأسبوع الماضي إلى التمديد لولاية ثانية للرئيس، جيورجيو نابوليتانو، البالغ من العمر 87 سنة، وهو أمر غير مسبوق في إيطاليا، ليفسح المجال أمام اختيار الرئيس للسياسي «ليتا» وتكليفه تشكيل الحكومة الائتلافية. ويعتبر «ليتا» الخيار الأفضل لبناء الجسور بين مختلف الأحزاب السياسية، باعتباره عضواً في الحزب «الديمقراطي»، بالإضافة إلى الاحترام الكبير الذي يحظى به في أوساط الطبقة السياسية الإيطالية بمختلف مشاربها، فعمه كان أحد مساعدي برلسكوني، كما أنه أحد أصغر القادة في أوروبا، حيث لا يتجاوز سنه 46 عاماً، وهو ما من شأنه أن يبعث رسالة إلى الأوروبيين بأن إيطاليا تدعم جيلًا جديداً من السياسيين. وفي خطوة صغيرة، لكنها تحمل رمزية كبيرة قاد «ليتا» بنفسه سيارته الشخصية إلى القصر الرئاسي عند تكليفه بتشكيل الحكومة بدل الوصول من خلال موكب كما جرت العادة. وقال إن أولويته الأولى هي إخراج إيطاليا من عنق الزجاجة وانتشالها من المصاعب الاقتصادية، بعدما وصلت معدلات البطالة إلى 12 في المئة، وبعد تشكيله الحكومة ستعرض أمام البرلمان لمنحها الثقة خلال الأسبوع المقبل. وكان الرئيس الإيطالي، «نابوليتانو»، قد انتقد الطبقة السياسية لعجزها عن تنحية مصالحها الخاصة جانباً والتوصل إلى اتفاق خلال الشهرين الماضيين، مهدداً بالاستقالة إذا ما تعرضت جهود «ليتا» لتشكيل الحكومة للتخريب. وقد اتفقت الأحزاب الرئيسية على دعم جهود «ليتا»، حيث يشارك في التشكيلة الجديدة كل من الحزب الديمقراطي و»شعب الحرية» وتحالف مونتي. لكن رئيس الحكومة الجديدة يواجه عدداً من التحديات، أولها داخل حزبه بعدما استقال خلال المأزق السياسي، «بيير لوجي بيرساني»، الرئيس السابق للحزب، ما يهدد بانقسامه، وبالتالي احتمال وضع السلطة مجدداً في أيدي برلسكوني، هذا الأخير الذي بات يتمتع بنفوذ أكبر مما كان يحظى به قبل الانتخابات. كما أن الوصول إلى أرضية مشتركة بين الحزب «الديمقراطي» ونظيره «شعب الحرية» دونه العديد من العقبات، وهو الأمر الذي اعترف به «ليتا» نفسه يوم الخميس الماضي بعد يوم واحد على قبوله مهمة تشكيلة الحكومة، قائلا «أعتقد أن الوصول إلى توافق سيستغرق مزيداً من الجلسات والساعات، لأن الخلافات بين الأطراف ما زالت كبيرة». ومن القضايا الخلافية المطروحة على طاولة النقاش مسألة إصلاح النظام القضائي، والتعامل مع موضوع الضريبة على الممتلكات التي فرضتها حكومة مونتي السابق وأثارت الكثير من الجـدل، هذه الأخيرة التي قـال عنهـا حزب برلسكوني أنه لن يقبل أي حكومة لا تتعهد بإلغائها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©