السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف المدرسي يتفاقم في الجزائر وسط مطالبات بتعزيز هيبة المعلم

العنف المدرسي يتفاقم في الجزائر وسط مطالبات بتعزيز هيبة المعلم
3 مايو 2011 20:32
شهد العنف في الوسط المدرسي بالجزائر، في الأسابيع الأخيرة، تصاعداً ملحوظاً من خلال تسجيل عدد من حوادث الاعتداء على أساتذة وتلاميذ بمدارس في مختلف أنحاء البلد، ما دفع الأسرة التعليمية إلى دق ناقوس الخطر والتداعي إلى عقد ملتقيات وندوات لتشريح أسباب تصاعد هذه الآفة وأنجع السبل لمكافحتها. عاد الحديث عن آفة العنف المدرسي، مؤخراً، بعد أن وقعت حوادث عدة مؤسفة داخل المؤسسات التربوية، أخطرها قيام شابين باقتحام ثانوية «ابن خلدون» بالجزائر العاصمة، حيث انهالا ضرباً على أحد التلاميذ ثم طعناه بخنجر وفرا هاربين ليُنقل التلميذ إلى المستشفى. ضرب معلمة تناقل سكان الجزائر العاصمة أيضاً خبر التلميذ الذي انهال على معلمة اللغة العربية بلكمات عدة حتى أسقطها أرضاً في فناء المتوسطة، لأنه لم يحتمل إخراجها له من القسم عقاباً له على تشويشه المستمر. إلى ذلك، سُجلت خلال العام الماضي حوادث عنف عدة داخل الوسط المدرسي، انتهى بعضها إلى الموت، حيث قتل طالب ثانوي زميلاً له بطعنة سكين بسبب خلاف بسيط بينهما، كما تمّ تسجيل حالات طعن بالسكاكين في مدارس ثانوية بالعديد من الولايات. وكشف رئيس جمعيات أولياء التلاميذ خالد أمْحَمّد أن جمعيته «تستقبل سنوياً ما بين 100 و150 حالة عنف متبادل بين الأساتذة والتلاميذ». وسجلت الجمعية وقوع 120 حالة منذ بداية العام الدراسي الحالي، 70 منها تتعلق بضرب الأساتذة للتلاميذ، و50 حالة تتعلق باعتداء التلاميذ على الأساتذة. إلا أن هذا الرقم يبدو بعيداً جداً عن الرقم الذي قدمته وزارة التربية عن حصيلة اعتداءات التلاميذ على الأساتذة في العام الدراسي 2007 - 2008، حيث أكدت وقوع 6222 حالة، ولم تقدم إحصائيات أخرى جديدة عن الأعوام الدراسية التالية التي شهد فيها العنف المدرسي استشراء واسعاً. متعدد الأشكال في دراسة لافتة قامت بها الدكتورة بكوش آمال، طبيبة مختصة في الأمراض النفسية بمستشفى عنابة (شرق الجزائر)، تناولت 300 عينة من العنف المدرسي، وجدت أن 51 بالمائة منها تتعلق بالعنف اللفظي ضد الأساتذة كالشتائم والتهديدات، و30 بالمائة تتعلق بتخريب تجهيزات مدرسية كالطاولات والكراسي والنوافذ الزجاجية وغيرها، كنوع من انتقام التلاميذ من الأساتذة وإدارة مؤسساتهم التربوية، بينما لجأ 29 بالمائة إلى الاعتداء على أساتذتهم بالضرب، ووقعت 40 بالمائة من الاعتداءات بالضرب داخل المؤسسات التربوية و60 بالمائة في محيطها، حيث ترصَّد التلاميذ الجناة أساتذتهم برفقة أصدقاء السوء للاعتداء عليهم. ويؤكد إسماعيل مزياني، أستاذ الرياضيات بمتوسطة «علي حمدان» بالرغاية (30 كم شرق الجزائر)، أن «العنف المدرسي يشهد تصاعداً مستمراً في العقدين الأخيرين، حيث أضحت أجيال اليوم أكثر تهوّراً وعنفاً وأقل احتراماً للأساتذة من أجيال الأمس من الطلبة الذين كانوا يوقرون أساتذتهم، وكان من النادر جداً أن تسمع حالة اعتداء على أستاذ آنذاك، خلافاً لليوم، حيث أصبحت هذه الحالات «عادية» من كثرة تكرارها للأسف». قفص الاتهام يؤكد المختصون التربويون أن أولياء التلاميذ يعدّون أحد أسباب تفشي آفة العنف لدى أطفالهم، بسبب سلبيتهم وعدم ردع أبنائهم، بل وتحريضهم أحياناً على العنف ضد الأساتذة والإدارة. ويذكر خالد أمْحمّد حادثة غريبة وقعت بمدرسة ثانوية بالجزائر العاصمة، حيث قام طالب بالاعتداء ضرباً على المراقبة العامة، وبعد حضور أبيه لتسوية المشكلة، قام بالتهجم عليها وضربها بدوره داخل مكتبها. ويذكر الكثيرُ من الأساتذة بمرارة كبيرة كيف أنهم ضاقوا ذرعاً بتشويش بعض تلاميذهم، فقاموا بضربهم بعد أن نصحوهم طويلاً دون جدوى، برغم أن وزارة التربية تمنع العقاب البدني للتلميذ مهما كانت الأسباب، فحضر أولياؤهم وأقاموا عليهم الدنيا ولم يقعدوها. في هذا السياق، يقول مرابطي عبد السلام، أستاذ فرنسية «أذكر أنني حينما كنتُ تلميذاً وأعود إلى البيت مساء، كنتُ أكتم عن والدي خبر ضرب أيٍّ من أساتذتي لي، لأن أبي كان يعتبر ذلك دليلاً على تهاوني أو تشويشي، فيعاقبني بدوره، أما الآن فلا تكاد تضرب طفلاً حتى يأتي أبوه للتهجم عليك وإهانتك أمام التلاميذ، وهذا ما أفسد أخلاقهم وجعلهم يتجرؤون علينا أكثر». ويضيف «أغلب الأساتذة ملّوا هذه المهنة لأنها لم تعد تحفظ لهم هيبتهم ووقارهم، وبعضهم اتجه إلى مهن بديلة، وآخرون في الطريق». ويرى مرابطي أن أفلام العنف والجريمة التي يشاهدها الطفل في بيته دون أن يمنعه والداه، وكذلك ألعاب الفيديو المبنية أساساً على العنف، تشكل عوامل مغذية لهذه الآفة التي يدفع ثمنَها الأساتذة والإدارة. ضحية المحيط يقدم الدكتور محمد بودفّ، أستاذ الطب العقلي بكلية الطب بعنابة، سبباً آخر للآفة وهو أن «تفاقم العنف المدرسي منذ التسعينيات إلى الآن يرتبط بفظائع الإرهاب الذي أغرق البلاد في حداد ومآس كبيرة بجرائمه». ويضيف عواملَ أخرى، منها تفشي الفقر لدى عائلات التلاميذ الجانحين إلى العنف، واستشراء تعاطي المخدرات لدى تلاميذ المدارس المتوسطية والثانوية بالجزائر، حيث تذكر تقارير أن الكثير من التلاميذ، خاصة في المدن، يتناولون المخدرات وبعضهم مدمنٌ عليها تماماً، وهو ما يفسر جنوحهم إلى العنف أكثر من الأجيال السابقة التي لم تعرف هذه الآفة في العقود الماضية». ورغم تزايد حالات العنف المدرسي، إلا أن وزير التربية أبو بكر بن بوزيد يرى أنها «ضئيلة ولا تمسّ سوى 2% من التلاميذ الذين يبلغ عددُهم الإجمالي 8,5 مليون تلميذ». كما يرى أن «المدرسة ضحية محيطها وأن العنف انتقل إليها من خارجها». وتسعى الوزارة إلى مكافحة هذه الآفة التي تؤثر سلباً في مستوى التحصيل العلمي للأجيال وعلى هيبة الأستاذ، بتشديد العقوبات على الجناة، كالفصل والإحالة إلى القضاء. ولكنها تطالب وسائل الإعلام والأسرة وجمعيات أولياء التلاميذ وكل المجتمع بالإسهام في مكافحة الآفة باعتبارها «مسؤولية الجميع وليس الوزارة وحدها» على حدّ تعبير الوزير.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©