الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدراسة في أبوظبي تبهر أوروبيات السوربون

الدراسة في أبوظبي تبهر أوروبيات السوربون
21 يناير 2010 20:54
من فرنسا وايطاليا إلى أبوظبي، رحلة للدراسة في جامعة السوربون في أبوظبي، اختبرتها ثلاث طالبات، فاكتشفن الفرق بين الصورة النمطية والحياة الواقعية. تغيرت بعض عاداتهن واستجدت عليهن عادات أخرى، توسعت الآفاق لديهنّ في التعرف إلى زميلات لهنّ من مختلف بلدان العالم، ومن الإمارات، فعرفن المشترك والمختلف... ومن كانت تتوجس من ابتعادها عن محيطها وأهلها، وجدت أن ثمة الكثير في الدنيا لاكتشافه والإطلاع عليه في الغنى الثقافي المتنوع الذي أتيح لها في أبوظبي من دون سواها. ديليتا جويدي (تدرس علم الآثار وتاريخ الفن)، قدمت من ايطاليا وهي كانت قد بدأت دراستها في جامعة السوربون في باريس، ولورا سوريت (تدرس الأدب الفرنسي الحديث) فرنسية هربت من أجواء الإضرابات التي امتدت من نهاية ديسمبر إلى نهاية مايو العام الماضي وأثرت سلبا على متابعتها الدراسة، وحسناء بانقي (تدرس اللغات الأجنبية التطبيقية) وهي فرنسية غير متحدرة من أصول عربية، كما تشير، ولكن كونها مسلمة أحبت المجيء والدراسة في بلد عربي، وهي المنجذبة إلى الثقافة الشرقية أكثر من انجذابها إلى مثيلتها الغربية. ردة الفعل الأولى ديليتا جويدي التي جاءت بمنحة اختارت الإقامة لفصلين دراسيين (سنة كاملة)، تتحدث عن انطباعها الأول لدى وصولها إلى مطار أبوظبي، وتقول بصراحة ملفتة “رأيت الكثير من النساء المنقبات والمحجبات، وكنت أسمع عن الحجاب في فرنسا، ولكن من النادر جدا أن أراه في فرنسا أو في ايطاليا. فشعرت بالصدمة لتغير الصورة تماماً بين باريس وأبوظبي. وسرعان ما اتضحت لي الرؤية بعد أن دخلت المدينة وبدأت حياتي الجامعية فيها، لا بل بت متعودة على أن أبوظبي تتيح لي رؤية تنوع وتعدد هائل في العادات والتقاليد والأديان المتعايشة مع بعضها البعض، وتوصلت الى معاينة مفهوم “العادة” لدى كل شخص، إذ أنني حين زرت فرنسا وايطاليا في العطلة رحت أبحث لأرى امرأة محجبة. اكتشفت أن المظاهر قد تكون مضللة في البداية، لأن ما وجدته لاحقاً في مدينة أبوظبي يناقض الانطباع الذي كوّنته للوهلة الأولى لدى وصولي إلى المطار”. وتضيف: “سرعان ما التقيت بلورا وأصبحنا صديقتين نعيش في مبنى منامة الجامعة. شعرت بالسعادة وبدأت أرى الكثير من الجوانب الإيجابية لإقامتي هنا، فقد التقيت بعدد هائل من الفتيات من جنسيات وثقافات ولغات وأديان متعددة، وهي فرصة لا تتاح لأي كان بسهولة في أماكن أخرى من العالم، إذ تعرفت على فتيات قدمن للدراسة في السوربون في أبوظبي من لبنان وسوريا والعراق، ولفتني التعرف إلى فتاة عراقية لأنني لم يصدف أن تعرفت إلى أي أحد من العراق. بدأت اكتشف هذا البلد الجديد نسبياً الذي ينظم أموره من أجل أن يكون مركزاً فنياً عالمياً، فقد لفتني التعاقد مع متحف اللوفر الفرنسي واستقدام أعمال فنية عالمية وعرضها، كما أتيح لي الاطلاع على الفن الخليجي المعاصر ووجدت أن هذا البلد يولي الآثار التي يكتشفها الكثير من الاهتمام، وهو بالفعل مؤهل في المستقبل كي يصبح مركزا فنيا عالميا للفن المعاصر. فمع افتقاد فن العصور القديمة والعصور الوسطى، فإن ما يقدمه هذا البلد من فن معاصر خليجي هو شيء مميز بالنسبة لاختصاصي وغير متاح لي في اوروبا”. لعبة الفيديو لورا سوريت أتت إلى الإمارات بسبب الإضرابات إذ راحت تبحث عن فرصة لمتابعة تعليمها في الخارج، ورأت أن الفرصة متاحة في أبوظبي، فتقدمت بطلب للحصول على المنحة ونالتها، وكانت الحل المثالي والوحيد بالنسبة إليها، ما دفعها خلال عطلة الصيف لأن تشعر ببعض الندم لقرارها السفر، وتخوفت من فكرة القدوم إلى بلد جديد لا تعرف عنه شيئاً، بعيدا عن الأهل والأصدقاء. وتقول: “قلت لنفسي أن بوسعي الرجوع إلى فرنسا إذا لم يعجبني الأمر”. وبدل العودة إلى فرنسا جدّدت لورا إقامتها لتمتد إلى فصلين عوضاً عن فصل واحد، وقد ساعدها على ذلك تعرفها إلى ديليتا وأسباب أخرى متنوعة. للوهلة الأولى، ولأنها قدمت خلال فترة الحرّ، شعرت لورا أنها تدخل “لعبة فيديو” لاضطرارها التواجد دائماً في أماكن مقفلة من أجل التبريد... وشكل لها ذلك صدمة لاختلاف كبير واجهته بين حياتها في باريس وتلك في أبوظبي. أما ما دفعها لتمديد إقامتها، فيعود إلى بدء تعرفها إلى مدينة أبوظبي واكتشاف الايجابيات فيها، وتقول: “في باريس كنت وحيدة لأنه بعد الجامعة يعود الجميع إلى منازلهم ولا حياة اجتماعية بالمقارنة مع العيش في أبوظبي، فنحن ندرس هنا، ومن ثم نبقى في الجامعة ونتبادل أطراف الحديث ونخرج معا إلى المقاهي وربما نقوم بمشاريع سياحية مع بعضنا البعض خلال عطل الأسبوع، وكان أن تعرفت على فتيات من جنسيات متعددة، ومنهن الإماراتيات القادمات من دبي وإمارات أخرى للدراسة في السوربون، وهنّ يقمن معنا في منامة الجامعة. كما شعرت أن الحياة في أبوظبي مريحة وسهلة بالمقارنة مع الحياة في باريس حيث تشعرين دوماً بالضغط”. وتضيف: “لمست كم تتمتع الثقافة العربية بجانب كبير من الكرم الذي يغنيك على صعيد التبادل الثقافي. وقد ساعدني للتقرب من الفتيات اطلاعهنّ على الثقافة الغربية، في حين أنني لم أكن أعرف شيئا عن الثقافة العربية، ووجدت أن لا اختلافات بيننا إلا فيما يخص بعض التفاصيل الصغيرة التي نراها كغربيين عادية وليست جديرة بالاهتمام فيما تشكل بالنسبة إليهنّ موضوعاً للبحث”. حبّ لورا للحياة الاجتماعية جعلها مدمنة مقاهي تقريباً، إذ تقول: “عشقت الذهاب إلى المقاهي وتعلّقت بالشيشة، ومن دون شك سوف آخذ معي إلى فرنسا حين أعود شيشة لأنني لن أجدها هناك”. موعد مع الحلم حسناء بانقي باسمها العربي، هي مسلمة فرنسية جاءت بملء إرادتها وعلى حسابها الخاص لرغبتها وحلمها في التواجد في بلد عربي. كانت قد زارت سابقا دبي كما تجولت بين سوريا ولبنان والأردن والمغرب ومصر. تقول حسناء: “القدوم والعيش في أبوظبي تجربة جديدة بالنسبة إليّ وحين وطأت أرض المطار شعرت منذ البداية أنني أدخل إلى منزلي، فما شكل صدمة للبعض لعدم التعوّد ومن ثم اكتشاف وتقدير للنواحي الإيجابية، لم يحصل معي شخصياً، لأن العيش في الإمارات يشبه كثيراً عيشي في منزلي في فرنسا، ومنزلي بات أوسع. لطالما اهتممت بالدول العربية لذا كان المجيء إلى هنا خيارا اتخذته بنفسي بعد أن سمعت عن السوربون في أبوظبي من صديقتي التي أتت قبلي ودرست هنا”. أحبت حسناء الحياة الاجتماعية في الإمارات إذ أنها ترافق صديقاتها إلى المقاهي وتلتقي بعدد من الفتيات من جنسيات مختلفة ومنهن المواطنات اللواتي يطلعنها على تقاليدهن وعاداتهن”. وتشير إلى أنها كوّنت صداقات كثيرة مع فتيات إماراتيات وفتيات قدمن من لبنان وسوريا، وكلهن طالبات في السوربون. الاجتهاد والمثابرة... وأوقات الفراغ اتفقت الفتيات الثلاث، ديليتا ولورا وحسناء على أن الدراسة في جامعة السوربون في أبوظبي، أتاحت لهن التركيز أكثر على دراستهن، لأن الصفوف لا تضم إلا نحو عشرين طالباً، على عكس السوربون في باريس حيث قد يتجاوز الحضور في الصف الواحد الثلاثمئة شخص ما يبعد التفاعل المثمر بين الطالب وأستاذه، ويضيع ربما فيها الطالب بين هذا الكم الهائل من الطلاب. ويصبح من السهل التسرب الجامعي أو عدم الاعتناء بالفروض والواجبات الدراسية. هذا ما أحبته ديليتا ودفعها للاجتهاد أكثر، لا بل إن مكانها المفضل الذي تمضي فيه معظم أوقاتها هو مكتبة الجامعة. وتشير إلى أنه بات متاحا أمامها مناقشة فروضها بشكل مباشر مع أساتذتها وتلقي الملاحظات عليهم. وهي إذ بدأت تتعلّم العربية وتكتب اسمها واسم عائلتها بالعربية، تشعر أنها لا زالت مبتدئة وأمامها الكثير لتتعلّمه. أما حسناء فتقول: “حالياً أنا مبتدئة في تعلم اللغة العربية التي اخترتها بالإضافة إلى الإسبانية والإنجليزية الإلزاميتين في اختصاصي”. وتقول “شكراً، صباح الخير، صباح النور”؛ فيما تقول لورا كلمات بالعربية تعلّمتها من زميلاتها باللغة المحكية ومنها “خلص”، و”شكراً”. العودة يهم حسناء إلى درجة كبيرة أن تقيم في الإمارات بعد التخرج والعمل، وتقول: “العالم الشرقي يجذبني أكثر من العالم الغربي، وذلك بديهي كوني مسلمة وما أعيشه يشبه تماما حياتي العادية”. وتضيف: “من دون شك، أفتقد لأشياء متوفرة أكثر في بلدي، مثل السير في الطرقات وصعود الجبال، إنما أجد أن ثمة الكثير في الإمارات لم أكتشفه بعد خصوصاً أنني لم أجد أية صعوبة في التأقلم في هذا البلد. والمكان المفضل عندي هو “كاسر الأمواج” إلى جانب المارينا مول، فأنا أحب كثيراً البحر كوني كنت أقيم على شاطئ البحر، أذهب هناك وأحيانا أدخل إلى مقهى في المكان ذاته مطل على البحر”. ديليتا لا تمانع في العودة إلى الإمارات للعمل على مشروع معين ولكنها تفضل الإقامة في بلدها، في حين أن لورا لا تعرف إذا كانت ستحب العودة أم لا. أوقات الفراغ فرصة للاكتشاف تقول ديليتا عن المشاريع الترفيهية التي قامت بها وزميلاتها، ومنها سفرهنّ إلى عمان وتنظيم رحلة الى الصحراء في الإمارات فرحن بها على الرغم من عدم تحضيرهن الكافي والمدروس للرحلة الأخيرة. لمست ديليتا جوانبا إيجابية كثيرة من تواجدها في أبوظبي، وتقول: “أخبرت أهلي حين زرتهم في عطلة الأعياد عن الجانب الإيجابي في حياتي في أبوظبي، وفي الواقع أحمل في جعبتي الكثير الذي يمكن اطلاعهم عليه إلى درجة وجدت فيها نفسي لم أتحدث كثيراً عن الموضوع. إنما أطلعت أصدقائي وزملائي عن تجربتي ولمست فضولا لديهم لمعرفة التفاصيل التي وفرتها لهم، ومن الطالبات من شعرن بالندم لعدم تقدمهن لمنحة للقدوم إلى أبوظبي، فليس ممكناً أن تعرف بلداً من خلال البطاقات البريدية، وكوني جئت وأقمت هنا بات لدي تجربتي الأكثر واقعية مما نسمع به أو حتى نقرأ عنه، وكان بوسعي تقديم صورة أوضح لهم خصوصاً أنني أنا أيضاً كان لدي صورة نمطية سرعان ما زالت من ذهني عبر معايشة الواقع”. وتضيف: “ربما يعرف البعض شذرات عن دبي كونها أكثر تداولاً كإمارة في الأخبار العالمية، لكن هناك أيضاً أبوظبي الجديرة فعلاً بالاهتمام إلى درجة قد أعود فيها إلى هذه المدينة بعد تخرجي، ربما للعمل على مشروع محدد، ولكن ليس للإقامة الدائمة. ثمة روائع من الممكن اكتشافها في أبوظبي، ولا أزال اكتشف يوميا هذه المدينة”. وتواجد لورا في أبوظبي جعلها تدرك “أهمية التعرف على ثقافات أخرى وإجراء تبادل مع هذه الثقافات بعيداً عن الصور النمطية التي يشكلها كل منا عن الآخر”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©