الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجالس الشورى الأفغانية... قنوات اتصال جديدة

9 يوليو 2010 20:29
توم بيتر بانجوايي (قندهار) عندما انتشرت الأنباء بأن المتمردين قد يشنون هجوماً بـقاذفات "آر. بي. جي" على وحدة عسكرية قريبة، أطلق الرقيب أول الكندي عبارات سباب مقذعة، وذلك عندما عرف أن جنوده قد نسوا إحضار الأطباق الورقية التي سيقدمون فيها الطعام للسكان الأفغان الحاضرين. وبدلا من المساعدة في القتال ضد متمردي "طالبان"، كُلفت الوحدة الكندية الموجودة في هذه البلدة الواقعة جنوب قندهار بتنظيم مجلس "شورى"، مع الوجهاء المحليين لشرح الأسباب التي دعت وحدة مشتركة من الجيشين الكندي والأفغاني، لشن عملية أمنية تستغرق عدة أيام، ولمناقشة ما يطرح من مشكلات وهموم من جانب هؤلاء الوجهاء. وبعد تسع سنوات من وجودها في أفغانستان، ما زالت القوات الدولية تبذل محاولات جادة لتوصيل رسالتها بطرق مألوفة ثقافيّاً بالنسبة للأفغان العاديين. وهذه الوحدة الكندية المعسكرة في القاعدة الواقعة منطقة "بانجوايي" تستضيف فعاليات مجلس "شورى" واحد أسبوعيّاً، منذ عدة سنوات، وتحاول هذه السنة عقد تلك الاجتماعات أثناء، أو عقب العمليات العسكرية بوقت قصير. ومن الصعب قياس درجة النجاح التي حققتها تلك المجالس، فالمسؤولون عنها قد لا يتمكنون في بعض الحالات من تقديم إجابات مرْضية عن أسئلة السكان المحليين، أو تحقيق نتائج ملموسة. علاوة على أن النتائج المتحققة تختلف ما بين أسبوع وآخر. والمسؤولون العسكريون الكنديون من جانبهم يقولون إنهم غير متأكدين مما إذا كانت هذه الاجتماعات ستستمر أم لا بعد رحيلهم عن تلك المنطقة. وعلى رغم ذلك يدافع هؤلاء المسؤولون عن مجالس "الشورى"، ويرون أنها وسيلة مهمة لتوعية السكان القرويين بالطرق التي يمكنهم بها الاتصال بالقوات الدولية والأفغانية عند اللزوم، وكذلك بالطرق التي يتمكنون بها من الوصول لحكوماتهم المحلية إذا ما كانت لديهم شكاوى ومظالم. ولهذه المجالس فائدة إضافية هي أنها تجعل القوات الدولية على معرفة بالواقع القائم وعلى احتكاك بالهموم المحلية. ويقول النقيب الكندي "دومنيك بيهاري سنغ" ضابط العمليات في مركز منطقة "بانجوايي": "لكي تفهم الوضع بالكامل، عليك أن تشاهد فيلماً عن إحدى العمليات التي تشنها القوات الأجنبية في أفغانستان، حيث يمكنك أن ترى الجنود يدخلون إلى منطقة معينة، ويفعلون ما يريدون، ثم يغادرون تاركين المدنيين الأبرياء في حيرة، لا يجدون شخصاً يتحدثون إليه، أو جهة يرجعون إليها طلباً لمساعدة من أي نوع". والبعض من هؤلاء العسكريين يتساءل عما إذا كانت النية الحسنة وحدها كافية لضمان نجاح مجالس "الشورى" الأسبوعية تلك. ويوضح "توماس بارفيلد" أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة بوسطن، هذه النقطة بقوله: "إن الاتصالات في أية نقطة من النقاط أمر جيد في حد ذاته، ولكن عقد تلك المجالس والعمليات العسكرية جارية، أشبه ما يكون بالحديث عن إجراءات السلامة في الوقت الذي تكون فيه عربة الإطفاء نفسها قد وصلت. ففي أثناء تلك العمليات يكون انتباه الطرفين، العسكريين والقرويين المدنيين، مركزاً على شيء آخر". ويضيف "بارفيلد": "على رغم أن القوات الدولية قد حسنت من قدرتها على العمل داخل إطار الثقافة المحلية، إلا أن ذلك لا يزال يتم في المستويات الدنيا". ويقول المراقبون إن المسؤولين الرسميين الأفغان عادة ما يكونون أقل تحمساً لعقد مجالس "الشورى" من ضباط القوات الأجنبية، "الذين يتولون كل شيء بدءاً من إعداد ترتيبات الجلوس لشيوخ ووجهاء القبائل المحليين، وحتى تحديد الموضوعات التي ستتم مناقشتها". ويرفض الرائد "كريستيان ليلينجتون" -الذي يقود مركز التنسيق العملياتي في منطقة بانجوايي في الوقت الراهن- الفكرة القائلة إن اهتمام القوات الأجنبية بتنظيم تلك الاجتماعات، والاهتمام بكافة تفاصيلها الدقيقة، والإشراف على كافة مراحلها، يظهر المسؤولين الأفغان في صورة ثانوية مقارنة بالأجانب. ولتوضيح فكرته يقول: "عندما تكون هناك مشكلة في المجتمع المحلي، أو شيء لا يعمل بشكل جيد أو يعوق أداءنا لمهامنا، فإننا نقول للمحافظ أو لأي مسؤول إقليمي: انظر! لكي نتمكن من تسهيل ممارستك لعملك كمحافظ أو كمسؤول كبير، ولكي تتمكنوا أنتم من الحصول على مساعدات من «إيساف» (القوة الدولية للمساعدة الأمنية) أو غيرها من الوكالات الأجنبية، فإنه يتوجب عليكم معالجة البنود التالية التي نقدمها لكم والتي تحتاج إلى معالجة". ومن بين الخمسين وجيهاً الذين حضروا مجلس" الشوري" الأخير لم يبد سوى عدد محدود منهم رضاً عن التبرير الذي قدمه المسؤول الحكومي عن أسباب شن العملية الكندية- الأفغانية الأخيرة، وبدوا أكثر اهتماماً بدلاً من ذلك بالأصدقاء وأفراد العائلة الذين تم اعتقالهم بسبب هذه العملية. ويقول "حاجي باران"، محافظ المنطقة، إنه لم يستطع الحديث عن حالات القبض، لأن المعتقلين لا يزالون رهن الاستجواب والتحقيق. وعندما بدا أن "باران" يتهرب أثناء المجلس من الإدلاء بمعلومات عن مصير المعتقلين ثار القرويون وبدأوا يمطرونه بوابل من الأسئلة. ولم يجد الرجل أمامه من حل سوى دعوتهم لزيارته في مكتبه في مقر المحافظة بعد أسبوع، بعد أن تكون قد توافرت له معلومات إضافية عن هؤلاء المعتقلين. ودون مناقشة أي موضوع آخر انفض مجلس "الشورى" المذكور تاركاً العديد من الحاضرين يعانون من درجة الإحباط نفسها التي كانوا يعانون منها، قبل المشاركة في الاجتماع. ومع ذلك اعتبر الكنديون الاجتماع ناجحاً، لأنه أسس -حسب قولهم- لقناة اتصال، يمكنهم من خلالها متابعة الأمور مع الجيش الأفغاني، والمسؤولين الحكوميين الأفغان. ويقول الملازم "آرون ليسارج" ضابط العمليات الإعلامية لقوة الحملة في قندهار: "لو كان الحاضرون لهذا الاجتماع يعلمون أنه لن يحدث شيء عقبه لما كانوا قد حضروا أصلاً... أعتقد أن معظمهم مقتنع بالنظام بدرجة ما، وهو ما دعاهم لتجشم عناء الحضور، من الأساس". ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©