الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ثورة في عالم القطارات السريعة بعد التجربة الصينية

ثورة في عالم القطارات السريعة بعد التجربة الصينية
28 ديسمبر 2009 20:22
سجلت الصين السبت الماضي اسمها باعتبارها الدولة التي تمتلك أسرع قطار في العالم على الإطلاق، عندما أطلقت العمل في قطارها الجديد “هارموني” Harmony الذي يمكنه السير بسرعة 350 كيلومتراً في الساعة. وتمت عملية الإطلاق في محطة القطارات الرئيسية لمدينة ووهان عاصمة إقليم هوباي وسط البلاد، حيث انطلق القطار باتجاه مدينة جوانزجهاو الصناعية التي تبعد مسافة 1069 كيلومترا فقطع المسافة خلال 3 ساعات بعد أن كانت تستغرق سبع ساعات ونصف الساعة في القطارات التقليدية. بهذا الإنجاز الكبير، يكون الصينيون قد نجحوا بالفوز في سباق القطارات السريعة الذي تتنافس فيه دول أوروبا واليابان وأميركا منذ أكثر من عشر سنوات. استثمارات هائلة يقول المحلل الاقتصادي توم ميتشيل في تعليقه على هذا الحدث في مقال نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن هذا التطور اللافت الذي سجله الصينيون يعطي فكرة عن الاستثمارات الهائلة التي توظفها الدولة في بناء وترقية البنى التحتية فضلاً عن العوائد الاقتصادية والتجارية الهائلة التي ينطوي عليها إطلاق مثل هذا القطار المتطور. ويقطع القطار المسافة بين مدينتي ووهان وجوانزجهاو 56 مرة في اليوم ليشكل بذلك جسراً برّياً لا تنقطع فيه الحركة. وقال زينج تيانكسيانج الخبير الصيني في إنشاءات البنى التحتية في تعليقه على هذا الحدث: “كثيراً ما كانت الحكومة الصينية تركّز على بناء وتشييد الطرق السريعة؛ إلا أننا سرعان ما لاحظنا أن هذا التوجّه يمكن أن ينطوي على فوائد عظيمة في دول مثل الولايات المتحدة؛ فالطرق السريعة لا تنطوي على الكثير من الفوائد بالنسبة للصين التي تضم أعداداً هائلة السكان. وكان من الواضح أن علينا الاستفادة من التجارب الناجحة لليابانيين والأوروبيين في بناء القطارات السريعة”. وتجدر الإشارة إلى أن السرعة القصوى لكل من قطار الرصاصة الياباني الذي يدعى “شينكانسن” وقطار “تي جي في” الفرنسي تبلغ 300 كيلومتر في الساعة. ووفقاً لتقارير رسمية نشرتها الصحف الصينية الحكومية، فإن مجمل تكلفة القطار الجديد مع السكة والمحطات والمنشآت الخدمية، بلغت 17 مليار دولار (62.39 مليار درهم) واستغرقت عمليات البناء والتطوير أربع سنوات ونصف. وتم بناء المحطات وفقاً لتصميم محطات القطارات والمترو الفرنسية. وتم تحديد سعر التذكرة درجة أولى بين المدينتين بمبلغ 115 دولاراً، و60 دولاراً للدرجة الثانية. وعبّرت شركات الطيران الصينية التي تمتلك الدولة معظمها كحال القطارات، عن مخاوفها من أن يؤدي إطلاق هذا القطار إلى إلغاء عدد كبير من الرحلات الجوية الداخلية خصوصا بين المدن الواقعة على الخط. مشروع أميركي وللمقارنة، يذكر أن القطارات السريعة في الولايات المتحدة ما زالت بعيدة عن بلوغ الرقم القياسي في السرعة. ومن أشهرها “قطارات أسيلا إكسبرس” التي تنطلق من مدينة بوسطن لتعبر مدن نيويورك وفيلادلفيا وبلتيمور وواشنطن بسرعة متوسطة تبلغ 109 كيلومترات في الساعة، ويمكنها الانطلاق بسرعة قصوى تصل إلى 240 كيلومتراً في الساعة. وتعمل الولايات المتحدة الآن على تطوير أضخم قطار في العالم يسيّره الكمبيوتر، ويوجهه نظام تحديد الموقع. ووصف خبراء هذا القطار بأنه يمثل ثورة كاملة في عالم النقل البرّي. ولا غرو أن يطلق عليه البعض اسم (آلة المستقبل) القادرة على نقل عشرات آلاف الأطنان من البضائع دفعة واحدة على طول سكك خاصة يمكنها أن تتحمل وزنه الكبير. وهو موجّه بالكمبيوتر بحيث لا يبقى أمام سائقه إلا مهمة المراقبة من دون الحاجة للتدخل في تغيير مساره عند المنعطفات أو تقاطعات السكك. ويتولى نظام تحديد الموقع الذي يعمل بالاتصال مع الأقمار الاصطناعية إرسال الإشارات المستمرة إلى محطة المراقبة حول مكانه وسرعته في أي لحظة. والقطار مدفوع بمحرك جبّار جديد تماماً وصف بأنه يرسي معايير جديدة وغير مسبوقة من حيث الفعالية والانخفاض النسبي في استهلاك الوقود. ويذكر المؤرخون أن الحركة التنموية في الولايات المتحدة كانت دائماً رديفة التطورات التي تطرأ في مجال النقل بالسكك الحديدية. ومع حلول عقد السبعينات من القرن الماضي، بدا وكأن هذه الصناعة بدأت تشهد مراحل انهيارها وتقوضها، ولكنها عادت اليوم إلى واجهة الأحداث وباتت تشهد تطوراً ثورياً حقيقياً. ويقول جراي وولف صاحب شركة تعنى بتحليل حوادث المرور في الطرق العادية والسكك الحديدية: “لقد شهدت صناعة النقل بالقطارات تطورات ابتكارية ضخمة دون أن يلاحظها الناس”. ومن هذه التطورات أن النقل بالسكك الحديدية أصبح من القطاعات التي يتحكم فيها الكمبيوتر بشكل كامل تقريباً، كما شهدت تطورات كبيرة من حيث زيادة الفعالية الميكانيكية للقطارات. وترافق ذلك مع زيادة مطردة في سرعة الأداء وانخفاض تكاليف نقل البضائع. وتذكر إحصائيات حديثة أن نحو 42 بالمئة من صناعة النقل في الولايات المتحدة تتم عن طريق السكك الحديدية، وأن ملايين الأطنان من البضائع يتم نقلها كل يوم بواسطة القطارات. ومما يبرر ذلك أن نقل البضائع بواسطة القطارات يستهلك ثلث الوقود الذي يتطلبه نقلها بواسطة الشاحنات. ولا شك أن القطار الجديد سوف يثبت أن كل القطارات التي سبقته أصبحت جزءاً من الماضي. وتتفق الآراء على أن القطار الجديد سيضع حداًَ لمشكلة النقل برمتها. ويتم بناء القطار تحت سقف مركب ضخم تبلغ مساحته 3.8 مليون قدم مربع (380 ألف متر مربع) تابع لشركة جنرال إلكتريك بولاية بنسلفينيا ويعمل فيه مئات المهندسين والكهربائيين والمتخصصين بتركيب وفحص التجهيزات والأدوات. وتعد القاطرة “إفوليوشن” المتخصصة بدفع القطار الأقوى في تاريخ القاطرات، وهي مصممة بحيث تستجيب للشروط العالمية لحماية البيئة من حيث انخفاض معدل انبعاث الغازات الضارة منها، وتتضمن محركاً ضخماً يتألف من 12 أسطوانة. ويقول الخبراء إن المحرك الجديد سوف يستهلك من الوقود خلال فترة عمله كلها أقل بنحو 800 ألف لتر من المحركات التي سبقته بالرغم من أنه أقوى منها جميعاً. ويعمل المهندسون على ابتكار نظام هجين مساعد يسمح بالاستفادة من طاقة الكبح الضائعة بعد تحويلها إلى طاقة كهربائية. وتشكو حركة النقل بالسكك الحديدية في الولايات المتحدة من مشكلة تنظيم تدفق القطارات التي يبلغ عددها أكثر من 2000 قطار على السكك دون اصطدامها ببعضها البعض. ويقتضي الحذر الشديد من الكوارث إبطاء القطارات في العديد من العقد المرورية. وتتلخص الحلول التقنية المقبلة بالتحكم بحركة القطارات كلها بواسطة الحواسيب ونظام تحديد الموقع. وهذا القطار الجديد يعتمد هذه التقنيات بنسبة مئة بالمئة. عن صحيفة (فاينانشيال تايمز) ومجلة “(بوبيولار ميكانيكس)
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©