الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شطب كوريا الشمالية من القائمة ... خطوة في لعبة بطيئة

شطب كوريا الشمالية من القائمة ... خطوة في لعبة بطيئة
13 أكتوبر 2008 23:47
لا شك في أن الكثيرين سينتقدون قرار إدارة ''بوش'' بشطب كوريا الشمالية من قائمة الدول الراعية للإرهاب هذا الأسبوع، رغم اعتراضات حليف أميركا الوثيق اليابان؛ والإجراء الأميركي بهذا الشأن يمثل في نظر هؤلاء محاولة يائسة أخيرة من قبل إدارة تتحرق شوقا لتحقيق أي إنجاز؛ والسؤال هنا: هل يمكن للرئيس بوش الذي لا يزال يترنح من تأثير الانهيار المالي في بلاده، ويعاني من سوء الحظ العاثر في العراق أن يرضخ في النهاية أمام تهديدات كوريا الشمالية، ويقوم قبل الآوان بشطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو الذي كان يعتبرها في السابق جزءا من محور الشر؟ ربما يكون الأمر كذلك بالفعل؛ ولكن يجب أن نؤكد هنا أيضا أن هناك عوامل أخرى كان لها دور في اتخاذ هذا القرار الخطير وأنه مهما كان الأمر فإن الإدارة الأميركية القادمة سوف تحصد ثمار هذه الخطوة· وشطب اسم كوريا الشمالية، يأتي بعد أسبوعين من التجارب الصاروخية، والجرعات الكلامية النارية من قبل ''بيونج يانج'' التي أقدمت كذلك على طرد المفتشين الدوليين من المنشآت النووية التي كانت قد أغلقتها من قبل؛ ويقول المراقبون إن إجراء أي اتفاق الآن مع الزعيم الكوري الشمالي الذي أصيب بسكتة دماغية مؤخرا سوف يبدو وكأنه استسلام، ويؤكدون أن المحاولة الأخيرة المستميتة التي بذلها كبير المفاوضين الأميركيين ''كريستوفر هيل'' من أجل كسر جمود المفاوضات تعكس مأزقا جوهريا تواجهه الولايات المتحدة فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال المفاوضات مع كوريا الشمالية والجنوبية واليابان والصين وروسيا· والولايات المتحدة تواجه بشكل دائم خلال تعاملها مع كوريا الشمالية موضوع ''المعقولية النسبية''؛ فكل اتفاقية يتم التوصل إليها في نطاق المحادثات السداسية يتم التفاوض بشأنها بعناية فائقة، ويحرص المشاركون فيها على تحديد التنازلات التي سيقدم عليها كل طرف والتنازلات المقابلة التي سيقدمها له الطرف الآخر، كما يتم أيضا تحديد أجندات العمل، وتوقيت كل خطوة، وكذلك المكافآت الفورية التي سيحصل عليها كل طرف مقابل إنجاز تلك الخطوة، والجزاءات التي ستترتب عليه إذا ما خرج عنها؛ ولكن ما كان يحدث في كل مرة أن ''بيونج يانج'' كانت تعود لتطالب بأكثر مما تستحق، أو تفعل أقل مما هو مطلوب منها؛ وعلى رغم أن الجميع يوافقون على أن كوريا الشمالية تتسم بعدم ''المعقولية النسبية'' في تصرفاتها، فإنهم يدركون أيضا أن أي إخفاق في المباحثات سوف يؤدي إلى خلق أزمة جديدة، أو تسريع حدوثها· فجوهر المعضلة الحالية على سبيل المثال، هو ذلك الإدعاء الزائف من جانب كوريا الشمالية، بأن أعلانها عن تفكيك برنامجها النووي في شهر يونيو الماضي، كان كافيا في حد ذاته لجعل الولايات المتحدة تقدم على شطب اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وأن التأكد من صحة إدعائها في هذا الشأن من قبل المفتشين الدوليين لم يكن جزءا من الاتفاق؛ فالكوريون الشماليون كانوا يدركون جيدا الحاجة للتدقيق اعتبارا من البيان المشترك عام 2005 ( اتفاقية خريطة الطريق) وما تلاه من اتفاقيات؛ ومع ذلك، وعلى الرغم من الغضب الشديد الذي تشعر به تلك الأطراف -بسبب التملص الكوري الشمالي من تنفيذ الالتزامات ومحاولتها النكوص عما كانت تعهدت به- إلا أنهم كانوا ينتهون بالضغط على الولايات المتحدةـ وهم يعرفون تماما أن ''بيونج يانج'' على خطأ؛ وهم بذلك كانوا يتجاوزون حدود العدل والإنصاف لكنهم كانوا يعرفون أن تلك هي الفرصة الوحيدة لإحراز تقدم على مسار المفاوضات، وأن التعويل في ذلك على ''المعقولية النسبية'' الأميركية في مقابل ''عدم المعقولية النسبية'' الكورية الشمالية· إن ذلك التعويل بشكل خاص كان يمثل عنصرا مهما في الموافقة الأميركية الأخيرة على شطب اسم كوريا الشمالية من قائمة الدول الراعية للإرهاب؛ خلاصة القول، إن أي مرونة أميركية إضافية تبديها الولايات المتحدة في نطاق المباحثات مع كوريا الشمالية، يتم النظر إليها على نطاق واسع في المنطقة -باستثناء طوكيو- على أنها دليل على القيادة الأميركية وليس كما ينظر إليه البعض في واشنطن أنه يشكل دليلا على اليأس والضعف في آن· في مقابل رفــــع اسمهــــا من قائمــــة الدول الراعية للإرهـــاب، وافقت كوريــــا الشماليـــــة على القيام فورا باستكمال تفكيك منشآتها النووية، كما وافقت على السماح بإجراء تفتيش على منشآتهــــــا النووية المعلنة، والسماح ببعض ''الاجراءات العلمية'' -أخذ عينات من المواد- بالإضافة إلى إجراء مقابلات مــــع العلمـــــاء النوويين الكوريين الشماليين، ومراجعــــة الوثائـــــق النوويـــــة· وعلى الرغم من أن أحدا لا يمكن أن يضمن أن كوريا الشمالية لن تتراجع عن تعهداتها مرة أخرى، إلا أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها سوف تضمن على الأقل أن ''بوش'' سوف يترك لخليفته في المنصب بقايا عملية تفكيك نووي قابلة للتنفيذ، عوضا عن أن يترك له أزمة نووية كاملة الأوصاف والحقيقة أن الحيلولة دون استمرار كوريا الشمالية في السير قدما على طريق التجارب النووية والصاروخية، لا يمثل عزاء كاملا لأولئك الذين كانوا يعتقدون أننا يجب أن نحل هذا المأزق بالتوقف عن التفاوض نوويا مع النظام الكوري الشمالي، والعمل بدلا من ذلك على خنقه ماديا حتى يتهاوى، وخصوصا وأن قائده يعاني من التدهور الصحي· بيد أن هؤلاء ربما لا يدركون أن التخلص من النظام قد يكون أمرا مكلفا للغاية، وأن توقع أن يقدم على التخلي الكامل على الأنشطة النووية وتسليم كل ما لديه ليس بالشيء الممكن؛ وإذا ما حافظت كوريا الشمالية على كلمتها فإن ''ماكين'' أو ''أوباما'' سيرثان وضعا سيكون فيه الخبراء الأميركيون والدوليون موجودين بالفعل على الأرض في كوريا الشمالية، ولديهم القدرة على معرفة المزيد عن أسرارها، مع القيام في نفس الوقت بتفكيك قدراته النووية؛ وبهذا المعنى فإن الخطوة التي أقدم عليها بوش ليست خطوة يائسة أخيرة قرب نهاية ولايته كما يعتقد البعض، وإنما تعني في الحقيقة أننا أنجزنا حركة في لعبة شطرنج تمضي ببطء شديد· فيكتور تشا مدير الدراسات الآسيوية في جامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©