«صوتنا» قناة إلكترونية تتبنى قضايا المعاقين في مصر

محمد عبدالحميد (القاهرة) - ظهرت مؤخراً قناة إعلامية، تدعى «صوتنا»، تتخذ من شبكة الإنترنت وسيلة لبث برامجها للجمهور ونشر أفكارها التي تتمحور حول قضايا المعاقين في مصر وتغيير الصورة السلبية التي يتعامل بها البعض معهم، لا سيما فيما يتعلق بالحقوق والواجبات، من خلال سلسلة من برامج الفيديو يتم عرضها يومياً من خلال موقع www.kanatsotna.tk. 20 متطوعاً التف حول «صوتنا» متابعون وصل عددهم لنحو 100 ألف مشاهد يومياً، وكان لافتاً أن القناة ليس لها مقر ثابت في القاهرة كبقية القنوات الإعلامية والإذاعات التي انتشرت في الفترة الأخيرة، ولكنها تبث برامجها من مدينة المحلة الكبرى بدلتا مصر، ويتولى إدارتها اثنان من المعاقين، هما يوسف مسعد يوسف وصديقه رامز عباس، ويعتمدان على حاسوب محمول لا يفارقهما أبداً لإدارة القناة، ويقدمان البرامج ويعملان أيضاً إلى جانب إدارتهما للقناة كمراسلين لها من مواقع الأحداث المختلفة التي تشهدها مصر، فيتغلبون على الإعاقة والتنقل هنا وهناك بوسائل شتى، إلى جانب متعاونين آخرين، حيث يعمل في القناة نحو 20 متطوعاً من الجنسين تتراوح أعمارهم بين العشرين والخمسين، وتتراوح إعاقتهم بين الشلل والسمع والبصر والنطق، وكل منهم يتعاون ويسهم في حدود قدرته، حيث يعد العاملون في القناة المواد الإذاعية من حوارات وريبورتاجات وغيرها من بيوتهم بواسطة ما بحوزتهم من إمكانات بسيطة، مثل كاميرا الموبايل أو الكاميرات الأخرى الرقمية، حيث يحول ضعف الإمكانات المادية دون استئجار معدات حديثة لأنها مكلفة، ويجري تحميل المواد على الموقع الإلكتروني الخاص بالقناة، حيث يتولى مسعد بثها على الموقع، وتبث القناة برامج تتميز بتنوع وثراء، مستعينة بخبراء في المجالات كافة، لمناقشة أبعاد المشكلة أو القضية التي تتصدى لها. شرارة البداية بدأت حكاية خروج تلك القناة الإلكترونية إلى النور قبل بضعة أشهر بفكرة شاب معاق يدعى رامز عباس درس الحقوق بجامعة القاهرة، وعشق العمل الإعلامي منذ صغره، فحكى كيف تعاون مع صديقه يوسف مسعد الحاصل على بكالوريوس تجارة، وهو معاق في القدمين ويستعين بكرسي متحرك بالبطارية، وكيف تحمس يوسف مسعد للفكرة وأنفق عليها مادياً رغم إمكاناته المحدودة، فسعى إلى خروج تلك القناة إلى النور. إلى ذلك، قال عباس «منذ فترة ونحن نهتم بمشاكل المعاقين من حولنا، وفي ذات يوم وفي أثناء اعتصام مجموعة من المعاقين لمطالبة المسؤولين بحقوقهم في العمل وفقاً لنسبة 5 في المائة التي نص عليها القانون، طلبت من يوسف أن يصور هذا الاحتجاج بالفيديو ويضعه على شبكه الإنترنت في صفحته بموقع «فيسبوك» وعلى «يوتيوب» أيضاً لكي يكون هذا الفيديو رسالة لكل صاحب ضمير حي بأن في مصر معاقين لهم حقوق، ويعانون مشاكل جمة، ولقي الفيديو وقت عرضه إقبالاً كبيراً من جمهور الإنترنت». وأكد أن العاملين في القناة لا يتقاضون أجراً، بل يعملون بشكل تطوعي لاقتناعهم بالفكرة ولانعدام الموارد المالية، فلا يوجد مقر أو ستديو دائم، ويعتمد نظام العمل على شقة صغيرة المساحة في مدينة المحلة يملكها عباس، مكونة من حجرتين وصالة، بها جهاز لاب توب، ويتم استخدامها كمقر للقناة والعمل يتم من خلال قيام كل مذيع أو مراسل للقناة في أي مكان بمصر بالعمل من منازلهم وإرسال المواد إلى يوسف مسعد عبر الإيميل أو بأي من وسائل التواصل مثل البريد العادي، ثم يقوم يوسف بتركيبها وتحميلها على موقع الإنترنت في مواعيد البث اليومية، كما يعتمدون في الاتصالات مع الجمهور على الرسائل الإلكترونية وموقع القناة على «فيس بوك». استثمار التكنولوجيا قال مسعد وهو شاعر وقاص «بدأنا الفكرة سوياً لإنشاء قناة «صوتنا» من مدينة المحلة الكبرى مقر إقامتنا، حيث كانت حلقة هؤلاء معنا تحمل كل مقومات البرنامج التلفزيوني الناجح، من تصوير جيد بكاميرا الموبايل، واستعانة بضيوف لمناقشة تلك القضية، منهم حمدي حسين مدير مركز آفاق للصم والبكم، والفنان التشكيلي حسين راشد رئيس الاتحاد العربي للإعلام الإلكتروني، وبعدها اختمرت في أدمغتنا فكرة أن نستمر في التعبير عن مشاكل وقضايا المعاقين، ونستثمر الإمكانات الهائلة التي توفرها شبكة الإنترنت وتكنولوجيا الهواتف المحمولة في التصوير، لا سيما أن إمكاناتنا المادية محدودة للغاية، فقمنا بمساعدة الأصدقاء ممن لهم خبرة بالإنترنت في إعداد موقع القناة على الشبكة، وتقسيم برامج القناة وجعلها متنوعة لا تقتصر فقط على الشكاوى، وإنما تشمل كل ما يحتاج إليه المعاقون، حيث تقدم القناة باقة من البرامج هي: أغانينا والرياضة مع سامية وبرلمانيات وبنحبك يا مصر وتقارير حوار من القلب وشاور لي شكراً ومقالات وآراء ومنوعات ونبض الشارع وهؤلاء معنا». وقال عباس «فوجئنا بإقبال كبير من الناس، سواء المعاقين والأسوياء على موقع القناة من محافظات مصر كافة، بعضهم أبدى الرغبة في التعاون مع القناة كمراسلين بلا أجر وأمدنا بما يدور من أحداث تتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة». وأكد عباس أن حجم الإقبال الجماهيري على مشاهدة برامج القناة يتزايد ووصل الآن إلى نحو 100 ألف زائر، لأن برامج القناة تترك أثراً إيجابياً لدى المشاهد، فيسعى إلى أخبار من حوله بها وبالتالي يتزايد عدد مشاهديها يومياً. وعن طموحاته، كشف عباس أنه يرغب في تحويل الفكرة إلى محطة تلفزيونية بالجهود الذاتية من المعاقين، وينتظر أن تسمح لهم الظروف الاقتصادية بذلك، سواء عن طريق إقبال المعلنين على القناة أو بتبرعات المحبين للخير والمؤمنين بالهدف، وقد رفض أكثر من عرض من رجال أعمال وأصحاب انتماءات سياسية لمساعدة القناة في الحصول على إشارة بث فضائي وحجز ستديو بمدينة الإنتاج الإعلامي بالسادس من أكتوبر، لأن القناة توجه في تلك الحالة لخدمة الممول ما يبتعد بها عن الهدف الذي كافح وتبرع بكل ماله من أجله.