الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعليم العالي: الجمود والاختراق

30 ابريل 2012
إذا كان صحيحاً أن الدول العربية خصصت 20 في المائة من نفقاتها الحكومية للتعليم العالي خلال الـ40 سنة الماضية، فهذا يعني أنها أنفقت مئات المليارات لا يدخل فيها مئات المليارات الأخرى التي تدفع للجامعات الخاصة، وعلى سبيل المثال كشف التقرير السنوي لمناخ الاستثمار لعام 2008، الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، عن أن عدد الجامعات في الدول العربية ارتفع بمقدار 152 جامعة من 233 جامعة عام 2003 إلى 385 جامعة عام 2008، كما قفز عدد الجامعات الخاصة خلال الفترة نفسها بمقدار 115 جامعة، أي بما يمثل 4.4 مرة عدد الجامعات الخاصة عام 1993، ليتساوى عددها مع عدد الجامعات الحكومية في الدول العربية. فما مقدار استفادة مجتمعاتنا من إنفاق هذه الثروات الطائلة؟ المؤشرات أكثر من أن تعد، ودائما على لسان المنظمات العربية الرسمية. المؤسسة نفسها أكدت أنه رغم هذا الارتفاع في عدد الجامعات، إلا أن فعالية نظام التعليم العالي العربي ما زالت محدودة لقائمة طويلة من الأسباب نختار منها أهمها مثل ارتفاع الرسوم الدراسية إلى مستويات باهظة في الجامعات الخاصة، وهجرة العقول العربية إلى الخارج، وضعف مستوى محتويات المكتبات الجامعية، وأخطاء في أساليب القبول بالتعليم العالي، وفي تقييم الدارسين وأنظمة الاختبارات، وتدني مستوى الإنفاق على البحث العلمي، وتراجع مستوى الأساتذة والمادة التعليمية، وتدني مستوى الحرية الأكاديمية للأساتذة، وتراجع جودة ما يقدم من برامج وغياب نظام محاسبة المسؤولية عن جودة التعليم، إضافة إلى عدم توافق بعض المخرجات مع احتياجات سوق العمل واحتياجات المشاركة في خطط التنمية. هذا الواقع المؤلم لم يتصدَ له بعد مباهاة بعض الدول والجامعات بالشراكات مع مئات الجامعات الأجنبية، بما فيها المصنفة «أولى» عالمياً. دائما أتساءل لماذا لم تحدث هذه الشراكات بعد خروقات حضارية وتجبر خاطرنا ببعض الإنجازات التي نرفع بها رأسنا أمام جامعات العالم؟ يبدو لي أحيانا أننا لا زلنا ندور في دائرة مفرغة أو فارغة، لا فرق، فالخروقات تكاد تقتصر على تسرب العباقرة العرب إلى المنشآت الأجنبية، بينما تخرج جامعاتنا مئات آلاف البكائيين والموظفين والكتبة والاتكاليين واليائسين وقلما تخرج مبدعين. إلا إذا اختاروا كسر قيود المكان والزمان بالهجرة. هذه التساؤلات يجب ألا تغيب لحظة عن بالنا. فثمة معادلة مريرة تواجهنا. فلو قسنا حجم الإنفاق طيلة الأربعين سنة على حجم الخريجين «المنتجين» في التعليم العالي، وميّزنا هؤلاء عن العدد الإجمالي لحملة الشهادات لبانت لنا الكوارث. المرارة الأكبر تتمثل في النتيجة التي وصل إليها بعض الشباب الذي يصر على الإبداع رغم البيئة المحبطة حوله فترى المئات منهم يكافحون ويحصلون على براءات الاختراع، لكنهم سرعان ما يصطدمون بالحائط أو يختارون التوجه نحو ملجأ علمي خارجي يقدر طاقاتهم. لست من المؤمنين بأن نقص الأموال هو السبب وإلا لما كان الإنفاق الحكومي على التعليم العالي قد بلغ أرقاما فلكيا، ولما تكلف الأثرياء عشرات آلاف الدولارات على أبنائهم في بعض الجامعات الخاصة. وعليه لا يبقى من الحول الممكنة التي لم يجربها التعليم العالي العربي بعد فيأتي سوى خيارات قليلة للغاية في مقدمتها حرية التفكير وبيئة الابتكار. فمتى يقتنعون؟ barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©