الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صالح كرامة: 80 ممثلا من الناس البسطاء هم أبطال حنه

صالح كرامة: 80 ممثلا من الناس البسطاء هم أبطال حنه
11 أكتوبر 2008 02:14
لم يكن الفنان الإماراتي صالح كرامة غريباً على فن السينما فهو يمتلك تجربة غنية في انماط الفنون المجاورة لهذا الفن، مسرحاً وتأليفاً وإخراجاً، بل إنه من حاصدي الجوائز في أهم المهرجانات المحلية والعربية والعالمية الا أن فرحه الجديد هذه المرة يبدو استثنائياً حين يشترك بفيلمه حنه في أهم المهرجانات السينمائية العالمية وهو مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي، في دورته الثانية هذا العام في أبوظبي، ويبدو أن أجمل ما يتحقق في هذا المهرجان هي المشاركة الفاعلة للسينما الإماراتية والخليجية التي تريد أن تحقق الكثير عبر تعرفها وتعريف نفسها الى صناع السينما في العالم الذين يحضرون الى أبوظبي ابتهاجاً بهذا الحدث الكبير· يتحدث صالح كرامة الى ''الاتحاد الثقافي'' بوضوح وحرفية عن طموحاته وآماله وماذا ينتظر السينما المحلية من مستقبل وعن كيفية تفعيل ودفع الطاقات المبدعه للعمل في هذا الحقل الرائع، ولا ينسى كرامة أن يسرد قصة فيلمه ''حنة'' بشغف العاشق· وهنا نص الحوار: ؟ ونحن في مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في دورته الثانية كيف تنظر الى إنجازاته؟ ؟؟ وجود مهرجان سينمائي في إمارة أبوظبي بهذا الثقل يعد إنجازاً فنياً بحد ذاته يضاف الى ما تحقق من إنجازات ثقافية أخرى دأبت عليها أبوظبي· وأعتقد أن المسافة الزمنية بين الدورة الأولى والثانية هذه تخللتها معارض تشكيلية وعروض أوبرالية وموسيقية مهمة وخاصة الفن الموسيقي الكلاسيكي، كلها ساهم في تحويل المدينة الى عاصمة ثقافية مهمة· وأتوقع أنه لو استمرت هذه الفعاليات على هذه الوتيرة لابد لها أن تنجب شيئاً كبيراً يلمسه الجميع ويفرح به أهله· إن محبي السينما العالمية بكل تياراتها ومدارسها ونظرياتها عندما يأتون الى أبوظبي يعد احتفاء بها ولابد أن نسجل تطور الفكر والثقافة في أبوظبي حتى وصلت الى مراحل متقدمة في النظرة الى الفن والإبداع، وخاصة بعد أن تشكلت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث التي تبنت في استراتيجياتها كل روافد الفنون بمختلف صنوفها· الطريق الصحيح ؟ هذا العام تندمج مسابقة أفلام من الإمارات مع مهرجان الشرق الأوسط السينمائي، كيف تنظر لما سوف يتحقق من وراء هذا الاندماج؟ ؟؟ في الحقيقة لو صرحت برأيي بشكل دقيق لقلت إن الاندماج سوف يفقد مسابقة أفلام من الإمارات طابعها الخاص أو نكهتها التي تعودنا عليها· ؟ لماذا؟ ؟؟ أولاً لأن المسابقة سوف تصبح حتماً في بحر تتلاطم فيه التيارات الإبداعية الضخمة العالمية وتتصارع فيه مدارس السينما ونظرياتها، أما مسابقة أفلام من الإمارات فهي خطوة جريئة لشباب طموحين يريدون أن يصلوا الى بوابات المستقبل بدون أي صراعات على مستوى الإبداع، ولذا فإنني أخشى أن تتلاشى تلك الروح النقية مع تكرار الدورات التي تندمج فيها المسابقة والمهرجان وربما أنا أتكلم وأنظر في الوقت نفسه الى ما حصل من تجارب عربية مثيلة· ؟ إذاً كيف يتعلم السينمائيون الشباب إذا لم يخوضوا هكذا تجربة؟ ؟؟ بالعكس أنا أؤيد الصراع مع الأقوياء ولكن أن تتمكن من أدواتك أولاً بشكل جيد وتطورها وتجود من أعمالك· وهذا لا يمنع من مناوشة الأقوياء بطرق حضارية وعلمية مدروسة، وأرى أن السينمائي الذي يريد أن يطور نفسه عليه أن يعمل كثيراً ويخطئ كثيراً أيضاً· المخرج في الأساس لابد له من الخطأ ولست مغالياً أن أقول إنه يتقصد الخطأ في بعض الأحيان كي يجد حلولاً كبيرة لتلك الأخطاء الصغيرة، الأخطاء تعلمنا حتماً· أرى بالفعل أن المخرج لابد أن يصر على رأيه· ؟ بماذا؟ ؟؟ أقول يصر على رأيه، أي فلسفته كيلا يترك مجالاً للاختراق إذا كان يمتلك رؤية سينمائية يقتنع بها فعلاً ويعدها الأفضل حتى لو شابها الكثير من الشوائب· العامية والفصحى ؟ أنت مخرج تشارك هذا العام بفيلم ''حِنه'' كما سمعنا، قبل كل شيء نريد أن تقدم لنا قيمة هذا الفيلم·· ومن ذلك نتعرف على جديده سينمائياً وخاصة أنه جاء بعد فيلم ''العربة'' الذي فزت فيه في مسابقة سان سابستيان ''السعفة الذهبية'' في إسبانيا؟ ؟؟ فيلم ''حِنه'' يحمل عنواناً إشكالياً وتأتي هذه الإشكالية من تعالق الكلمة ''حِنه'' بين العامية والفصحى وأقصد بها ''نحن''، أما قصة الفيلم فتدور في ثمانينات القرن الماضي عندما كانت الأحياء الشعبية بكراً لم تلوثها أيادي الحضارة· كان الناس مليئين بالبراءة والصدق والوضوح، في تلك الفترة كانت الأسر تعيش حالة من التفاؤل بأن يبقى الارتباط العائلي العميق مستمراً· ولم يع الجميع أن المدينة بدأت تزحف باتجاههم· قصة الفيلم تتناول مكوناً ثلاثياً بين المدينة وهامشها ''البحر'' وصحرائها، هذا التلاقح الذي تكون فجأة أسهم البدوي ''طارش'' في مزجه عندما أتى الى حي شعبي يسكن فيه أقرباؤه· إنه تعود على هذه الصلات سنوياً ويستقبل بفرح غامر وشديد· خلال تلك الظروف يظهر الحي الشعبي بكامل سماته وخصائصه من بساطة وبراءة· ''طارش'' يسأل عن ابنة خالته ''مطرة'' التي تنتظر أولادها وزوجها الذين غرقوا في البحر· يأخذها طارش معه الى البادية كونها وصلت الى حالة من اليأس· عندما يحاول طارش إنقاذ مطرة من الانتظار اللامجدي ترفض الذهاب معه· المراهقون الذين أوصلوه الى ''عريش'' مطرة عند ساحل البحر يسرقون إبله التي أودعهم إياها ويمرحون بها هازئين منها مخترقين الحي الشعبي بها ليلاً ويتكشف الحي الشعبي في تلك الليلة وعندما يفيق طارش ويبحث عن إبله ولا يجدها يستنجد بابن عمه في الحي الشعبي فيخرج الجميع بحثاً عن النوق، إن هذا الفن رمز التلاقح الإنساني· من جهته كان طارش متأزماً لم يزره النوم ليلتها لأن مصيره مرتبط بوجود نوقه· يتحسس آثار النوق ليلاً بين أزقة الحي الشعبي حتى تقوده قدماه الى شاطئ البحر، وهنا يجد ''مطرة'' تناجي البحر كي يعيد أبناءها، فينصرف طارش عنها حتى يجد نوقه فجراً ويصمم على الرحيل· ''حِنه'' بطلة الفيلم فتاة صغيرة تحلم هي الأخرى أن تذهب الى الصحراء· طارش يمنعها من ذلك ويردعها بقوة ويفترقان كل في اتجاه· إطار فلسفي ؟ ''حِنه'' بطلة في الفيلم و''حِنة'' ضمير جمعي ينشر الألفة، هل كان الترميز في الفيلم يحمل هذا الهدف حين تماثل بين شخصية حنة البطلة الإنسانة الرقيقة وشخصية بنية اجتماعية قديمة اتسمت بالألفة والمحبة؟ ؟؟ أعتقد أن الفكرة شائكة عن مستوى الموضوع في إطار فلسفي بسيط مفاده أن هناك ثلاثة خطوط في هذا الفيلم هي أولاً البدوي وضياع إبله ثم إيجادها ومفارقة الحي باتجاه الصحراء، ثانيا ''حِنة'' الفتاة الرقيقة التي عاشت في كنف أمها المطلقة والمصابة بالصرع تمتلك أحلاماً كي ترى حقيقة العالم· ثالثاً شخصية مطرة الباحثة عن اللاجدوى· ؟ وأين هذه الخطوط من البنية الاجتماعية، وما الذي يربطها معاً؟ ؟؟ أعتقد أن الحياة اليومية هي التي تربط هذه الخطوط معاً بشخوصها، بقلقها، بشفافيتها، بإنسانيتها حتى بعذاباتها· ''حِنه'' لديها إحساس بزوال الحي الشعبي حينما تبتلع المدينة هذه البراءة، طارش يمتلك ذلك الإحساس نفسه لأنه لم يتأخر يوماً واحداً في البقاء في الحي الشعبي الذي رمز له بأدواته الحضارة ''الأسفلت، التراكترات، الشفلات'' الآلة بمفهومها الاستلابي· أما مطرة فأعتقد أنها الصورة الإنسانية العميقة والخائفة من اللاجدوى· ؟ هل تريد أن تقول إن العالم الآن بات محكوماً بانهيار إنساني في حضارة قاسية؟ ؟؟ أنا لست ضد البناء وأجد أن المدينة فيها من الملامح ما يجعلها جميلة في نظري· لكنني أقف ضد استلاب البراءة· لقد عشت في حي شعبي ''الباور هاوس'' ويوماً من الأيام وجدت نفسي صباحاً أمام آلة البلدوزر التي وقفت أمام داري·· فكيف لا أتناول ما أشعل في داخلي احتراق البراءة· الأفلام الطويلة ؟ في أي حقل من مهرجان الشرق الأوسط السينمائي سيقدم فيلمك ''حِنه''؟ ؟؟ أعتقد أنه سيقدم في الأفلام الطويلة لأنه يحمل مواصفات الفيلم السينمائي الطويل، وهذا أعتبره فخراً ووساماً قدم لي قبل العرض كوني أساهم في هذا المهرجان مخرجاً ومؤلفاً مشاركاً مبدعي العالم في السير على البساط الأحمر الذي يعد شرفاً للمبدعين· وأرى أن دخول فيلم إماراتي جديد في هذا المهرجان هو خطوة على الطريق الصحيح في بناء سينما إماراتية تحتاج منا الجهد الكبير· ؟ مَن الممثلين الذين شاركوا في ''حِنه''؟ ؟؟ الممثلون أناس لم يقفوا أمام الكاميرا مطلقاً، ثمانون ممثلاً من كمبارس الى بطولة لم يقفوا سابقاً أمام الكاميرا أبداً وكان العمل معهم ممتعاً· ؟ وطارش وحنة ومطرة من مثل هذه الأدوار؟ ؟؟ هؤلاء الناس بسطاء قدموا مواهب بريئة وصادقة وهي تجربة جديدة في فن السينما· طارش مثله محمد الكتبي وحنه مثلتها عائشة حمد سالم ومطرة مثلتها موزة بنت نكحان وعمرها 70 عاماً، وعلياء مثلتها ''غزال'' وأبو راشد مثله عبدالرحمن الحاي· كلهم أناس بسطاء وأحبهم كثيراً· لقد استغرق الفيلم شهرين ونصف الشهر في التصوير في إمارة رأس الخيمة وعانى الممثلون كثيراً من الطقس إلا أنهم واصلوا التمثيل بحب عارم· ؟ ماذا لديك مستقبلاً؟ ؟؟ لدي مشاريع كثيرة، انتهيت من كتابة نص مسرحي بعنون ''هواء بحري'' وسيقدم قريباً على المسارح المحلية والعربية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©