الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بذور السلام

13 أكتوبر 2008 23:49
ما زالت إسرائيل في الذكرى الستين لتأسيسها قلقة حول بقائها؛ فحتى بوجود الأسلحة النووية وأقوى جيش في الشرق الأوسط، تبقى الدولة العبرية خائفة قلقة؛ وكذلك يقلق الزعماء الإيرانيون حول مستقبل إدارتهم، حتى بينما تقترب الدولة من الذكرى الثلاثين لثورتها الإسلامية· فإسرائيل تخاف من أي تهديد محتمل، بغض النظر عما إذا كان آتياً من حماس أو حزب الله أو المجموعات الإسلامية السياسية· كما بدأت كذلك تخاف من التركيبة السكانية المتحولة، حيث تزيد معدلات الولادة كثيراً بين الفلسطينيين عن معدلاتها عند اليهود؛ ولكن بالدرجة الأولى، ترى إسرائيل أن التهديد آتٍ من إيران· من ناحية أخرى، تشعر إيران بالتهديد من طرف قوة خارجية قد تعكس اتجاه ثورتها؛ إذ يقاوم المحافظون المتدينون في إيران الإصلاحيين حسب رؤيتهم لهم، والذين حصلوا على الدعم في العديد من المناسبات من الولايات المتحدة، ولذا فالمحافظون في إيران، ورثة للثورة، يواجهون كذلك احتمالات رؤية نظامهم يستبدل من قبل أتباع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي· تتشارك إيران وإسرائيل بشعور من العزلة، تتكون إسرائيل من أقلية عرقية دينية (يهودية) في شرق أوسط غالبيته من العرب والمسلمين· بالمثل، تشكل حكومة إيران أقلية عرقية دينية ''شيعة إيران'' تحيط بهم دول سنية· ولا يعلم سوى قلة أن إيران تضم أكبر عدد من اليهود في الشرق الأوسط خارج إسرائيل، إذ يوجد فيها ثمانون كنيسا يهوديا -11 منها في طهران-، والعديد من المدارس العبرية، كما أن هناك 25 ألف يهودي مصممون على البقاء، لأنهم فخورون بثقافتهم الإيرانية مثل فخرهم بجذورهم اليهودية· يتوجب على إيران وإسرائيل أن تتوقفا عن كتابة الطروحات عن الآخر على أنه ''العدو''· ترى إسرائيل أحمدي نجاد على أنه تهديد، بينما يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أن شرور العالم كله تنبع من إيران؛ وتبدو هذه المواقف سوداء وبيضاء أكثر مما هو ضروري، كما يقوم الطرفان بنشر الخوف لدى شعوبهما في الوقت الذي يتوجب عليهما فيه بالتأكيد تشجيع التضامن، وذلك من خلال رفض الطرح العدواني، إذ يتوجب على الدول العمل على بناء تواصل أفضل بين مجتمعاتها، حتى يتسنى للشعبين إيجاد أرضية مشتركة من التفاهم· يبدو الإيرانيين أقل اهتماما بطروحات ''أحمدي نجاد'' من اهتمامهم باحتياجات بلدهم الملحّة؛ ففي آخر تصريح له، انتقد ''حسن روحاني'' -مستشار خاتمي الأمني- بشدة سياسات ''نجاد'' وهاجمه لأنه قام ''بتدمير كرامة الشعب الإيراني إضافة إلى تفقيره''؛ ومن الأرجح أن تصبح هذه الانتقادات متكررة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2009؛ لقد أصبح الاقتصاد وليست فلسطين هي القضية ذات الأولوية القصوى للشعب الإيراني؛ إذ لا يدعم أفراد الجيل الجديد في إيران وإسرائيل، الذين يتطلعون قدماً لمستقبل أفضل، قرع طبول الحرب فهي طبول لا تؤدي إلا إلى حرب تدمر الدول وتخنق التطور في أرجاء الشرق الأوسط؛ فلا يمكن لأية دولة أن تربح، فالجميع خاسر· ولكن ما الذي يمكن أن ينقذ إسرائيل وإيران من بعضهما؟ بذور السلام فقط التي تكمن ساكنة في كلا الدولتين، في الشعبين، فإنها بذور تحتاج لأن تستثمر من خلال تبادلات بين المجتمع المدني، بين الطلبة والمفكرين والعلماء والأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات بل وحتى رجال الدين، حيث يتشارك الطرفان في تجاربهما في محاربة التحديات المشتركة· يحتاج الزعماء في كلا البلدين لأن يهتموا بهذه البذور حتى تنتشر وتنمو؛ فهذا هو دور الذين يريدون إنقاذ شعوبهم وتراثهم وفي الوقت نفسه بناء مستقبل للأجيال القادمة· أنتوني زيتوني باحث في مجال حل النزاعات ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومن جراوند الاخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©