الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الألم تفاوتٌ في الإحساس وتباينٌ في قوة التحمل

الألم تفاوتٌ في الإحساس وتباينٌ في قوة التحمل
10 يوليو 2010 19:38
اكتشف العلماء منذ عقود قليلة أن إحساس الرجال بالألم يختلف عن إحساس النساء به. فهذا الإحساس تجربة شخصية يختص بها كل فرد ويتميز بها عن غيره. وخلافاً لضغط الدم والحرارة أو أي أعراض أخرى قابلة للقياس والتعريف، فإن رد الفعل الجسدي على أي مثير غير مرغوب فيه يكون من الصعب قياسه كمياً أو التنبؤ به. ويُعزى تفاوت درجة الإحساس بالألم إلى عوامل تتداخل فيها التوقعات الشخصية والأعراف الاجتماعية والعوامل الجينية والهرمونات وعدد ساعات النوم اليومية والعرق والجنس والسن، بل وحتى المزاج. لا شك أن من يذهب للحصول على الأسبرين غير الذي يزور عيادة طبيب بسبب شيء أخطر. ولا يتمثل الهدف من دراسة الباحثين للألم في فصل الأشخاص قليلي التجاوب مع مشاعر الفرح أو الترح عن الأشخاص دائمي التأوه والتأفف عند الإحساس بالألم، ولكن في فهم سبب اختلاف الألم ثم تصميم علاجات فردية تتناسب مع اعتلالات الأشخاص المتعددة المسبوقة بالألم أو المصاحبة له. الجينات تضطلع الجينات بدور كبير في تحديد إدراكنا الحسي للألم نظراً لأن مراكز الجهاز العصبي وأجزاءها تكونت جميعها بناءً على تعليمات الشفرة الجينية، والتي تختلف إلى حد ما من شخص لآخر. غير أنه عند الحديث مثلاً عن صبي في باكستان يمرر شفرة السكين الحادة على ذراعه دون الإحساس بالألم، وعن المرأة الصينية التي تختبر شدة الألم الحارقة لاحمرار الأطراف، فإننا نستحضر أمراً واحداً مشتركاً، وهو الطفرات التي قد تحدث على مستوى الجين نفسه. فهذا الجين، الذي يصطلح عليه «إس سي إن 9 إيه» والذي كان محور بحث حديث حول الألم، يحمل شفرة من نوع جزيئة تسمى قناة الصوديوم وتقع على سطح الخلايا العصبية. فعند لمس شيء حارق مثل مقلاة ساخنة، تفتح قناة الصوديوم بوابةً تسمح بمرور إشارات إلى الدماغ، الذي يترجم بدوره هذه الإشارات إلى ألم. وتعتبر قنوات الصوديوم في الجسم بمثابة حُرَّاس بوابات العديد من الإشارات من مختلف أنواع الأنسجة. وبالنسبة إلى الدكتور ستيفان ووكسمان، أستاذ علم الأعصاب في جامعة، فإن قنوات الصوديوم بالجهاز العصبي تقوم مقام البطاريات. إذ يقول «إذا رَكَّبْتَ بطارية كبيرة من نوع دي في جهاز راديو محمول يحتاج إلى بطارية من نوع إيه إيه إيه، فإنك حتماً ستحرق دارته الكهربائية أو تسبب له تشويشاً في أحسن الاحتمالات». وصار هذا الجين بالتحديد من الجينات التي قُتِلَتْ بحثاً، ولذلك تتجه الدراسات الحالية إلى التركيز على جينات إضافية. ويقول الدكتور سي جيوفري وودز، عالم جينات في جامعة كامبردج، «أعتقد أن هناك جينات أخرى لها علاقة بالإحساس بالألم، غير أن الجينات التي تؤثر على عتبة الألم منها ستكون معدودة على رؤوس الأصابع» ويضيف «أراهن على أن هذه الجينات ستُكْتَشَف جميعها خلال العامين القادمين». السن قد يكون هناك اختلاف كبير ما بين الألم في مرحلة الطفولة والألم في مرحلة الشيخوخة. وقد كان يُعتقَد إلى العقدين الأخيرين من القرن العشرين أن الرضع لا يشعرون بالألم. فكانوا لا يخضعون للتخدير في أثناء إجراء العمليات الجراحية لأن الأطباء كانوا يعتبرون ذلك غير ضروري للسيطرة على الألم من جهة، وخوفاً من التسبب في موت الرضيع في حال أُعْطِيَ جرعات زائدة من التخدير. وقد حصل انقلاب في مفاهيم المجتمع الطبي حول الألم منذ اكتشاف عدم دقة تلك الفرضية. ويقول ألان باسباوم، رئيس تحرير مجلة «ألم»، «لا يقف الأمر عند إحساس الأطفال بالألم، بل إن كثرة تعرضهم له تؤثر على إدراكهم الحسي له عندما يكبرون». وبينت دراسات حول حساسية الألم أُجْرِيَتْ على مرضى مسنين أن عتبة الألم تكون أعلى لدى كبار السن عند تعرضهم لألم بسيط، مثل السخونة ولو لفترة وجيزة. ويرجع ذلك من جهة إلى كون الأعصاب الخارجية تصبح أقل حساسية مع التقدم في السن. ويغدو المسنون مقابل ذلك أكثر حساسية وتأثراً من الآلام العضلية والمفصلية العميقة. المزاج يقول روجر فيلينجم، أستاذ طب الأسنان وعلم السلوكيات في جامعة فلوريدا، «تؤدي الإصابة بالكآبة والحزن بشكل عابر إلى زيادة عتبة الشخص عند التعرض للألم لفترة وجيزة، وذلك على الرغم من اتفاق معظم الباحثين على أن الكآبة تقلل من درجة تحمل الشخص للألم. ولا ينطبق هذا طبعاً على حالات الكآبة المرضية المزمنة، إذ إن التسبب في شعور الناس بالتعاسة عند عرض صور محزنة عليهم يزيد أيضاً من حساسيتهم للألم». ويعد ربط الألم بالمزاج خبراً سيئاً بالنسبة للأشخاص الذين يسيطر عليهم أكثر هاجس الألم، إذ ترتفع حساسيتهم للألم في المواقف التي تثير بواعث قلقهم بسبب الخوف من الإحساس بالألم. غير أن القلق العام لا يؤثر بشكل كبير على حساسية الألم. النوم ليس غريباً أن يحرمك الألم من النوم ليلاً، ويتأثر النوم بكيمياء الدماغ، على النحو نفسه الذي يتأثر به المزاج. ففي دراسة أُجْرِيَتْ في يونيو 2009 على مرضى الطنين المفصلي الصدغي، وجد باحثون من جامعة جون هوبكنز أن عتبات الألم لدى المرضى الذين يعانون من نوع من الأرق أقل بكثير من غيرهم. وفي دراسة أخرى سابقة كانت عام 2008، وجد فريق البحث والعمل نفسه أن المرضى المصابين بحروق والذين يعانون في الوقت ذاته من الأرق، يشتكون من الألم ومن استمراره فترات أطول أكثر من الذين ينامون بمجرد وضع خدهم على الوسادة. النوع والهرمونات توصل العلماء منذ العقود القليلة الماضية إلى أن إحساس الرجل بالألم يختلف عن إحساس المرأة به. ويشير البعض إلى أن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة تعود إلى أدوار النوع، وذلك باعتبار القابلية المسبقة للرجل المتصف بخشونة الطبع وقوة التحمل، والذي يقابله رهافة في الأحاسيس والمشاعر لدى الأنثى واستسلامها للألم. ويبقى للاختلافات الجنسية دور ما حتى مع كبح أدوار النوع». وقد تكون هناك أسباب بيولوجية ونفسية وراء هذه الاختلافات. فإحدى الدراسات بينت أن الهرمونات الجنسية تلعب دوراً في الإدراك الحسي للألم. كما أن دراسات أخرى عديدة أشارت إلى أن عتبات الألم ترتفع عندما تكون النساء في المراحل الأخيرة من الدورة الشهرية، وذلك حين تكون مستويات الإستروجين مرتفعة. العوامل النفسية لم يبدأ الباحثون بالكشف عن مدى تشابك العوامل البيولوجية مع النفسية إلا مؤخراً، لكن يظل للتوقعات والانتباه دور بارز في هذا المضمار. فعند الحديث عن الألم، يكون شعورك به بقدر توقعك لحجمه ويتناسب معه. وعموماً، فإن الأشخاص الذين يتوقعون إحساساً أكبر بالألم يحسون فعلاً بألم أكثر، والأشخاص الذين يتوقعون درجة أقل من الألم يحسون بألم أقل فعلاً، كما يقول فيلينجيم. عن «لوس أنجلوس تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©