الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حملة خالية المضمون

12 أكتوبر 2008 02:10
رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها أميركا والمشاكل المطروحة أمامها لإنقاذ نظامها المالي، لم يتقدم ''جون ماكين'' بأي مقترح، أو حل يسهل الخروج من الورطة الحالية ويخفف الأعباء على اقتصاد يترنح أصلا تحت وقع الضربات المؤلمة التي يؤشر عليها الهبوط الحاد في أسواق الأسهم العالمية؛ وبدلا من التركيز على القضايا الكبرى الملحة يختار ''ماكين'' وأركان حملته الطريق السهل المتمثل في شن هجوم قاس وشخصي على منافسه ''باراك أوباما'' إلى درجة يصعب معها التصديق أن ''ماكين'' هو ذاته الشخص الذي انتقد بشدة الهجوم الشرس الذي تعرض له ''جون كيري'' في العام 2004 وقال ''إني أندد بهذا النوع من السياسة، وأرى أن الحملات الإعلانية مخزية وغير شريفة''· الأكثر من ذلك، أنه بعد فشل ''ماكين'' في الظفر بترشيح الحزب الجمهوري أمام الرئيس ''بوش'' في العام 2000 أعلن أن هناك ''مكانا خاصا في الجحيم'' لمساعدي بوش الذين قادوا ضده حملة تشهير قلبت حياته الخاصة واستهدفته على نحو شخصي؛ لكن بتبنيه المقاربة ذاتها مع منافسه ''أوباما'' ينال ''ماكين'' من سمعته ويثير العديد من الأسئلة حول مدى التزامه بمعايير النزاهة واللياقة المطلوب توفرها في السياسي الذي يفترض به إدارة الشأن العام· والحقيقة أني لا أنكر ما يتمتع به ''ماكين'' من شجاعة وقوة شخصية يصعب المجادلة فيهما، فقدرته على اجتياز محنة التعذيب التي تعرض لها وهو في الأسر على يد الفيتناميين الشماليين دليل آخر على صلابته وروحه الإنسانية؛ لكن الأميركيين في هذه اللحظات العصيبة يريدون انتخاب سياسي ينتشلهم من مشاعر الشك وعدم اليقين التي تكاد تطيح بهم مع زحف على الأزمة الاقتصادية على مدخراتهم وتهديدها لأنماطهم المعيشية؛ ومع أني لا أنكر خيبتي لهذا التغير في سياسة ''ماكين'' إلا أني لست متفاجأ، فعندما خضت انتخابات مجلس الشيوخ في العام 2006 لم يجد منافسي الجمهوري ''بوب كوركر'' أمامه وقتها سوى الانخراط في حملة تشهير قذرة استهدفتني عندما أظهرت استطلاعات الرأي أنه متأخر في السباق بعدة نقاط؛ وحتى عندما أجمع المراقبون ووسائل الإعلام أن الحملة تجاوزت حدود المعقول ومعايير اللياقة والاحترام لم يتردد ''جون ماكين'' في الانضمام إلى حملة ''كوركر'' الانتخابية ومساندته دون أن ينبس ببنت شفة حول سياسة التشهير والمس بسمعتي الشخصية وكأنه يوافق عليها، بل ويدعمها؛ وأكثر من ذلك أنه لجأ إلى الشخص ذاته الذي قاد ذلك الهجوم ليعينه أول مدير لحملته الانتخابية· على ''ماكين'' أن يدرك بأن هذه الانتخابات هي الأكثر أهمية في تاريخ أميركا منذ تلك التي فاز فيها ''فرانكلين روزفلت'' في العام ،1932 فالولايات المتحدة تخوض حربين في العراق وأفغانستان، كما أن الحلم الأميركي الذي كان مثار إعجاب العالم أصبح يبتعد رويداً رويداً عن الملايين من العائلات الأميركية، ناهيك عن المنافسة الشديدة التي بتنا نواجهها من الاقتصادات الصاعدة في آسيا؛ وبعد ثماني سنوات من السياسة الفاشلة للرئيس ''بوش'' ونائبه ديك تشيني تدهورت صورتنا في العالم وتراجعت مكانتنا على الصعيد الدولي، فضلا عن الأعباء المالية المكلفة التي تنوء بها الموازنة العامة والحالة العامة، لنظامنا التعليمي الذي يخذل الكثير من أبنائنا· كل ذلك يحتم على ''ماكين'' أن يختار خلال الثلاثة أسابيع ونصف أسبوع القادمة بين الاستسلام لغريزة التشهير بالخصم، أو التركيز على القضايا الكبرى التي تهم الأميركيين، لاسيما وأن البلاد في حاجة إلى حلول عاجلة لمشاكلها الملحة؛ فأين خطط ماكين لتعويض 750 ألف وظيفة فقدت منذ مطلع السنة الجارية، وكيف سيوقف الانهيار المالي ويساعد العائلات التي تعاني من ارتفاع تكلفة الغذاء والغاز والرعاية الصحية؟ هارولد فورد قيادي بارز في الحزب الديمقراطي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©