الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نحو معرفة الذات والآخر عبر الثقافة السينمائية

نحو معرفة الذات والآخر عبر الثقافة السينمائية
11 أكتوبر 2008 02:14
اجتمع العشيرات من مخرجي وصانعي الأفلام العالميين والعرب في مؤتمر ذي سيركل السنوي الثاني الذي عقد في فندق الشنغريلا· ذي سيركل هو احد برامج هيئة ابوظبي للثقافة والتراث، وهو يهتم بتشجيع انتاج الأفلام وتحفيز المواهب السينمائية في الشرق الأوسط· واستطاع في دورته هذا العام جمع الخبرات الأجنبية في هذا المجال مع نظيرتها العربية، فقصر المسافة الطويلة وخفف من الجهد الذي كانوا سيبذلونه ليتعرفوا على بعضهم ويتبادلوا الآراء والأفكار حول هذه الصناعة· لكن الفنانيين الإماراتيين لم يقتنصوا هذه الفرصة إذ كان حضورهم نادراً في المؤتمر ان لم يكن معدوماً· اهم ما حققه المؤتمر هو جذبه اهتمام صانعي الأفلام العالميين الى هذه البقعة من الكرة الأرضية، وظهر هذا الأمر جلياً خلال النقاشات التي سادت الأروقة والأحاديث التي تم تبادلها خلال فترات الإستراحة· فكنت تلاحظ بوضوح جلوس منتجين عالميين مع مخرجين عرب على نفس الطاولة يتجاذبون اطراف الحديث عما يتعلق بكيفية خلق ارضية للتعاون المشترك فيما بينهم· وهذا الأمر اسفر عن خلق النواة الأساسية للصناعة السينمائية في الشرق الأوسط عامة وابوظبي خاصة كونها كانت السباقة والرائدة في هذا المجال في الوطن العربي· مما يعني ان الخطوط العريضة قد حددت وتبقى آليات التنفيذ التي تحتاج الى مزيد من الوقت لتبدأ بالظهور· وفي هذا المجال، تشير كاثلين كيندي منتجة ''كينيدي مارشال كومباني'' الى أنها التقت مخرجين عربا ''وقدموا لي افكار أفلامهم''· وتوضح ان ما تبتغيه هو التعرف على صانعي افلام ''ليقدموا لي قصصاً لانتجها وليس العكس''· ويثني على هذا الكلام بوب ياري رئيس ''ياري فيلم غروب'' الذي اشار الى انه ''جاء الى ابوظبي للمساعدة على بناء صناعة سينمائية في الشرق الأوسط''· ويدعو صانعي الأفلام العرب الى ''الاستفادة من الخبرات العالمية المجتمعة في هذا المؤتمر، وبناء ما ليس موجوداً عندهم''· ويؤكد هذا الأمر المخرج البحريني بسام الذاودي بكشفه ان المنتجين الأجانب ''يطرحون خلال النقاشات الجانبية إمكانية التعاون المشترك فيما بيننا وهم ينتظرون ان نقدم لهم قصصاً جديدة· وهم بذلك اقرب الى صناعة السينما العربية''· كسر الصورة النمطية اهم ما حققه القيمون على المؤتمر هو كسرهم الصورة النمطية التي كانت موجودة عند الغرب عن الإنسان العربي· مما دفع الأخيرين الى الإعراب عن اعجابهم بما رأوه من ثقافة متحضرة في ابوظبي· وانعكس هذا الأمر جليا في تصريحاتهم ومنها ما قاله جيمس جيانابوليس خلال الكلمة التي القاها في افتتاح المؤتمر· فهو لم يتمكن من اخفاء اعجابه بما رآه خلال الرحلة التي نظمها القيمون على هيئة ابوظبي للثقافة والتراث له والمشاركين في المؤتمر قبل يومين من بدء اعمال ''ذي سيركل''· وقال: ''انه من الجميل ان نكون في مدينة ابوظبي الجميلة· واشكر مدير عام هيئة ابوظبي للثقافة والتراث محمد خلف المزروعي على الفرصة التي اتاحها لنا لاختبار التغيرات التي تشهدها ابوظبي''· في حين ان كيندي تعرب عن رغبتها في اكتشاف المنطقة اكثر ''فأنا فضولية· واعترف بان النقاشات واللقاءات التي تمت داخل المؤتمر وخارجه غيرت لدي الكثير من المفاهيم التي كانت عالقة في ذهني· وتمكنت من خلق تصور عما يحتاجه هذا المجتمع''· ويؤكد على هذا الكلام المخرج الكويتي وليد العوضي الذي اتاح له المؤتمر فرصة لقاء صانعي الأفلام الأجانب ''الذين تغيرت نظرتهم لنا بعد هذا المؤتمر· فقد استطاعوا تغيير الصورة النمطية التي لديهم والتي فرضت عليهم في نشرات الأخبار''· ويقول: ''لم ينفكوا خلال دردشاتنا من الإعراب عن سعادتهم في الرحلة البرية التي قاموا به وطريقة تعامل المواطنين معهم''· المدماك الأساس اثنى المشاركون في المؤتمر على الخطوات التي تقوم بها هيئة ابوظبي للثقافة والتراث في مجال صناعة الأفلام· واعتبروا انها المدماك الأساس في عملية بناء البنية التحتية لصناعة السينما· إذ انها لا تقتصر على عقد المؤتمرات وورش العمل واقامة المهرجانات واحضار الخبرات العالمية بل تتخطاها الى انشاء معاهد تعليمية في هذا المجال· ويصف ياري ما تقوم به حكومة ابوظبي بـ ''الذكي جداً، عبر احضارها الخبرات التي تحتاجها من الخارج للنهوض بسرعة في مجال صناعة السينما''· ويقول: ''لا يوجد اي مكان في الشرق الأوسط يجذب تجارة الأفلام لكن ابوظبي تبني قاعدة لجذب المنتجين العالميين''· وترى كينيدي انه يمكن لابوظبي ان تتحول الى ساحة لصناعة السينما ''في حال التزمت بهذا الامر ولديها الإرادة الكافية''· من جهته يدعو العويضي دول المنطقة الى ان ''تحذو حذو ابوظبي''· ويقول: ''لا نريد وضع سجادة حمراء ليسير عليها المشاهير، بل ان نخلق احتكاكاً معهم يولد شيئاً جديداً ومفيداً كما يحصل الآن في ابوظبي''· في حين، يتوقع يوسف علاري، مخرج فلسطيني، أن تفاجئ أبوظبي العالم بصناعتها السينمائية· ويشير الى انه خرج بعبرة من ''ذي سيركل'' مفادها انه ''بالإرادة والمال يتحقق ما يريده الشخص· وليس هناك من صعوبة في شيء''· السينما العربية ناقش الخبراء العالميون المشاكل التي تواجه صناعة السينما على مستوى العالم· وظهر انها صغيرة جداً بالنسبة للمشاكل التي يواجهها العالم العربي الذي يفتقد اصلاً لهذا النوع من الصناعة وايضاً الثقافة· فعلى الرغم من ان السينما هي أبسط طريقة للتواصل بين الشعوب، إلا انها غير مستخدمة في العالم العربي· ولا يوجد سياسات حكومية او خاصة لدعم هذا القطاع اضافة طبعاً الى غياب التغطية المادية· وما يتم انتاجه لا يحاكي سوى البيئة الداخلية ولذلك يبقى معزولاً ومحاصراً داخل بيئته ولا يخرج ليعرف عن نفسه في الخارج· ويأسف علاري لـ''غياب الثقافة السينمائية عند الشعوب العربية· مما يجعل الاستثمار في هذا المجال مستهجنا''· ويقدم الذاودي مشكلة السينما الخليجية كمثل ليؤكد عدم تغطية تكاليف اي عمل خليجي ''فهناك 25 مليون مشاهد خليجي، واذا انقصنا منهم السعوديين يبقى هناك عشرة ملايين ولن يشاهد نصفهم الأفلام السينمائية· إذاً لن يغطي العرض التكاليف''· ولذلك، دعت كاثلين كينيدي التي اعتبرت انه ''يجب خلق فرصة ليرى العالم هذه الأفلام''· وقالت: ''ما يصل الينا هو فقط انتاجات ايرانية واسرائيلية· ولا اعتقد ان الناس هنا يهتمون او يملكون الثقافة السينمائية''· وتضيف: ''اعتقد ان الشرق الأوسط يمكنه ان يكتب قصصاً يصحح بها وجهات النظر المأخوذة عنه· وهذا يعود الى انه لا يوصل قصصه الى العالم عبر السينما التي تعتبر من ابسط وسائل التواصل ولذلك لا يتم فهمه''· ويؤيد هذا الكلام بوب ياري الذي يرى ان ''الصوت الذي يعكس حقيقة ومشاكل الشرق الأوسط ضعيف جداً''· ويوافق الذوادي على هذا الأمر ويعتبر أننا بحاجة الى تغيير النظرة العربية عامة والخليجية خاصة في السينما وتشجيع العمل الإبداعي· ويعتبر ان الحل يكون بمد يد العون للمنتجين الأجانب وخلق حوافز واغراءات لهم في بلادنا كما يحصل في ابوظبي· ويقول: ''لا يمكننا ان نتوقع منهم القيام باعمال تعكس عاداتنا وتقاليدنا، فهم ليسوا مسؤولين عنها· لكن مع الوقت ومع احتكاكهم بالمجتمع ستتولد لديهم افكار جديدة· ومن جانبنا علينا مساعدتهم بتقديم القصص التي سيهتمون بانتاجها''· ويرى ان هذا الأمر ''سيعطي فرصة لكل المهتمين في السينما داخلياً الاهتمام بهذا القطاع والعمل بشكل اكثر مهنية واحترافية''· غياب الفنانيين الإماراتيين لفت غياب الفنانين الإماراتيين عن المؤتمر نظر الحاضرين· فوجودهم كان نادراً إن لم يكن معدوماً· وهذا ما سأل عنه المخرج الفلسطيني يوسف علاري ''فاين شركات الإنتاج الإماراتية؟ وأليست الحكومة بحاجة ان ترى فناناً يعمل على تقديم نفسه اليها؟ وأليس عليهم تقديم يد العون لحكومتهم؟''· وانتقد بعض المخرجين العرب اقتصار معظم المناقشات وحتى التي يقوم بها العرب على اللغة الإنكليزية· ''وما تم مناقشته وطرحه يفيد الأجانب الذين يملكون هذه الصناعة وليس العرب· كونهم يملكون الخبرة والتكنولوجيا التي تساعدهم ونحن لا نملك هذا الأمر''، بحسب علاري· ويعتبر ان ما تم مناقشته خلال المؤتمر ''لا يفيدنا نحن بل الخبرات الأجنبية التي تملك هذه الصناعة وتلم بها وبتقنياتها· وكأن المؤتمر موجه لهم''· ويرى ان ''المنتجين الأجانب جاؤوا ليحصلوا على التمويل الذي يحتاجونه''· في حين يرفض كل من الذوادي والعوضي ما اعتبراه ''نظرية المؤامرة''· ويعتبران ان المؤتمر ''شكل مناسبة للاستفادة من الخبرات العالمية والتواصل معها''· ويؤكدان أنه لم يتم التطرق لمسألة التمويل من قريب أو بعيد· ويدعو العوضي صانعي الأفلام العرب الى ''التواضع والاعتراف بان الغرب يملك المعرفة في صناعة السينما لا نملكها نحن كعرب، والقبول بنقل هذه المعرفة الينا''· ورأى انه ''لا بد من وجود مبادرات كـ''ذي سيركل'' لنقل هذه المعرفة''· ويكشف عن ان ''ذي سيركل'' لها نظرة اشمل وابعد ''تقوم على انتاج فيلم عربي بنكهة عربية لكن مشاهديه عالميون، وهذا ما نحتاجه لاننا لسنا بحاجة الى مخاطبة ذاتنا، بل مخاطبة الآخر الذي لا يعرفنا''· في حين ان كينيدي تدافع عن نفسها، وتذكر بان صناعة الأفلام ''ستخلق فرص عمل للعديد من الشبان في هذه المنطقة''· وتقول: ''انا قد آتي الى هنا لانتج فيلماً سينمائياً''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©