الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليونان: المشاركة الأولمبية ووطأة الأزمة المالية

30 ابريل 2012
من المعروف أن اليونان القديمة هي التي اخترعت الألعاب الأولمبية، وأن رياضييها كانوا حريصين دوماً على المشاركة في دوراتها عبر السنين، ولكن اليونانيين المعاصرين يجدون أنفسهم مع ذلك في وضع يدفعهم لبذل قصارى جهودهم من أجل المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية القادمة التي ستعقد في العاصمة البريطانية لندن. قبل أسبوعين ونصف الأسبوع فقط على تاريخ إشعال الشعلة الأولمبية المحدد له العاشر من مايو في" أولمبيا" القديمة، والذي يمثل بداية العد التنازلي الرسمي لافتتاح دورة الألعاب الأولمبية التي ستنطلق في أواخر شهر يوليو القادم، تمضي الاستعدادات الأولمبية في اليونان بخطى بطيئة، ومترددة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها في الوقت الراهن، والإجراءات التقشفية التي تتبعها حكومتها والتي طالت كافة المجالات بما فيها المجال الرياضي. ففي الوقت الراهن تحاول كل من الحكومة والرياضيين تدبير الأموال التي تكفي لتغطية نفقات إرسال فريق متواضع للمشاركة في دورة لندن. يقول" ديميتريس إيفانجيلوبولوس" مدرب الفريق الوطني اليوناني لألعاب القوى: "لدينا تأكيدات من الحكومة بأننا سنشارك، ولكن المعضلة التي نواجهها هي كيف يمكننا التدريب تحت قيود التقشف؟". وكان اتحاد ألعاب القوى اليوناني قد علق المسابقات المحلية، بسبب الاستقطاعات من ميزانيته والتي وصلت إلى الثلث تقريباً من ميزانيته السنوية البالغة 10 ملايين دولار تقريباً .وتلك الاستقطاعات تركت الاتحاد الذي يمثل 20 ألف رياضي تقريباً في حالة عجز عن سداد رواتب العشرات من المدربين والأطقم المساعدة لهم على مدار الشهور العشرة الأخيرة. والوعود بمكافآت سخية، وبمنح وظائف حكومية للرياضيين الذين يلتزمون بالتدريب والتي كانت تقدم عادة قبل الدورات الأولمبية السابقة، جرى إلغاؤها هذا العام في نطاق سياسة التقشف الحالية. وفي نطاق هذه السياسة أيضاً تم تخفيض ميزانية كانت مخصصة لتنشئة جيل من الألعاب الأولمبيين المستقبليين بمقدار النصف تقريباً. لم تتخلف اليونان قط من قبل عن المشاركة في أي دورة من الدورات الأولمبية الصيفية أو الشتوية التي عقدت منذ الأحياء الحديث للألعاب الأولمبية في العاصمة أثينا عام 1896، على الرغم من أن الأحوال المالية في البلاد في ذلك العام، كانت في وضع مقلق. فقبل ذلك التاريخ بثلاثة أعوام كانت اليونان قد أعلنت عجزها عن سداد الديون المستحقة عليها، وتخلت بالتالي عن حقها في السيطرة على خزانتها للجنة من الخبراء التكنوقراط الأوروبيين الذين تم تعيينهم من قبل الدول الدائنة. والآن، وبعد هذا التاريخ بـ 116 عاماً، تتعرض اليونان لأزمة مماثلة حيث وجدت نفسها مضطرة للموافقة على حزمتي إنقاذ مالي دوليين، وللقبول مرة أخرى بمراقبة الخبراء التكنوقراط الأوروبيين لميزانيتها العامة. ولكنها، وكما فعلت في الماضي، مطالبة بأن تتغلب على صعوباتها من أجل المشاركة في الدورات التي كانت هي من عرّفت العالم بها، لأن عدم المشاركة- كما يقول المسؤولون- في الدورة التي ستعقد في الصيف في لندن سيكون بمثابة وصمة عار على تاريخها الرياضي العريق. ولكن الطريق للندن يبدو طويلاً. فالاستادات الأولمبية الأنيقة ومنشآت التدريب المتخلفة عن الدورة الأولمبية التي عقدت في اليونان عام 2004 باتت الآن في حالة متردية نتيجة الافتقار إلى الصيانة والاهتمام بسبب الاستقطاعات الكبيرة في النفقات الخاصة بذلك. وكان ذلك يعني أن أبرع الرياضيين الأولمبيين اليونانيين لم يكن أمامهم من وسيلة سوى التدرب في ظروف سيئة بسبب نقص وسائل التدفئة، وانقطاع الماء الساخن في الصالات المغلقة خلال فصل الشتاء الماضي نتيجة لسياسات الترشيد والتقشف. عن ذلك يقول "كرياكوس شوندروكوكيس" والد بطل القفز العالي اليوناني العالمي "ديميتريوس شوندروكوكيس" واصفاً سوء حالة منشآت التدريب:" إن الأمر ليبدو وكأننا قد عدنا للقرن التاسع عشر". وقد منع " شوندروكوكيس" الكبير أي سياسي يوناني من حضور مراسم الترحيب الاحتفالية بابنه بعد عودته مظفراً من بطولات العالم للصالات المغلقة. وقال مبرراً ذلك:" إن أي إنجاز يتحقق من قبل أي رياضي يوناني هذه الأيام هو ثمرة جهد خارق ومعجزة أسطورية، ويكفي هذا لتبيان مدى صعوبة الظروف التي تواجهها الرياضة في بلدنا بشكل عام". ولكن" بانايوتيس بيتساكيس" وزير الرياضة اليوناني يقول إن اليونان ستفتخر "بمشاركة أصغر حجماً ولكنها ستحظى بالاحترام مع ذلك وتتكون من عدد يزيد على 100 رياضي في لندن". وقال الوزير في محادثة هاتفية أجريت معه "إن الأكثر أهمية من ذلك أن كافة احتياجات التمويل للألعاب القادمة سيتم توفيرها". ولكن اليونان التي تزهو بتقاليدها الرياضية العريقة، تواجه ما يصفه المعلقون الرياضيون بعقبة قد تؤثر سلباً على فرصها التنافسية لسنوات قادمة، تتمثل في أن البلاد قد حرمت من حقها في تنظيم دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي ستعقد في عام 2013، بسبب المشكلات المالية التي واجهتها الحكومة وعدم قدرتها المحتملة على تنظيم دورة ناجحة. ومما زاد الطين بلة أن اللجنة المنظمة قررت تكليف تركيا، عدو اليونان اللدود بتنظيم هذه الدورة. "إنه لشيء يمزق نياط القلب" كان هذا ما قاله"إيفانجيلوبولوس" مدرب المنتخب الوطني لألعاب القوى الذي سبقت الإشارة إليه. ولكنه يضيف بنبرة تصميم" ومع ذلك فإن أبطال اليونان سيتغلبون على الأوضاع الحالية القاسية، وسيتمكنون من التواجد والمنافسة في لندن بطريقة أو أخرى". أنزي كاراسافا أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©