السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صيدا تفتقر إلى الخدمات السياحية رغم غناها بالمعالم الأثرية والحضارية

صيدا تفتقر إلى الخدمات السياحية رغم غناها بالمعالم الأثرية والحضارية
3 مايو 2011 20:32
«خان الإفرنج» معلم من معالم صيدا الأثرية والحضارية، يقع قبالة رصيف ميناء الصيادين، ويشرف على البحر مباشرة، ويؤشر إلى الأهمية التجارية والاقتصادية لهذه المدينة التي تميزت بفنون البناء على مرّ التاريخ دون غيرها من المدن الساحلية، فارتبطت شهرته ليس بالتجارة فقط بل باستقبال وفود السياح والمغتربين حالياً وبوفود «الفرنجة» الزائرة من إيطاليا وفرنسا وغيرهما. أهم بناء يقع «خان الإفرنج» قرب المرفأ والقلعة البحرية، وشهرته في البوابتين اللتين تطلان على الميناء وساحة باب السراي. وقد بني في أواخر القرن السادس عشر في عهد الأمير فخرالدين المعني الثاني، من الحجارة الرملية، والخان مقسم إلى ردهات وممرات كبيرة وواسعة، يستعمله التجار قديما في حركة البيع والشراء، لذلك نرى عدة أقسام فيه، منها ما هو مهيأ للتخزين وتكديس البضائع ومنها للسكن والاستراحة، وفيه سلالم تؤدي إلى السطوح وهي مبنية من الحجارة الضخمة، كان التجار يستعملونها للصعود إلى الردهات العليا والسطوح، من أجل التنزه ورؤية البحر. ويقال إن الأمير فخرالدين بنى «خان الإفرنج» ليكون مسكناً لزوجاته ليستعمله بعد ذلك الفرنسيون ليكون مركزاً تجارياً لهم. وبني «خان الإفرنج» سنة 1610، وهو مؤلف من طابقين وأكثر من 26 غرفة، إلى جاب قاعات كبيرة وشاسعة بالمساحة، مع بهو داخلي مربع، فيه حوض ماء وأشجار وافرة. الطابق العلوي كان يستعمله التجار للنوم والاستراحة بعد عناء الرحلات الطويلة، والسفلي أي الأرضي، كأسطبل للخيول، وغرف عبارة عن مكاتب ومستودعات للتجار والوافدين. ويتألف الخان من ثلاثة أقسام تبدأ بمنزل القنصل الفرنسي الذي تحول لفترة إلى مستشفى، ومن ثم مدرسة، وآخر تقام فيه معارض تجارية وإنتاجية، أما الجزء الباقي وهو صغير ويقع غربي الخان الكبير، فيتصل بمنزل القنصل، ويمتاز بالآبار الغزيرة. وقد تملكته الدولة الفرنسية لفترة كمقر للقنصل في صيدا، ليتحول بعد ذلك إلى ثكنة عسكرية إبان حملة بونابرت التي وصلت إلى مصر، ومن ثم اصبح ميتماً للبنات بإشراف الراهبات ومشغلاً للخياطة. وتغزّل الشعراء بخان الإفرنج، وأطلقت عليه أوصاف عدة، فالشاعر الفرنسي جيراردي نرفال وصفه بأنه أحد أهم بناء في صيدا، بل في كل بلاد الشام، وشبهه بأنه مدينة بكاملها نظراً لضخامته وعظمته وفخامة بنائه، وأجمع عدد كبير من الرحالة بأن «خان الإفرنج» لا مثيل له، بسبب وفرة البضائع التي كانت تكدّس في صيدا، والتي صنّفت المدينة بأنه مستودعاً لكل بضائع وحاجات الساحل الجنوبي. سيدة البحار يجذب «خان الإفرنج» في صيدا، السياح والوفود الأجنبية وأهل الاغتراب، للاطلاع على معالم هذه المدينة التي تسمى «سيدة البحار وصيدون»، على اعتبار أنها تقع على الخط الساحلي البحري، وتضج بالمواقع الأثرية والتراثية العائدة لحضارات ما قبل ستة آلاف سنة، إضافة إلى الحصون والأبراج والمعابد، التي تحكي قصص وحياة الشعوب العديدة التي احتضنتها هذه المدينة على حوض البحر الأبيض المتوسط عبر حقبات ومحطات من الزمن، حيث تعتبر «صيدون» تاريخياً، بأنها ما زالت تحافظ على طابعها المعماري التراثي العتيق. إلى جانب شاطئ رملي ذهبي اللون، يفرد رسوماته الملونة من شمال المدينة وحتى وسطها، سياحياً وحضارياً، حتى أنها باتت موسوعة لأعرق المدن المأهولة بالتاريخ والاكتشافات المخزونة في باطنها براً وبحراً. بالرغم من هذه الميزات فإن عاصمة الجنوب اللبناني لا تزال مقصرة بحق نفسها، والسبب يعود لعدم إيلاء المسؤولين في وزارتي السياحة والثقافة والاهتمام الوافي لها. إذ ينعدم وجود أي متحف يضم حضارات وآثار ومقتنيات الشعوب التي واكبت هذه المدينة، عدا ذلك، فإن «سيدة البحار» تفتقر إلى مطاعم فخمة ودار سينما عالمية قياساً إلى حجمها السياحي وموقعها التراثي، وأيضاً نرى ندرة في المهرجانات السياحية السنوية وغيرها، بحيث أنها تكاد تكون المدينة اللبنانية الوحيدة التي تتمتع بكل المواصفات التي تحدثنا عنها، ولا يقام فيها أي مهرجان سياحي صيفي. إلى ذلك، يقول رئيس بلدية صيدا السابق د. عبد الرحمن البزري، إن تطور الحركة السياحية في المدينة يحتاج إلى تطوير في الخدمات السياحية، التي ما زالت صيدا تعاني نقصاً فيها، خصوصاً لناحية توفير عدد كاف من الفنادق، والمرافق الأخرى لخدمات السياح، وعليه فإن بلدية صيدا تخطط بالتعاون مع وزارة السياحة، لإنشاء مكتب سياحي داخل المدينة القديمة. ويعتبر د. البزري أن الحركة السياحية بدأت تزدهر وتنهض في السنوات الأخيرة، مستفيدة من إرثها الثقافي، ومن واجهتها البحرية، ومن تطور بعض الحرف التقليدية. مركز لبناني فرنسي رمّم خان الإفرنج للمرة الأولى عام 1809 من قبل الدولة الفرنسية، إلا أنه تعرض لزلزال عام 1838، فأصيبت بعض جدرانه بالتصدع، فجرى ترميمه للمرة الثانية. وفي سنة 1982 وبسبب الاجتياح الإسرائيلي، هجره سكانه وأهملت صيانة حديقته، وتصدعت بعض جدرانه، فقامت مؤسسة الحريري بعملية إعادة ترميمه وتأهيله، بموجب اتفاق مع الدولة الفرنسية، وأصبح «الخان» بعد ترميمه مركزاً ثقافياً وفنياً حديثاً لمدينة صيدا وجوارها. تقام فيه معارض دائمة للنشاط الحرفي والصناعي والفني والتقني، كما أقيمت فيه مهرجانات ومؤتمرات عدة منذ العام 1997 برعاية وحضور الرئيس الراحل رفيق الحريري، الذي أعلن في احتفال أقيم داخل «خان الإفرنج» عام 2002، أن هذا «الخان» سيصبح مركزاً لبنانياً فرنسياً للتراث والثقافة الأوروبية المتوسطية والعربية لتفعيل الشراكة والتأكيد على عمق التواصل الثقافي والتاريخي بين لبنان وفرنسا.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©