الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقارب ضحايا الإرهاب!

3 مايو 2011 22:07
كنت عند مشاهدة أخبار هجمة إرهابية أغيّر القناة ببساطة، إلى أن جاء يوم 5 أكتوبر 2009، عندما جاءني اتصال هاتفي غيّر حياتي إلى الأبد. قال المتصل إن انفجاراً وقع في مكاتب هيئة الأمم المتحدة في إسلام آباد حيث كانت زوجتي "جول روح" تعمل. لا أذكر ما إذا قدت سيارتي، أو كيف وصلت إلى المكتب. كل ما أعرفه هو أنني وصلت إلى هناك بطريقة ما. لكن لم يكن هناك ما يمكن رؤيته أو أحد لمقابلته. أخبرني أحدهم أنه تم أخذ جول روح إلى المركز الطبي. بدأت أسأل نفسي وأنا أقود سيارتي إلى هناك وأنا مذهول، ذلك السؤال الأبدي الذي يطرحه الناس في أوضاع كهذه. "لماذا أنا؟". اسمي طاهر ودود مالك، رائد متقاعد في الجيش الباكستاني. وفّرت لي حياتي العملية أسلوب حياة مريحاً، وكنت أعتبر نفسي جزءاً من المجتمع الباكستاني "الأكثر حظاً". شعرت من نواحٍ عدة أني بمعزل عن العديد من أفراد الشعب الباكستاني العاديين. عند وصولي المركز الطبي وقفت محاطاً بالفوضى، إلى أن أخذني طبيب إلى سرير متحرك مغطى بشرشف أبيض. عندما رفعته رأيت وجه غول روخ وقد خلا من اللون أو الحياة. سمعت وأنا أقف هناك، مخدَّراً ملتصقاً بالأرض، أصوات فوضى، ونظرت فرأيت أحد موظفي المستشفى يُبعد كاميرا تلفزيونية بعيداً عن المكان الذي كنت أقف فيه. كان المصوّر يصور الفوضى العارمة في المستشفى وردّة فعلي كما بدت على وجهي، فأدركت أنني أصبحت الوجه المجهول الذي لا اسم له على شاشة التلفزة، المصاب بالصدمة والذهول نتيجة لمجزرة هجوم إرهابي. أصبحْت ذلك "الباكستاني العادي" الذي لا يريد أحد في الواقع رؤيته. وارينا زوجتي الثرى قبل منتصف الليل، وتفرّق الحضور. بقيت وحدي أفكّر بما حدث وأشعر بالغضب المتزايد، والإحباط والتعب الشديدين وعدم القدرة على التفكير بما حدث. شعرت مع مرور الأيام بالوحدة المتزايدة. لم يكن هناك من أتحدث معه. يُعتبر الحزن بالنسبة للكثيرين في باكستان أمراً صامتاً، ويتقبل معظم الناس الخسارة على أنها مشيئة الله تعالى. لكن رغم أن ردود فعل الناس تجاه الخسارة قد تبدو متماثلة، ليس هناك تجاوب عادي مع الخسارة، وقد يكون مرد ذلك إلى أنه لا توجد خسارة عادية. حزننا شخصي تماماً مثل حياتنا. وقعت هجمات انتحارية أخرى خلال الأيام التالية، وجدتني منجرفاً نحو أماكن وقوع هذه الهجمات. جعلني الحديث مع الناجين أدرك أن بإمكاننا التعاطف مع بعضنا بعضاً لأننا نتشارك بخسارة لا يستطيع الآخرون فهمها. ما الذي يمكن عمله تجاه هؤلاء الذين عانوا بعمق؟ سنحت لي فرصة مقابلة ناجين آخرين من حوادث إرهابية عبر العالم في عمان بالأردن عندما دُعيت لحضور افتتاح متنزه كرّس لذكرى تفجيرات الفنادق عام 2005، والتي أدت إلى مقتل 60 شخصاً وجرح 115 آخرين. أعطاني هذا التعاون بين ضحايا الهجمات الإرهابية الاتجاه الذي أحتاجه لتوجيه إحباطاتي وشعوري بعدم القدرة على مساعدة مواطني الباكستانيين. بدأت لدى عودتي إلى باكستان أحادث المزيد من الناجين والضحايا، وألقيت كلمات أمام طلبة المدارس والجامعات لنشر الوعي حول ما يحدث للأسر والأصدقاء في أعقاب هجمات كهذه. قمنا بتأسيس "شبكة الناجين من الإرهاب في باكستان"، لمساعدة الضحايا والناجين. تعلّمت من خلال الحديث مع الآخرين أنه في الوقت الذي يُعتبر النسيان فيه مستحيلاً فإننا نستطيع أن نغفر. أطلب من الآخرين في موقفي كذلك أن يبذلوا الجهد ليفعلوا ذلك أيضاً. لكن لو سنحت لي الفرصة في يوم من الأيام لأن أواجه شخصاً يفكر بأن يصبح مفجّراً انتحارياً فسوف أطرح عليه بعض الأسئلة: هل قرأت فعلاً ما يقوله القرآن الكريم حول أعمال كهذه؟ هل تعرف أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يكره العنف ويمقته؟ وأخيراً كيف تستطيع التعامل مع حقيقة أنه في يوم من الأيام قد يرتكب شخص آخر نفس العمل مما يؤدي إلى جرح أو قتل أحد أفراد عائلتك؟ لقد عانينا عبر خسارة مفجعة لدرجة نأمل ألا يضطر آخرون أن يفهموها أو يتشاركوا بها. طاهر ودود مالك مؤسس «شبكة الناجين من الإرهاب في باكستان» ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©