الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

3 ساعات أمام ملحمة غاندي بعد ربع قرن على إنتاجه

3 ساعات أمام ملحمة غاندي بعد ربع قرن على إنتاجه
13 أكتوبر 2008 01:36
على مدى ثلاث ساعات استطاع الفيلم الملحمي الشهير ''غاندي'' الذي أخرجه ريتشارد أتنبورو أن يشد الجمهور القليل المتناثر في القاعة الكبرى من قصر المؤتمرات، حيث يقام مهرجان الشرق الأوسط الدولي للسينما، وقد جرى تقديم الفيلم ضمن محور ''أفلام خاصة''، وبمناسبة مرور خمسة وعشرين عاما على إنتاج الفيلم· الفيلم الذي يبدأ من نهاية المصير الذي لقيه غاندي على يد شاب هندي متطرف يعادي دعوة غاندي للسلام، يبدأ واقعيا من جنوب أفريقيا والحملات الكفاحية التي قادها المحامي الهندي الشاب في مواجهة عنصرية البيض والنظرة الدونية التي ينظرون بها إلى السود والهنود، والقوانين التمييزية الخطيرة التي يحكمون بها، فنرى غاندي في بدايات صعوده لقيادة هذا الكفاح· نبدأ من حيث يتعرض هو وجماعة من المؤيدين إلى حملات تعذيب شرسة وهمجية، فيطالب أنصاره بالتحمل وعدم استعمال العنف في مواجهة القمع الدموي الذي يتعرضون له، مبررا ذلك بقدرة الصبر على إقناع الجلاد بحجم الظلم الذي يرتكبه هذا الجلاد بحق البشر الذين لا يجوز التمييز بينهم لا بحسب الدين ولا العرق ولا اللون· يكتسب غاندي بعض المؤيدين، فيبدأ معارضته برفض بعض القوانين، وخصوصا قانون الجنسية، وفي تجمع كبير يقوم هو وأنصاره بحرق جوازاتهم والمطالبة بجوازات كتلك التي يملكها البيض، ويكاد يواجه الموت تحت السياط، قبل أن يتم سجنه ثم تسفيره إلى بلده الهند، وكل ذلك يصوره الفيلم على نحو شديد القسوة والواقعية، حيث يقوم الممثل البريطاني السير بن كينسلي بدور غاندي على صورة مقنعة تشد المتفرج منذ اللحظة الأولى· استخدم المخرج في بدايات الفيلم الحشود الهائلة في جنازة غاندي، ثم في المواجهات مع عسكر القوات البريطانية، ويعود الفيلم إلى التاريخ ليستخلص عددا من حكايات الصراع والمواجهات بين أصحاب الحق ومن يمنعون عنهم هذا الحق· ويستعرض المخرج حضارات سادت ثم بادت وهي تحاول الهيمنة بالقوة، في إشارة إلى ما آلت إليه الإمبراطورية التي كانت ''لا تغيب عنها الشمس'' طوال قرون· وليبين أن غاندي الذي مات جسدا ما زالت روحه وأفكاره تحلق في فضاءات الكون من حولنا، حيث إيمانه العميق بقدرة المقاومة الصامتة وغير العنيفة على أن تهزم قوى الجور والطغيان، وتحرر بلادها وشعوبها، لتذكرنا بمقاومة الشعب الفرنسي للاحتلال الألماني كما عبر عنها فيلم ''صمت البحر'' للمخرج الفرنسي ميلفيل عن رواية الكاتب فيركور· نضال غاندي ارتبط فيه الوطني بالاجتماعي والإنساني، فقد كان يناضل من أجل ''المنبوذين: أبناء الله'' من وسواهم، بقدر ما ناضل لتحرير شعبه وبلده من الاستعمار· لكن الكارثة جرت بعد جلاء الاستعمار ومع وقوع الحرب الأهلية بين المسلمين والهندوس التي وقف غاندي في مواجهتها، لكنه فشل في وقف مجازرها، وظل يدعو إلى عدم التمييز ضد المسلمين، وهو الأمر الذي استفز الكثيرين من الهندوس ضده، حتى خرج له ذلك الهندوسي المتطرف الرافض للمساواة ووقف التمييز، فدخل بين الجوع ليطلق ثلاث رصاصات أنهت حياة الرجل الأسطورة: غاندي· قدم المخرج هذا التاريخ الحافل من سيرة غاندي وارتباطاته وأعماقه ضمن لغة سينمائية متميز، سواء على صعيد ضخامة المادة المستخدمة، والتقنيات وعمليات التصوير المتقدمة، وكذلك في استخدام المؤثرات الصوتية والمقطوعات الموسيقية المؤثرة· ذلك كله جعل من الفيلم عملا من الأعمال المهمة في تاريخ السينما العالمية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©