السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نحو تطوير الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي

نحو تطوير الجهود الدولية لمنع الانتشار النووي
9 يوليو 2010 20:28
جريجوري إل. شولت محلل سياسي أميركي تركز الجهود الدولية الرامية لكبح انتشار الأسلحة النووية في العادة، على إحباط الطموحات النووية للدول مثل كوريا الشمالية وإيران على سبيل المثال. بيد أن هذا يمثل كما يقول الخبراء" لعبة ليس من المحتمل أن تربح"، لأن كوريا الشمالية قد انتجت وأجرت تجارب على السلاح النووي بالفعل، ولأن إيران أصبحت تقف الآن على عتبة القدرة على إنتاجها. وزعيما هذين البلدين، يبدوان غير متأثرين بالإدانات والضغط الدولي. فبالنسبة لهما تعتبر المكانة، والاحترام، والأمن، والنفوذ، المتوقع تحققها كنتيجة للحصول على الأسلحة النووية، أكثر جاذبية لهما وأكثر تأثيراً عليهما بكثير من العقوبات الضعيفة والإغراءات غير المؤكدة التي يمكن أن تقدمها الدبلوماسية المتعددة الأطراف. وبدلا من التركيز على الانتشار الذين لا يستطيعون منعه، يجب على الدول المعنية، بذل المزيد من الاهتمام للحيلولة دون انتشار الأسلحة النووية في الدول التي "لم تقرر بعد" إنتاج أسلحة نووية، وخصوصاً تلك الموجودة في الشرق الأوسط. وهذه الاستراتيجية ستتطلب قيام المجتمع الدولي بتحسين قدرته على اكتشاف الأنشطة المشبوهة، وتعزيز الأدوات اللازمة لتعطيل الشبكات العاملة في مجال تهريب التقنية النووية، والانخراط في محاولات نشطة لإقناع الدول بعدم التحول نوويا، وذلك عن طريق تعزيز أمن تلك الدول، والتقليل من قيمة السلاح النووي والتهوين من قدرته على تحقيق هذا الأمن. ونظرا لأن الولايات المتحدة وحلفاءها قد تأخروا كثيراً في محاولتهم الرامية لتغيير اتجاه كوريا الشمالية وإيران، وإبعادهما عن تطوير سلاح نووي، فإنهم مطالبون في الوقت الراهن، وإنقاذا للموقف بالعمل الجاد من أجل احتواء التأثيرات الإِقليمية للبرامج النووية لتينك الدولتين مع العمل في الوقت ذاته على توفير الظروف اللازمة لإبعادهما عن المجال النووي (في حالة إذا ما كان الزعماء الجدد - الذين سيحلون محل الموجودين حالياً - أكثر استجابة وتقبلاً لمثل هذه المحاولات). ونظراً لأنه ليس من الممكن إثناء الزعماء الحاليين عاقدي العزم على إنتاج السلاح النووي مهما كانت التضحيات، فإن الجهد الدولي يجب أن يركز اهتمامه على منع الجيل التالي من الانتشار النووي. فقد ثبت من خلال التجربة أن اكتشاف الأنشطة النووية السرية مهمة قد تصل إلى حدود الاستحالة... وفي الحقيقة أن سجل الهيئة الدولية للطاقة الذرية في هذا المجال غير مشجع على الإطلاق، حيث فشلت في اكتشاف البرامج السرية لليبيا وسوريا، كما فشلت كذلك في رصد منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية في "نطنز" و"بالقرب من "قم". ومواجهة الانتشار النووي أمر لا يتعلق فحسب بالعثور على المنشآت النووية، ولكنه يتطلب أيضا، فهم الكيفية التي تؤثر بها الاعتبارات المحلية والإقليمية على تفكير الزعماء وتؤدي لإقناعهم في نهاية المطاف بالخيار النووي. يتعين على تلك الجهود أيضاً العمل على اكتشاف الدوافع، وجماعات المصالح، والمداولات التي تتم في الدول المختلفة، والتي يمكن أن تسفر عن قرارات بضرورة الحصول على سلاح نووي. ويمكن لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعب دور مهم في الحيلولة دون بدء جولة جديدة من الانتشار النووي، حيث يتاح لهم فرص للدخول الروتيني إلى المواقع النووية، والحصول على معلومات قد لا تكون متاحة لجهات أخرى ،كما أنهم يستطيعون في بعض الأوقات، ونتيجة لهذه الإمكانية، الربط بين عناصر الصورة الكلية، بطريقة قد لا تتاح للدول كل على حدة. والنجاح في الحيلولة دون انطلاق جولة جديدة من الانتشار النووي، يتوقف إلى حد كبير على مدى الصلاحيات التي تمنح للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشيها، وهو ما يتطلب من كافة الدول الأعضاء في معاهدة الانتشار النووي التوقيع على البروتوكول الإضافي للهيئة، الذي تلزم بنوده تلك الدول بعدم التقاعس في أي وقت عن إتاحة إمكانية الوصول إلى المواقع النووية للمفتشين النوويين وتوفير المعلومات المطلوبة لهم، وهي بنود قد تتجاوز في بعض الأحيان المسؤوليات المنوطة بهم وفقاً للوائح وقوانين معاهدة منع الانتشار النووي. فهذا البروتوكول يحتوي على الضوابط والقيود التي تهدف للحيلولة دون أي دولة من الدول الموقعة عليه وتشغيل برنامج سري من خلال جعل هذا الأمر أكثر صعوبة بكثير وعن طريق تشديد الجزاءات والعقوبات التي ستفرض على أي دولة تقوم بانتهاك بنوده مما يجعل أي دولة من الدول تفكر أكثر من مرة قبل الإقدام على القيام بمشروعات سرية خوفاً مما قد يصيبها من عواقب في حالة اكتشافه. ولردع الدول عن التفكير في الشروع في برامج سرية أو محرمة، يتعين على الهيئة الدولية للطاقة الذرية عدم الاكتفاء بحسب بامتلاك القدرة على التفتيش في أي وقت على المنشآت والأنشطة النووية للدول المختلفة، وإنما يجب أن يكون لديها الاستعداد لإبلاغ مجلس الأمن الدولي عن أي مخالفات أو انتهاكات لبنود معاهدة منع الانتشار النووي أو بروتوكولها الإضافي. ويجب على الوكالة وهي تفعل ذلك مراعاة أنها جهة تحقق فني في الأساس وليست منتدى للدبلوماسية النووية، وبحيث لا تسمح في أي وقت بجعل الاعتبارات الدبلوماسية تتقدم على دورها التحققي والتفتيشي. وفي حالة عدم تعاون أي دولة من الدول مع الوكالة في إنجاز مهامها الخاصة بعدم الانتشار، فإنها يجب أن تبلغ ذلك لمجلس الأمن الدولي، وتترك له سلطة التعامل مع الموضوع، حتى لا تنخرط في أنشطة جانبية ليست من صميم مهمتها. بالإضافة لجهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجال منع الانتشار، هناك أيضا جهود دولية موازية منها على سبيل المثال الجهد المعروف باسم" مبادرة أمن الانتشار النووي" وهي مبادرة على صورة برنامج أطلقه الرئيس السابق جورج بوش، وتم التصديق عليه من جانب أوباما يهدف للاعتراض والحيلولة دون تهريب تقنية أسلحة الدمار الشامل، وتقنية الصواريخ المتطورة. وهناك حاجة لتطوير مثل هذا البرنامج وبرامج أخرى مثيلة، على أن يراعى في هذا الإطار، التركيز ليس على اعتراض التجارة غير المشروعة لتلك التقنيات فحسب، وإنما العمل على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة للكشف عن الشبكات المالية التي تقوم بدعم هذه التجارة. ويجب على المجتمع الدولي كذلك العمل على إقناع الدول سواء في الشرق الأوسط أو غيره، بعدم السير في نفس الطريق الذي سارت فيه من قبل دول مثل كوريا الشمالية وإيران، وهو هدف يمكن تحقيقه من خلال التقليل من قدر وأهمية المزايا التي يمكن للسلاح النووي أن يحققها للدول الساعية للحصول عليه مع العمل على اتخاذ التدابير وتنفيذ السياسات اللازمة لجعل الدول الأكثر تعرضا للتهديد النووي أكثر إحساسا بالأمن، وإقناعها بأن كوريا الشمالية وإيران ليستا قاعدة وإنما مجرد استثناء. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "تريبيون ميديا سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©