الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الرحى» تطحن الحبوب على أنغام الأهازيج

«الرحى» تطحن الحبوب على أنغام الأهازيج
30 ابريل 2012
هناء الحمادي (أبوظبي) - بسبب التكنولوجيا الحديثة اختفت أدوات تراثية كانت تحتل مكانها في زوايا بيوت الأجداد لتحل محلها آلات الكهرباء بمختلف أنواعها، ومن تلك الأدوات المنقرضة “الرحى الحجرية” فبعدما كانت في كل بيت لم يبق فيها سوى ما ندر في بعض القرى النائية. وهذه الآلة تعتبر من الأدوات المهمة أيام زمان، حيث كانت النساء يعتمدن عليها في جرش الحبوب وطحنها، وتصنع من حجارة صلبة من نوع خاص، ولها صناعها المتخصصون، وتتكون من دفتين سفلية وعلوية لا يوجد بينهما حاجز ويثبت في وسط الدفة السفلى مسمار من الحديد يدخل في فتحة دائرية بقطر خمسة سنتيمترات تقريباً بالدفة العلوية التي تثبت بها قطعتان من الخشب على جانبي المسمار. إلى ذلك، يقول الباحث سلطان بن غفان إن الرحى تلك الآلة البدائية التي كانت جداتنا أثناء طحن الغلال يرددن بعض الأهازيج التي من شأنها أن تخفف عنهن عناء العمل، وعادة ما تحمل هذه الأهازيج إشارات معينة نحو موضوع ما. ولا تستطيع امرأة واحدة تحريك الرحى الكبيرة بمفردها نظرا لثقلها. ولكن عادة ما تتعاون عليها امرأتان في طحن الحبوب، ونظرا لجلوس المرأة فترة طويلة مع هذه الأداة قد توطدت علاقة قوية بين المرأة والرحى فالمرأة تحكي لها ما بها من أحاسيس وشجون. ويضيف “تختلف الأهازيج من أداء فردي من قبل امرأة واحدة، إلى أداء جماعي تشترك فيه عدة نساء كما تختلف أنواع الأهازيج، فمنها ما يشبه “غناوة العلم” ومنها ما هو قصيدة من عدة أبيات وتسمى أهازيج في تراثنا الشعبي بـ”المهاجاة” أي المحاكاة بين المرأة والرحى”. حول مكونات الرحى، يقول غفان “تتكون الرحى من حجرين مستديرين بقطر يبلغ نحو 50 سم، يكون السفليّ منهما ثابتاً غير متحرك وبه ثقب ضيّق واحد في وسطه يسمح بمرور محور خشبي أو معدني يُثبت في وسطه ويسمى “قطب الرحى”، أما العلوي فهو الجزء المتحرك والذي يؤدي دورانه إلى طحن الحبوب وجرشها، وبه ثقب كبير نسبياً في وسطه يسمح بدخول الحبوب، وثقب صغير آخر في طرفه يوضع فيه المقبض الخشبي الذي نحرك به حجر الرحى بينما “الفراشة” هي قطعة خشبية مستطيلة كفراشة المغزل بها ثقب في وسطها تستعمل لمسك المحور الخشبي أو الحديدي وتثبيته حتى لا يتزحزح، وتثبت الفراشة في فتحة الحجر العلوي من الرحى. بينما الهادي هي خشبة على شكل عصا صغيرة تحدد وتدخل وتثبت في الثقب الجانبي لتكون المقبض الذي نُدير به حجر الرحى العلويّ، و”القُطب” هو المحور الخشبي أو المعدني الذي تدور حوله الرَّحَى، أما “الُلهوة”هي الحفنة الصغيرة من الحبوب التي توضع في داخل ثقب الرحى لطحنها، بينما “الثفال” هو عبارة عن قطعة منسوجة من صوف الغنم وشعر الماعز، وتبسط تحت الرحى ليسقط عليها الدقيق والحب المجروش، ويمكن التحكم بدرجة نعومة الحبوب بما يناسب الأكلة الشعبية التي تصنع منها كالهريس أو العصيدة أو الخبيص، مشيرا غفان إلى أن عمل الرحى انتهى ولم يعد له أي خدمة؛ فالمطاحن الحديثة قد غلبت عليه بالسرعة والراحة، حيث كنا في الماضي نعاني من إعداد الطحن. وقال غفان “ليست كل عائلة لديها رحَى فقد كانت النساء يستعرنَ الرحى من بعضهن البعض ثم يرجعنها بعد الانتهاء منها، ونظرا لثقلها وصعوبة حملها على الرأس فقد كانت المرأة تعمل لنفسها “حَوِيّة” وتضعها على رأسها ومن ثم تحمل الرَّحَى فوقها، والحوية عبارة عن قطعة من القماش تطوى وتلف على شكلٍ لولبي ومستدير وتوضع فوق الرأس، ثم توضع الرحى فوقها على رأس المرأة، وبذلك يمنع احتكاك حجر الرحى بجلدة الرأس ويحول دون إصابة رأس المرأة بالأذى. ولا يقتصر استعمال الحوية على حمل الرحى وحسب، بل تستعمل أيضاً عند حمل جرار الماء من البئر، أو حمل “حزمات” الحطب أو غيرها من الأشياء الثقيلة”. مشيرا إلى أن “لا يقتصر استعمال الرحى على عمل الدقيق فقط، بل يمكن أن يجرش عليها القمح، وكذلك يجرش عليها حَبّ العدس البلدي ليعمل منه عدساً مجروشاً يصنع منه طعاماً مختلفاً ويعتبر من ألذ الأطعمة وأشهاها”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©