حدائق الطوب الأحمر.. أصالة ممزوجة بالحداثة

كم من لقطة مرت علينا ورسخ وقعها بالذاكرة، تلك الصور لحدائق استوحت تصميمها من الطبيعة بموادها وأشكالها التي تعكس طبيعة الريف الساحر بهدوئه وبساطته وكأنك تعيش دوراً سينمائياً تتمنى على المخرج أن يبقي اللقطة فترات أطول كي تتنعم بحلاوة الجو وتعيش أجواء البساطة ولو لمرة في حياتك. نعم هي حدائق الطوب الأحمر... دفء المكان وسكون الأجواء. رمز القوة والعظمة شاع استخدام هذا التصميم في “حدائق بابل المعلقة”، وما أدراك بحدائق بابل التي كانت إحدى العجائب السبع في العالم قديماً، فبابل عرفت بحضارتها وقوتها عبر مر العصور، وقد تفنن مبدعوها في تصميم هندسة معمارية شهد لها الجميع بجمالها ودقتها المتناهية، حيث تم تصميم تماثيل الآلهة على مراكب رسمية في قوارب مزدانة بالذهب ومختلف أنواع الأحجار الكريمة، تمر على امتداد طريق الموكب الذي كان يرتفع نحو 40 قدماً فوق مستوى السهل، وكان يكسوه بلاط من الرخام بحجم ثلاث أقدام مربعة. و كان الطريق بعرض 75 قدماً، تحف به من الجانبين أسوار عالية مكسوة بقرميد ذي ألوان زاهية براقة..وحدائق من الطوب الأحمر توحي بقوة وعظمة هذه المدينة الراقية، وقد كتب على الجانب السفلي لكل بلاطة من بلاط هذه الحدائق عبارة: “ أنا نبوخذ نصر، ملك بابل، وأنني رصفت طريق بابل بالأحجار من أجل موكب الإله الكبير مردوك. يا الهي مردوك.. امنحنا الحياة الأبدية “. بين الأصالة والحداثة أما في وقتنا الحالي، فأصبح استخدام حدائق الطوب الأحمر دليلاً على الذوق العالي والرقي في التصميم، وكثيراً ما يوحي أن صاحب البيت أو الحديقة يحن لأجواء الريف أو بعبارة أخرى يبحث عن الاستقرار والهدوء ويتحاشى الضوضاء والإزعاج اللذين تتميز بهما المدينة، وفي الوقت نفسه فإن اختياره لهذا التصميم من الحدائق يدل على شخصيته التي تمزج بين الأصالة والحداثة عن طريق التزاوج بين المواد الطبيعية من أحجار وطوب أحمر وديكورات حديثة من طاولات وكنبات عصرية. مشايات حديقة الطوب يستخدم لمثل هذه الأنواع من الحدائق طوب أحمر وآجوري اللون، حيث يتم وضع القطع بشكل دقيق واحدة تلو الأخرى على شكل صفوف، وعلى حسب ذوق الشخص وخياله، فإنه يرسم مجموعات كأنها شتلات دائرية أو مربعة أو أي كان شكلها الهندسي، ويزرعها في الوسط بمختلف أنواع الزهور والورود، كالبنفسج والأقحوان، والنرجس والياسمين، إضافة إلى شجيرات صغيرة تزيد الحديقة جمالاً وتمنح المكان خضرة ناصعة وألواناً زاهية تريح العين والنفس، أما المشايات فيمكن استخدام واحد من الأنواع الثلاثة التالية التي تتماشى مع الحديقة وهي: مشايات الطوب (Brick walks): عند تصميم هذا النوع من المشايات في الحديقة، يتم وضع طبقة من الطوب المكسر، ليتم بعدها وضع طبقة الطوب النهائية بالألوان المختارة والتي تتماشى مع طراز الحديقة، لا بد من الإشارة هنا أنه يجب أن يتم اختيار الطوب ذي النوع الخشن والذي يبرز جمال الأزهار والورود أكثر، عكس الطوب الناعم الذي يحد من جمالها ويجذب الأنظار إلى لمعانه وملمسه الناعم، إضافة إلى كون الطوب الخشن له مسامية أعلى من الطوب الناعم، وبالتالي تصريف مياه الري الزائدة أو مياه الأمطار بطريقة أمثل. مشايات القرميد (Tiled walks): يمكن كذلك استخدام هذا النوع من المشايات في مثل هذه الحدائق، حيث تستخدمه الحدائق ذات النظام الإيطالي الذي يعتبر من أجمل أنواع المشايات، إلا أن عيبه هو اعتماده على استخدام القرميد كعنصر أساسي ذي التكاليف المرتفعة وسهولة الكسر العالية. المشايات المركبة (Composite walks): يتم استخدام أكثر من عنصر في هذا النوع لتكوين رسم أو تصميم معين للحديقة، حيث يتم ترتيب الحصى والطوب الأحمر بشكل دقيق يزيد من جمال وسحر الحديقة. حفلات الشواء تعتبر حديقة الطوب الأحمر مكاناً مثالياً لدعوة الأصدقاء والأحباب إلى المنزل، حيث إن موقد الشواء المكون من الطوب الأحمر أساساً يزيد من روعة الحديقة إضافة إلى جمال ديكوراتها ونباتاتها المزروعة بداخلها، وتلك الشجيرات المصطفة على حوافها تدل الزائر إلى مكان اللمة وتقوده إلى حيث انبعاث رائحة الشواء الزكية ومناظر الطبيعة البهية، أما في المناسبات الخاصة بين الزوجين كذكرى الزواج أو أعياد الميلاد فهي أحسن مكان للأجواء والطقوس الرومانسية.