الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لوبرانس سبق الاخوة لومير في اكتشاف السينما

لوبرانس سبق الاخوة لومير في اكتشاف السينما
13 أكتوبر 2008 01:37
ضمن برنامج نشاطات مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي الذي تقيمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في قصر الإمارات في أبوظبي للفترة من 10 إلى 19 أكتوبر الجاري اقيمت في قاعة المحاضرات فعالية ''لقاءات أبوظبي'' استضافت المترجم المصري محمد هاشم عبدالسلام ليتحدث عن كتاب ''الفصل المفقود في تاريخ السينما'' للباحث السينمائي كريستوفر رولينس وهو واحد من الإصدارات الأربعة للمهرجان بحضور عدد من المترجمين والسينمائيين ونقاد السينما والصحفيين والمهتمين بتاريخ الفن السابع· أشار محمد هاشم إلى أن الكتاب يروي القضية غير المعروفة لمخترع السينما المفقود الفرنسي ''لويس ايم اوجستين لوبرانس'' الذي حمل الجنسية الأميركية والذي عمل وتزوج في انجلترا والذي قدم للعالم أول منجز في هذا الفن وهو أول كاميرا فعلية ذات عدسة واحدة للصورة المتحركة· السبق قال المترجم محمد هاشم إن ''لوبرانس'' استبق ''اديسون'' و''الاخوة لومير'' في هذا الاكتشاف إلا أن ما يحيط باختراعه هذا من غموض وبحياته الشخصية ايضاً ما يجعل التنقيب عنها شيئاً مهماً· وأكد أن ما لفت نظرة أن ''لوبرانس'' لم يعط حقه في عالم السينما وربما تدور الشكوك - بحسب الكثير من الوقائع - والشبهات على أن قتله أو اختفاءه في باريس كان مدبراً أسهم فيه اديسون للحصول على مخترعاته· يخصص الكتاب جزءاً كبيراً من سرده عن توماس اديسون، وانه لم يكن المخترع الوحيد، بل كان يمتلك فريق عمل يشرف عليه اديسون شخصياً إلا أن ما يتوصل إليه فريق عمله من المخترعين الأذكياء كان ينسبه الى نفسه شخصياً· الكتاب محاولة بحثية دقيقة ممزوجة بسرد روائي عن حياة شخص مثل ''لوبرانس'' الذي واجه مطبات كثيرة في حياته، وربما يعد نمطاً من أنماط الكتابة يدعى بـ''السيرواية''، أي السيرة الممزوجة بالسرد الروائي، في إطار من التشويق والغموض في فك الحبكة بالتتابع عقدة وراء اخرى حتى نصل إلى أجيال لاحقة تحاول سبر غور ما حصل لهذا المخترع السينمائي المهم· امتلك اديسون جيشاً من الصحفيين والمترجمين الذين كانوا يطلعونه دائماً على ما اخترع في العالم الغربي، ولم يكن مهتماً بفن التصوير إذ هو يرى أن السينما ذات منطق تجاري، إذ لم تكن الكاميرا ضمن أولوياته فكيف تسنى له أن يسجل اختراع الكاميرا ذي العدسة الواحدة بعد موت أو اختفاء لوبرانس· قبل ''اديسون'' و''الاخوين لومير'' بسبع سنوات ظهر ''لوبرانس'' ثم اختفى من القطار الذي استقله عام ،1891 تلك باختصار رقصة هذا الرجل الذي نسيه التاريخ وكتاب ومؤرخو السينما شرقاً وغرباً فأسقطوه من حساباتهم سواء عن جهل به أو ربما غير ذلك، فنادراً ما ذكر اسمه، وأن حدث فعلى استحياء· في السنوات الأخيرة من القرن الماضي اعيد اكتشاف لوبرانس مرة ثانية وبدأت الكتب التي تتناول البدايات التاريخية لهذا الفن تضع الأمور في نصابها وتسقط الضوء على إنجازاته وتصحح ما بات راسخاً في بطون الكتب· في كتاب ''تاريخ السينما'' 1967 لمؤلفه ''جان ميتري'' يؤكد انتحار لوبرانس بسبب إفلاسه وديونه المتراكمة ولمح آخرون الى علاقة غير طبيعية وشاذة قادته إلى الموت قتلاً أو انتحاراً أو اختفاءً، إلا أن نظرية ''ميتري'' التي تتمحور حول لوبرانس تفترض مساهمة شقيقه أو ضلوعه في اختفاء هذا العالم بسبب المال متسائلاً ''ميتري'' عن سبب تلكوء ''البير'' شقيق لوبرانس في إبلاغ الشرطة عن اختفاء أخيه قبل أن يتأخر الأمر كثيراً· السيرة من هو ''لوبرانس'' ذلك ما يجيب عنه كتاب ''الفصل المفقود'' لكريستوفر رولينس فيسرد إجابته ضمن نمط سيري يتعالق مع فن الرواية من زاوية نظر منتقاة بدقة وتعدد وجوه الروي ''السرد'' للحادثة الواحدة من عدة أوجه، بما يسمى بالسرد الناسخ الذي يستخدم في المحاكم حيث ينقض المتهم أو الشاهد شهادته السابقة بأخرى غيرها أو شهادة آخر من زاوية أخرى· ولد لوبرانس في الثامن والعشرين من أغسطس عام 1841 في ''ميتز'' الفرنسية لعائلة عسكرية ميسورة الحال، تزوج من ابنة رجل الصناعات المعدنية الثري في ''ليدز'' ''جوزيف ويتلي'' حيث كان ''جون ويتلي'' شقيق زوجته صديقه الشخصي ثم هاجر إلى أميركا مع زوجته· دخل في أميركا بعدة مشاريع غير ناجحة، انتهى به الأمر إلى العمل في الإشراف على تنفيذ ''البانورامات'' خاصة تلك ذات المشاهد الكبيرة التي تعرض مناظر طبيعية ومعارك حربية أمام الجمهور وقد ألهمه العمل في البانوراما فكرة جعل الصور متحركة، أو بالأحرى بعث الحياة في الصورة وجعلها مجسمة بارزة· يقول محمد هاشم في محاضرته عن هذا الكتاب إن لوبرانس سرعان ما اقتنع بعد اطلاعه على المال ''مايبريدج'' بضرورة عرض الصور على الشاشة بسرعة كبيرة وإن دور ''البانوراما'' و''الزوبر اكسيسكوب'' و''الفانوس السحري'' وغيرها من الآلات والألعاب البصرية قد انتهى، ولابد من العمل على إنجاز شيء أكثر تطوراً بهدف امتاع الجماهير والترفيه عنهم، وبذلك بدأ ''لوبرانس'' بتصميم الكاميرا التي تعمل على التقاط صور متحركة وأخرى تقوم بعرضها· وجاء عام 1889 ليتمكن ''لوبرانس'' من بناء كاميرا سينمائية ناجحة ذات عدسة واحدة مبنية على آلية التقطيع التي تعمل على تقدم وتوقف الفيلم عن طريق مجموعة من التروس والدرفات التي تفتح وتغلق أمام العدسة وهذه كلها في الأساس هي الآلية التي تقوم عليها التقنية المستخدمة في الكاميرا حتى اليوم وتمكن بواسطتها من التقاط ثلاثة أفلام متباينة الطول ومتعددة الاطارات· تبقت أمام ''لوبرانس'' مشكلة مهمة وهي تطوير جهاز العرض الذي صادفته مشاكل كثيرة معه بحيث أخذ يعمل على نحو متقن ومرضٍ مثل الكاميرا· المتاعب كانت حاجة لوبرانس للمال لاستكمال تجاربه بدت معوقة له، فتوجه إلى شقيقه البير في ''ايجون'' للحصول على وعد منه بتدبير أمر المال اللازم بسرعة ووعده شقيقه بدفعة كبيرة من ميراث والدته، وبعدما شعر بالارتياح لهذا استقل القطار من ايجور إلى باريس في السادس من سبتمبر ،1890 وكان في خطته التوجه بعد ذلك إلى ''ليدز'' لأخذ المعدات، ثم الإبحار إلى أميركا لتدشين العرض الأول للجهاز· وصل القطار إلى وجهته بالفعل لكن اوجستين لوبرانس لم يكن على متنه، فقد اختفى تماماً دون أي أثر له أو لجثته أو لحقيبة سفره وما بها من أوراق هامة تتعلق بعضها بما توصل إليه من اكتشافات بحثت عنه زوجته بعد شهر من اختفائه وتم تكليف مخبرين من ثلاث دول لاقتفاء أثره وبعد رحلة بحث مثيرة مليئة بالأحداث الغريبة والمفاجآت توقف البحث· يقول محمد هاشم المترجم إن ''كريستوفر'' في كتابه هذا لم يصرح بمن كان وراء اختفاء ''لوبرانس'' ولم يتبن وجهة نظر أسرته في خصوص هذا الموضوع وبخاصة وجهة نظر ''ليزي'' زوجة لوبرانس ولا بمن كان السبب في انتحار أو قتل ابنه ''ادولف'' بعد ذلك إلا أنه عرض بوضوح وشفافية وحياد للمنافسة غير الشريفة واللااخلاقية لـ''توماس الفا اديسون'' ساحر ''فيلوبارك'' الذي لم تكن لديه فكرة جيدة ولا حتى اقتناع بالصور المتحركة وكيف أن موظفه الموهوب ''ويليام دكسون'' هو من أفلح في إقناعه بالأمر وإدخاله هذا المجال الذي راح اديسون يقاتل فيه بشراسة وبكل الأساليب المشروعة وغير المشروعة إلى أن أحكم قبضته على الصناعة الوليدة وصارت له اليد الطولى فيها وكيف نسب لنفسه في النهاية اختراع الكاميرا السينمائية· تأخر لوبرانس بتسجيل براءة اختراعه تلك ضيعت عليه حياته وحقه التاريخي فطمس اسمه، إذ كانت مجموعة من العوامل والظروف ضده، حتى ''ادولف'' الابن عجز في النهاية عندما سنحت له الفرصة لتأكيد اسبقية والده في عرض الكاميرا الحقيقية التي كانت في حوزته بالفعل، وكيف انه اكتفى بعرض الشرائح الفلمية المصورة· ولد مؤلف الكتاب كريستوفر رولينس 1945 ودرس في معهد كورتولد للفن وقام لاحقاً بتدريس تاريخ الفن في جامعة كوليبدج في لندن، ساهم في تأسيس مسرح السلم الأحمر جماعة المسرح السياسي التي قام بالتمثيل فيها والكتابة والإخراج لها، منذ عام 1980 وهو يكتب ويخرج للتلفزيون ومن بين أفلامه الأخيرة ''الرجل الذي ظن زوجته قبعة'' و''الفصل المفقود''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©